في يوم الحداد الوطني، شيّعت طرابلس أمس عدداً من ضحايا "قارب الموت" في غياب أيّ حضور رسمي أو سياسي. كان الفقر فُرجة في طرابلس، وجاء الموت ليزاحمه ويحلّ مكانه، ليصبح هو الحقيقة الوحيدة على أرض المدينة في ظلّ كمية من الروايات المتناقضة أو الناقصة حول حادثة الغرق. حتى الآن لا أرقام دقيقة لعدد ركاب القارب، ولا لعدد المفقودين الذين تشير التقديرات إلى أنه قد يتجاوز الثلاثين، كما يمكن أن يكون عدد ركاب القارب قد ناهز الـ100 بحسب المتابعين. ليس العدد وحده الذي لا يزال مجهولاً، بل كلّ ما يتعلّق بالقضية. الروايات متضاربة بين من يقول إنّ الركاب دفعوا للمهرّبين لكي يستقلوا القارب، وبين من يجزم بأن الركاب، الميسورين منهم، اشتروا القارب وجهّزوه بأنفسهم. حتى بالنسبة إلى رواية الغرق، انقسم اللبنانيون بين من يصدّق رواية الناجين التي تتهمّ الجيش وبين من يدافع عن الجيش. روايات لا يكشف عنها إلا تحقيق جدّي، يصل إلى نتيجة ولا يطمس الحقائق كما حصل في أحداث كثيرة سابقة. فهل للتعاطف مع طرابلس وجاراتها أن يُترجم هذه المرة بتحقيق ينصف أبناءها؟