لم يُتلِف المقرصن الإلكتروني إيلي غبش، المدعى عليه في فبركة جريمة التعامل مع العدو الإسرائيلي وتلفيقها للمثل المسرحي زياد عيتاني، المحادثات الصوتية والمكتوبة بينه وبين رئيسة مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية وحماية الملكية الفكرية سابقاً المقدم سوزان الحاج. أبقى عليها لتكون دليلاً على «براءته» إن وقع. والإبقاء عليها «إن وقع»، تعني شيئاً واحداً أنّه لن يكون وحده. كان لدى غبش اقتناع راسخ بأنّ المقدم الحاج، إن افتُضح أمره في فبركة الجريمة وتلفيقها لعيتاني، قد تخرج مثل الشعرة من العجين. كان واثقاً بأنّها لن تُمَس بسبب علاقاتها وعلاقات زوجها المحامي زياد حبيش وشقيقه النائب هادي حبيش الواسعة، فضلاً عن المظلة السياسية والمالية التي تُظلِّلُها وتحميها. لهذه الأسباب، وبهدف حماية ظهره، قرر غبش الاحتفاظ بالمحادثات. لم يمحها أبداً. أبقى عليها كاملة. وهذه المحادثات التي احتفظ بها لتكون دليلاً على تورط المقدم الحاج في الطلب إليه الانتقام لأجلها، كانت الدليل الذي فضح أمره عند توقيفه.المفاجأة كانت اعتبار قاضي التحقيق العسكري الأول رياض بو غيدا في قراره الاتهامي المقدم الحاج متدخّلة في جرم التلفيق وليست محرّضة، فيما وقائع التحقيق تُظهر أنّ شروط التدخّل تنطبق على غبش. فغبش لم يكن يعرف زياد عيتاني ولم يسبق أن قابله أو سمِع به قبل الحادثة. حتى إنّه لا يوجد دافع شخصي حرّض غبش للانتقام سوى طلب المقدم الحاج. وبالعودة إلى تفاصيل القضية، عندما أُطيحت المقدم الحاج من منصبها، راهن غبش زوجته بأنّ الحاج ستبادر إلى الاتصال به. وهذا ما حصل. خابرته وطلبت الاجتماع به، ثم أرسلت إليه تطلب رأس غريمها. وغريمها هنا ممثلٌ مسرحي نسخ تغريدتها بشأن قيادة المرأة السعودية للسيارة وأعاد نشرها ثم أزالها واتّصل بزوجها معتذراً بعد تفاعل القضية إعلامياً. غير أنّ مبادرة سوزان إلى التواصل مع غبش بعد قطيعة أشهر، دليل إضافي أهمله قاضي التحقيق. ولم يتوقف قاضي التحقيق العسكري الأول أمام عبارة وردت في إفادة غبش. فالأخير أرسل إلى الحاج صورتين شخصيتين لزياد عيتاني، إحداهما لعيتاني الممثل والثانية لعيتاني الصحافي، سائلاً المقدم الحاج عن رأس أيٍّ منهما تُريد؟! غبش لم يكن يعرف أيّاً من الزيادين تُريد الحاج الانتقام منه. ولا ضغينة بينه وبين أيّ منهما. بعكسها هي التي ورد بشكل صريح في محادثاتها الانتقام من الممثل المسرحي. لقد وفّر غبش، بحسب الاتهام وسائل الجريمة، بناءً على طلب المقدم الحاج ليتم الإيقاع بعيتاني. غير أنّ قاضي التحقيق أبقى منفِّذ التعليمات في السجن وترك المحرِّضة التي استغلّت منصبها وبزتها العسكرية لتنفيذ مآرب شخصية.
بتمام التاسعة صباحاً، نهار الثامن والعشرين من شهر شباط الفائت، أوقف فرع المعلومات إيلي غبش. أقرّ المقرصن الإلكتروني بجريمة فبركة تهمة التعامل للممثل المسرحي عيتاني، كاشفاً أنّه كان يُنفّذ تعليمات «رئيسة المكتب»، فجرى استدعاء المقدم الحاج وتوقيفها. حضرت الضابط المدعى عليها من دون هواتفها ولم تُفصح بعد عن مكانها حتى اليوم. لم يُثر ذلك ارتياب قاضي التحقيق أو يدفعه إلى السؤال عن دافعها لإخفاء هواتفها. أنكرت المدعى عليها كل ما نُسِب إليها، رغم وجود تسجيلات بصوتها، فأخرجها قاضي التحقيق بعد ثلاثة أشهر. أما غبش، فقد دخل شهره الثامن خلف القضبان من دون أن يوافق القضاء على إخلاء سبيله. حتى اليوم، تقدم وكيل غبش، المحامي طوني الدويهي، بأربعة طلبات إخلاء سبيل. اثنان منها لدى قاضي التحقيق الذي رفضها. أما طلب إخلاء السبيلين الثالث والرابع، فقد رُفض أحدهما، فيما الأخير جرى التقدم به أمام رئيس المحكمة العسكرية العميد حسين عبد الله الذي لم يبتّه بعد.
رفض إخلاء المقرصن الإلكتروني مرتبط بكونه مكرّراً للجرم


وتحدثت مصادر مطّلعة لـ«الأخبار» عن ملفين تتعامل معهما المحكمة العسكرية يؤخر أحدهما الموافقة على إخلاء سبيل غبش. وتكشف المصادر أنّ غبش متورط بفبركة جرم التعامل مع إسرائيل لعسكري متقاعد في الجيش يُدعى أيزاك دغيم، ما يعني وجود تكرار للجرم. وبالتالي، يفرض ذلك التشدّد معه لكونه أدخل إلى السجن شخصين بريئين. ويساهم أيضاً في إبقائه خلف القضبان، بحسب المصادر نفسها، أنّ غبش اعترف، فيما المقدم الحاج لم تعترف. لكن ألا يفرض كون الحاج ضابطاً قائداً تتبوّأ مركزاً حساساً استغلّته لتنفيذ انتقام ضد مواطن لا حول له ولا قوة وحرّضت مقرصناً إلكترونياً على تنفيذ هجمات على مواقع رسمية، أنّ تبقى خلف القضبان، أسوة بمنفذ طلبها؟ وألا تقتضي العدالة أن يكون الحاج وغبش معاً، إما حرّين، وإما خلف القضبان؟