لم تتوانَ مندوبة «إسرائيل» في مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة في جنيف أمس من الهجوم على حزب الله للمرة الثانية في غضون ثلاثة أيام ضمن اجتماع مناقشة تقرير «لجنة التحقيق الدولية في انتهاكات النظام السوري لحقوق الإنسان». بأريحية فائقة، اتهمت ممثلة بعثة العدو الحزب «بتوكيل من إيران باتخاذ المدنيين في جنوب لبنان دروعاً بشرية وتخزين الأسلحة بين السكان كما حصل في انفجار مرفأ بيروت وبإعاقة اليونيفل عن تنفيذ مهمتها في منطقة القرار ١٧٠١». واثقة كانت ربما لأنها ظنت بأن هجومها لن يجد تصدياً لبنانياً كما حصل مع زميلتها في البعثة يوم الثلاثاء الفائت عندما طالبت الأمم المتحدة بالتحقيق مع الحزب وإيران في انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا. حينها، اجتهد رئيس البعثة اللبنانية في المجلس السفير سليم بدّورة برفض استخدام حق الرد الذي يكفله نظام المجلس. لكن الغضب الذي أثاره تصرف بدّورة بدّد الصمت اللبناني أمس. وافق بدّورة على اقتراح المندوب اللبناني المستشار في البعثة أحمد سويدان الذي حضر الجلسة، بتسجيل حق الرد. و في حين كان من المنتظر أن يلقي سويدان الكلمة الرد التي نُسّقت مع بدّورة، في جلسة ما بعد الظهر، زحمة المتكلمين من المنظمات غير الحكومية أجّلت إلقاءها الى يوم الإثنين.في بيروت، كان لافتاً بيان وزارة الخارجية والمغتربين الذي تبنى تبرير بدّورة المحسوب على القوات اللبنانية، لرفضه الرد على العدو في جلسة الثلاثاء. وكان بدّورة قد تواصل مع قصر بسترس عقب انتهاء مهلة الرد وشرح للمعنيين موقفه. ذلك الموقف كان رجع صداه في بيان الخارجية أمس التي أكدت أن «البعثات اللبنانية تتبع تعليمات الوزارة التي تعكس سياسة مجلس الوزراء المحدّدة في بيانه الوزاري، وضمن الثوابت الوطنية المعروفة خاصة في المواضيع المتعلقة بالعدو الإسرائيلي، وفي إطار سياسة النأي بالنفس عن صراعات الدول العربية المعتمدة منذ العام 2011». وكشف البيان أن «الجانب الأساسي للعمل الدبلوماسي يقوم على العمل بصمت، والتواصل المباشر مع الدول الشقيقة والصديقة، والتفاوض في سبيل الدفاع عن مصالح لبنان وعدم السماح باستهداف أي من مكوناته في القرارات التي تصدر عن الهيئات الدولية».
لكن أخطر ما في البيان ليس حصرا ما يُفهم كأنه تبرؤ رسمي من حزب الله، إذ اختُتم بخفض سقف ما قالته مندوبة العدو بالقول «إنها لم تتطرّق في مداخلتها إطلاقاً إلى الأوضاع في لبنان. وهي تكلمت عن حقوق الإنسان في سوريا كما تقوم به منذ سنوات عديدة في كل الجلسات ذات الصلة لمجلس حقوق الإنسان والذي ينعقد عدة مرات سنوياً». فالمشكلة أيضاً تكمن في أن الخارجية لم تجد نفسها معنية في التعبير عن موقف لبنان المعترض على الخروقات الإسرائيلية للأجواء اللبنانية واستخدامها للاعتداء على الأراضي السورية. وهي الغارات التي أدّت، غير مرة، إلى استشهاد لبنانيين في سوريا، وتعرّض الملاحة الجوية المدنية للخطر فوق لبنان وسوريا معاً. وهذا الموقف لا صلة له لا باصطفاف سياسي لبناني داخلي، ولا «يخدش» النأي بالنفس، ولا يمسّ علاقات لبنان بأي دولة، سواء كانت عربية مهرولة نحو التطبيع، أو غربية داعمة لـ«إسرائيل». ورغم ذلك، لم تقارب «الخارجية» الأمر من هذه الزاوية.
وعلمت «الأخبار» بأن المعنيين في الوزارة تفهّموا موقف بدّورة لكنهم طلبوا منه إرسال خطاب إلى رئاسة المجلس يسجّل فيه اعتراضه على هجوم العدو.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا