خلق خبر فقدان مبالغ كبيرة من صندوق تعويضات نهاية الخدمة في أوجيرو ذعراً كبيراً بين الموظفين. فما كان من وزارة الدولة لشؤون مكافحة الفساد إلا أن قدمت إخباراً للنيابة العامة المالية، تطلب فيه «اتخاذ الإجراء المناسب وإجراء التحقيقات للتأكد من احتمال فقدان مبالغ كبيرة من الصندوق الذي لم يعد يوجد فيه أكثر مت 900 مليون ليرة، في حين أنّ من المفترض ألّا يقلّ هذا المبلغ عن مئة مليار ليرة».وقد حذّر الوزير نقولا تويني من أنه في حال ثبوت صحة هذه المعلومات، فهي تنذر بخسارة عدد كبير من الموظفين لحقّهم في الحصول على التعويضات عندما يبلغون السن القانونية للتقاعد.
وإذا كان رئيس الهيئة عماد كريدية، قد نفى عبر تويتر «كل الاتهامات الزائفة التي تطاول هيئة أوجيرو، ونشدّ على أيدي معالي الوزير الذي طالب بتحرك النيابة العامة لتبيان الحقيقة»، فقد عاد وأكد أنه لم يكتف بذلك فحسب، «بل سارعنا إلى التواصل مع القاضي جورج عطية رئيس التفتيش المركزي لوضع يده على الملف».
حتى التوضيح لم يكن كافياً ليطمئن الموظفين، فهذه المرة أخبار الفساد لا تطاول أموال أوجيرو فحسب، بل أموالهم الشخصية وضمانتهم المفترضة.
وبالرغم من أن عدداً من الموظفين حمّل النقابة المسؤولية المباشرة عن ضياع الأموال، إذا صحّ ذلك، انطلاقاً من «تخليها عن دورها في إدارة الصندوق»، فقد خرج البعض ليؤكد أن من حق موظفي الهيئة الذين يملكون، عملياً، صندوق تعويضات نهاية الخدمة المتعلق بالقانون 161 (يقتطع من الرواتب 3 في المئة لتغذية الصندوق)، أن يعرفوا بشكل دقيق كم بقي في الصندوق وكيف تُستثمر موجوداته».
أما النقابة، التي تُعَدّ جزءاً لا يتجزأ من إدارة الصندوق، وتحريك الأموال لا يحصل إلا بتأشير أمين صندوقها، فلم تُعلّق على الأخبار المتداولة، بل انتظرت موعد اجتماعها الدوري، الذي عقد أمس للتداول في الموضوع.
وفيما كان الموظفون ينتظرون أن يضع الاجتماع، الذي شارك فيه مدير المالية محمد محيدلي ومدير التدقيق الداخلي أحمد رملاوي، حدّاً للشائعات المتناقلة، زاد الاجتماع الغموض والقلق، خاصة بعدما تردد عن أن ممثلَي الإدارة لم يسلِّما النقابة الكشوفات واللوائح والجداول العائدة لحساب صندوق الـ161 وتلك العائدة لحساب صندوق التغطية الصحية.
قلق بين الموظفين واتهامات للنقابة بالتقصير في حماية حقوقهم


أما البيان الصادر عن النقابة، فقد ذهب بداية إلى معلومات عامة توضح مكونات تعويضات نهاية الخدمة، وهي:
- قيمة التعويض الأساسي موجود لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
- المؤونات اللازمة لتسوية تعويض نهاية الخدمة لجميع العاملين مودعة في حساب خاص بالهيئة في مصرف لبنان.
- فروقات تعويضات نهاية الخدمة (صندوق القانون 161) مودعة بحساب مجمّد باسم الهيئة وللمجلس التنفيذي للهيئة الحق بالإشراف عليه.
ذلك كان تهميداً للإعلان أن «جميع حقوق المستخدمين وتعويضاتهم موجودة ومؤمنة ومصونة وفق الأصول وتدار بشفافية تامة».
وإذا كانت النقابة قد أرادت من هذا البيان طمأنة الموظفين، فإن هذا الهدف لم يتحقق، خاصة أن البيان لم يُشر، لا من قريب ولا من بعيد، إلى قيمة المبالغ والأرصدة الموجودة في الحسابات المذكورة، وهل هي مليئة أم فارغة، وهل هي مكتملة أم ناقصة؟ وهل الحساب العائد إلى فروقات القانون 161 يتضمن المبالغ المقدرة، وهل أمين صندوق النقابة كان على الدوام يطّلع ويؤشر على أوامر تحريك هذا الحساب؟
وفيما أكد نقيب عمال أوجيرو إيلي زيتوني لـ«الأخبار» أن المجلس اطلع على كل الأرقام التي عرضها ممثلو الإدارة واطمأن إلى أن حركة الحسابات طبيعية، وعد بأن تصدر النقابة بياناً ثانياً خلال أسبوعين، يتضمن أرقاماً دقيقة للأموال الموجودة في صناديق التعويضات، ولا سيما صندوق الـ161.
أما لماذا لم تعرض هذه الأرقام في البيان الذي صدر، فأشار زيتوني إلى أن الأمر يحتاج إلى بعض الوقت لإصدار الأرقام الدقيقة، خاصة أن الحسابات متحركة وكما يدخلها شهرياً نسبة من رواتب الموظفين تخرج منها تعويضات لمن يتقاعد منهم.
في المقابل، أشارت مصادر مطلعة على الاجتماع إلى أنه كان متوتراً، ومورِس خلاله الضغط على النقابة لإصدار بيان يخفي قدر الإمكان الحقائق والوقائع. وقد جوبه ذلك برفض شديد من أعضاء ورئيس النقابة، قبل أن يجري التوافق، في النهاية، على صيغة البيان بالشكل الذي صدر فيه. وتردد أن زيتوني يتعرض لضغوط كبيرة من الإدارة على خلفية اتهامه بأنه هو من يقف وراء تسريب الموضوع للإعلام، وأنه هو وراء التواصل بهذا الشأن مع الوزير تويني.
وما إن انتهى الاجتماع، حتى بدأت التعليقات تظهر على أحد مواقع التواصل الخاص بالموظفين، إذ أشار أحدهم إلى أن «ضعف النقابة وترددها وتقصيرها في تحمّل المسؤولية تجاه الموظفين وهواجسهم ومخاوفهم هي التي أوصلتنا إلى هنا». وقال إن «الشفافية غير موجودة، خاصة عندما تقول النقابة في بيانها إنها مشرفة على حسابات الصناديق ولغاية اليوم... فسّروا الماء بالماء».