في الثالث من أيار 2018، صدر المرسوم الرقم 2899، بتعيين «طلاب الدورة الثالثة والعشرين في الدرجة العليا من فرع الإعداد في المعهد الوطني للإدارة، في وظائف من الفئة الثالثة في ملاكات بعض الإدارات العامة». كان يفترض أن يكون هذا المرسوم آخر المحطات في «رحلة» هؤلاء الطلاب، بعد انتهاء مدة تدريبهم في المعهد الوطني للإدارة طوال عامٍ ونصف عام.
هي سابقة أن يمتنع وزير عن تنفيذ مرسوم وقّعه سلفه (هيثم الموسوي)

إنفاذاً للمرسوم، التحق 122 من الخريجين بمراكز عملهم في عددٍ من الإدارات العامة، من بينهم نحو 30 عيّنوا في مراكز شاغرة في وزارة الداخلية والبلديات، باستثناء أربعة منهم اجتازوا بنجاح مباريات عبر مجلس الخدمة المدنية لمصلحة ملاك وزارة الداخلية والبلديات (جوسلين أمين ندور ــــ رئيس دائرة الشؤون القانونية في مصلحة الشؤون المالية والقانونية، هنا محمد موسى ــــ رئيس دائرة المراجعات والشكاوى في مصلحة أمانة سر وبريد الوزير، جميل حسين حيدر ــــ رئيس دائرة الرقابة على الشركات الأمنية في مصلحة أمانة سر وبريد الوزير، محمد سميح الزايد ــــ وظيفة رئيس دائرة نفوس بيروت).
نحو سنة وثمانية أشهرٍ مرّت، امتنعت خلالها وزيرة الداخلية والبلديات ريا الحسن عن تنفيذ المرسوم المذيّل بتوقيع رئيس الجمهورية اللبنانية ورئيس مجلس الوزراء و16 وزيراً، من بينهم وزير الداخلية والبلديات السابق نهاد المشنوق. وهي «سابقة»، على ما يقول أحد القانونيين المختصين بالقانون الإداري، أن يمتنع وزير عن تنفيذ مرسوم وقّعه سلفه بإلحاق 4 موظفين ــــ فئة ثالثة «بالأصالة» لمراكز يشغلها اليوم موظفون بالتكليف من الفئة الرابعة. فأن تمتنع الحسن عن تنفيذ مرسوم نافذ حكماً بتاريخ صدوره ــــ بحجة «عدم وجود مكاتب»، على ما يقول أحد الناجحين نقلاً عن الوزيرة ــــ يعني أنها خالفت، إذ «ليس لها الحق بمنعهم من حقّهم، وخصوصاً أنهم نجحوا عن مراكز شاغرة بمباريات عبر مجلس الخدمة المدنية، بموافقة الوزارة نفسها». كما نال المرسوم قبل صدوره موافقة هيئة المجلس المعني بتاريخ 18 آذار من العام 2017 (القرار الرقم 275). وهو ما يعدّ مخالفة إضافية لرأي مجلس الخدمة المدنية. أضف الى ذلك مخالفة أخرى تتعلق بالإبقاء على من هم بالتكليف برغم وجود الأصيل!
الناجحون الأربعة حاولوا طرق كثير من الأبواب، من دون جدوى. حاولوا مقابلة الوزيرة الحسن، إلا أنهم لم يوفقوا بموعد. كما حاولوا إيصال رسالة إليها مفادها «أننا مستعدون أن نخضع لقرار نقل إن كانوا لا يريدوننا في هذه المراكز»، من دون أجوبة أيضاً.
تخالف الوزارة القانون بالإبقاء على من هم بالتكليف برغم وجود الأصيل


أخيراً، تقدم اثنان منهم بشكوى أمام مجلس شورى الدولة، لكن حتى الآن لا حكم في القضية في انتظار أن تجيب الدولة. وهذا يعني أن الانتظار طويل، فالدولة غالباً ما تكون غير مبالية بدليل آلاف الملفات العالقة.
اليوم، لا يزال هؤلاء يعملون في المعهد الوطني للإدارة، ويتقاضون راتباً بلا «إضافات»، أي «لا مواصلات ولا أي شي»، على ما يقول أحدهم. وحتى ما يتقاضونه «قد يتأخر لعدم رصد الاعتمادات المطلوبة أو التوقيع عليها كي يتم التحويل».
وكان هؤلاء قد تقدموا عام 2012 إلى مباريات عبر مجلس الخدمة المدنية، وصدرت النتائج في العام نفسه. وفي عام 2015، صدر مرسوم تعيينهم في المعهد الوطني للإدارة كرؤساء دوائر، حيث خضعوا لدورة تدريبية استمرت سنة وستة أشهر، قبل أن يصدر في أيار من العام الماضي مرسوم التشكيل. وهو ما لم ينفذ في حالة هؤلاء فقط.
«الأخبار» تواصلت مع وزارة الداخلية، فكان الجواب ــــ التعليل نفسه: «السبب في عدم التحاق هؤلاء هو عدم وجود مكاتب لهم»، وفق مصادر في الوزارة وعدت بأن ينفذ المرسوم «قبل نهاية العام الجاري»!