المنظمون قرّروا أن يُناقشوا طرحهم للمرحلة الانتقالية الذي من المفترض أن يُشاركوه مع العامة، بسرّية وبعيداً عن الإعلام. حُجتهم أنّهم بذلك يحمون مبادرتهم من الهجوم عليها من مجموعات «مُنافسة». لم ينجح هدفهم تماماً. فهناك مدعوون امتنعوا عن الحضور، وانسحب أحد الأحزاب اليسارية «بسبب وجود مجموعات تُتهم بأنّها من الـNGOs»، كما شُنّت حملة على الاجتماع وتحديداً على وجود الحزب الشيوعي والكتلة الوطنية وتجمّع «وطني» فيه. ومن الانتقادات أنّ الدعوات أتت «انتقائية» لأشخاص داخل المجموعات، وليس للأخيرة بشكل خاص.
امتدت النقاشات لساعات طويلة، «من دون أن تكون هناك خلاصات عملية. كلّ الأفكار التي نوقشت، مُكرّرة»، إنّها النتيجة التي يخرج بها مشاركون عديدون تحدّثت إليهم «الأخبار». ملاحظتهم الأساسية أنّ النقاشات «لم تكن بأهمية الورقة المُقدمة، والتي هي دليل على أنّ من كتبها لديه اطلاع واسع». ولكن المسودة نالت أيضاً نصيبها من النقد، «لأنّها ورقة أهداف. هل هذه هي الحاجة اليوم؟». المعترضون يقولون إنّه في الوقت الراهن «الأساس هو معالجة المريض. وضع أهداف وخطة عمل أمر أساسي، ولكنها ليست الأولوية».
برز خلال الجلسة وجود نهجين. الأول يُعبّر عنه الجيل «العتيق»، والمُخضرمون في العمل الميداني والسياسي، «الذين لا يزالون ملتصقين بالأفكار أكثر من الواقع، لأنّهم ليسوا على تماس مع الأرض كما الشباب». والثاني، هو الجيل الجديد «ممّن يريد خططاً وآليات عمل، فالأصعب هو في تحديد الخطوات للغد». بالنسبة إلى هذه الفئة، غرق «اجتماع الكومودور» في الكلام عن «برنامج المرحلة الانتقالية، في وقت لا يزال هناك متظاهرون في الشارع، وحديث عن جلسة نيابية». يعتقد أصحاب هذا الرأي «أنّه في البداية يجب الانتهاء من مجموعة أمور، كتحديد هوية رئيس الحكومة، قبل البحث بالمرحلة الانتقالية».
يستبعد مُشاركون أن يتطور «اجتماع الكومودور» إلى أطر تنظيمية
تنوعت طروحات المتحدثين، بين من طالب بإدخال إضافات لبند الضمان الاجتماعي، طارحاً مقاربة أخرى له. وآخرين تمنوا أن يحظى النقاش حول الاقتصاد المُنتج بفقرة كاملة وليس سطراً واحداً. ثمة من استغرب عدم دعوة كلّ المجموعات في الساحة، ووجود تنوع أكثر في التوجهات الفكرية، طالبين أن تشملهم اللقاءات المقبلة. عارض أحد المتحدثين بند إلغاء الطائفية، شارحاً أنّ «طرحها لن يؤدي إلى توسّع تحالفنا ليشمل مروحة أكبر، وستُثير ريبة قوى أخرى، فالمشكلة الأساسية ليست في الطائفية السياسية بل في طبيعة الدولة وعلى أي أُسس تقوم». المُتحدث باسم منظمة العمل الشيوعي قدّم مطالعة طويلة، تخطّت الأربع دقائق المسموح بها، مُسجّلاً تحفّظه على عدم اتخاذ موقف من العدو الاسرائيلي في المسودة. أحد المسؤولين الحزبيين تحدّث عن أهمية الانتفاضة في إنتاج مضمون سياسي، قبل أن يُشير أحدهم إلى أنّ النظام السياسي الحالي لا يزال قوياً، وقادر على أن «يُسلّينا كثيراً» إذا لم «ننتقل من الشق المطلبي إلى الحديث عن السياسة الوطنية وتحديد أي نظام نريد».
يقول أحد المشاركين إنّه «أمر جيّد أن يتحرك أحدهم ويجمع هذا العدد لأنّ الناس بحاجة إلى أن تتكلم مع بعضها البعض، فالنقاش السياسي بين الناشطين شبه معدوم، ودائماً بذريعة وجود هواجس بأنّ قوة الشارع يجب أن تبقى بعفويته وليس بتنظيمه». ولكن، هل سيتطور «اجتماع الكومودور» إلى أطر تنظيمية؟ «كلا، أولا لأنّ الظروف ليست ناضجة بعد. ثانياً، بسبب نوعية النقاشات والورقة ووجود الأشخاص بصفتهم الفردية وليس العامة، مؤشرات تدل على ذلك».
ما هي الخطوة المقبلة؟ سيُعمد إلى تعديل المسودة استناداً إلى الملاحظات التي قُدمت، «سُيستتبع العمل، من دون الاتفاق بعد على التوقيت، أو الصيغة التي سيتم بها، أكان بالعمل الثنائي بين المجموعات والأحزاب، أم بتنظيم نقاش عام ثان».