لم يستأنف «بطل» عملية القرصنة الإلكترونية الأكبر في تاريخ لبنان المدعى عليه خليل الصحناوي قرار رفض إخلاء سبيله، الذي أصدره قاضي التحقيق في بيروت أسعد بيرم، قبيل مغادرته البلاد في زيارة عمل ضمن وفد رسمي، نيابي وقضائي، إلى الولايات المتحدة الأميركية. الجلسة المقبلة حُدِّدت في الخامس من الشهر المقبل، بعد إحالة ملف التحقيق إلى مديرية المخابرات في الجيش. معطيات التحقيق تكشف عن فضيحة هزال نُظم الحماية لمؤسسات الدولة الرسمية وانعدامها أحياناً. أما الفضيحة الأكبر، فتتمثل بحجم ونوعية الخرق المرتكب والداتا التي يُشتبه في أن صحناوي سرقها، وقدرته على التلاعب بأسس يُحرّم المساس بها، مترافقة مع صمت غير مسبوق من الأجهزة الرسمية والمسؤولين، على رغم وجود أدلة دامغة على حدوث الاختراقات الشديدة الخطورة. فالتقارير الفنية الثمانية التي كتبها محققو فرع المعلومات في قوى الأمن داخلي، وبعثوا بها إلى القضاء، تكشف بالدليل القاطع حصول جناية تخريب منشآت الدولة الرسمية وتعريض الأمن القومي للخطر الشديد. ماذا يعني أن يمتلك مواطن القدرة على تغيير مضمون النشرة الجرمية لمواطنين آخرين؟ أن يمتلك قدرة محو السجل الجرمي لمجرمين أو إضافة جريمة لبريء؟ فخليل صحناوي، بحسب ما هو وارد في اعترافاته، امتلك القدرة على تنظيف سجل أي مواطن بكبسة زر، مع ما يستتبع ذلك من احتمالات لا تعد ولا تحصى. لعلّ أبرزها أن يتيح للمرتكب، بعد تنظيف سجله، أن يغادر البلاد، أو أن يُتيح لمجرم مطلوب أن يدخل البلاد! وما تقدّم متاح له من دون ترك أي أثر إلكتروني، تماماً كقدرته على التلاعب بداتا الاتصالات في أوجيرو! غير أن الصحناوي زعم بأنه لم يستخدم هذه القدرة التي أتاحها له المقرصنون الذين عملوا لحسابه. «كلمة شرف» قالها للمحققين بأنه لم يفعل ذلك! ربما لم يقترف صحناوي شيئاً من ذلك، لكن ألا يوجد احتمال كبير أن يكون من سلمهم الصحناوي هذه الداتا والإمكانية، فعلوا ذلك؟ لقد تضمن التقرير رقم واحد الذي رفعه المحققون لقاضي التحقيق شرحاً عن مجموعة ملفات عُثر عليها لدى صحناوي.
عثر في حوزة صحناوي على معلومات تخص مشتركين في شركتي ألفا وأم تي سي عثر في حوزة صحناوي على معلومات تخص مشتركين في شركتي ألفا وأم تي سي

وهذه الملفات تتعلق بوزارة العدل والأمن العام ووزارة الداخلية ووزارة الاتصالات والاقتصاد وقوى الأمن الداخلي، علماً أنه «خردق» العديد من شُعب هذه المؤسسة. فإضافة إلى قدرته على التغيير والتلاعب في النشرة الجرمية، اخترق الصحناوي عبر قراصنته نتائج الاختبارات للمتقدمين لدورة رتيب في قوى الأمن الداخلي. كان في مقدوره منح النجاح لمن يشاء وتدوين عبارة راسب بدلاً من ناجح لمن يشاء أيضاً. هذا إذا لم نأت على ذكر قدرته على التلاعب بمحاضر الضبط وتنكيله بالمعلوماتية في قوى الأمن الداخلي. التقرير الثالث تحدث عن المواد المقرصنة وكلمات المرور التي حصل عليها صحناوي من شركتي IDM وcyberia ومن هيئة «أوجيرو» التي استحوذ المدعى عليه على الخريطة الإلكترونية لشبكتها، مماثلة لتلك التي سلّمها العميل شربل القزي للعدو الإسرائيلي. كذلك عُثر لديه على ملفات شخصية لأحد الفنانين المعروفين، وملف عن المصرف المركزي وآخر عن مصرف خاص. ليس هذا فحسب، ففي التقرير رقم سبعة سرد المحققون ملخصاً كبيراً عن معلومات في حوزة الصحناوي عن مشتركين في كل من «أوجيرو» وشركتَي تشغيل الهاتف الخلوي «ألفا» و«أم تي سي»، إضافة إلى حسابات الدخول إلى خادم omsar، المسؤول عن جميع المواقع الرسمية التابعة للدولة اللبنانية. أما التقرير رقم ثمانية فيُعدّ الأكثر خطورة، إذ إنّ خلاصته تكشف أن الداتا التي في حوزة الصحناوي تُتيح له التنصّت على المشتركين في مؤسسات أوجيرو والحصول على الداتا الشخصية الخاصة بهم ومعرفة المواقع الإلكترونية التي دخلوا إليها وكلمات السرّ التي دونوها بينها تلك المتعلقة ببطاقات الائتمان المصرفية التي استخدموها للشراء عبر الإنترنت.