علمت «الأخبار» من مصدر رسمي أن الوسيط الأميركي عاموس هوكشتين سيعدّ قبل نهاية الأسبوع مسودة اقتراحه الخطي حول مشروع اتفاق بين لبنان وإسرائيل حول الحدود البحرية، ساعياً إلى الحصول على أجوبة الجانبين لتنظيم عملية الاتفاق قبل نهاية الشهر الجاري. وقال المصدر إن هوكشتين يعمل مع الجانبين اللبناني والإسرائيلي، بالتعاون مع طاقم وزارة الخارجية الأميركية، على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وهو قدم إيضاحات حول مسائل خلافية بعضها تقني، وجدد التزام الأوروبيين ولا سيما الفرنسيين بمباشرة العمل في الحقول اللبنانية بمجرد حصول الاتفاق، ما أشاع مناخات إيجابية أكدها نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب الموجود في نيويورك. لكنه أبدى حذره حتى الحصول على الورقة الخطية ونقلها إلى لبنان للتشاور واتخاذ القرار.وبحسب المصدر، فإن الجولة الأخيرة من الاتصالات الجارية في نيويورك، تمثل المحطة الأخيرة في المفاوضات المستمرة من شهور عدة، وإن تبادل الآراء والمعطيات الذي يجري منذ يومين يهدف إلى تلقي الوسيط الأميركي ما يحتاجه من أجوبة أولية قبل إعداد اقتراحه الذي أصر لبنان على أن يكون خطياً، وسط مداولات جانبية حول احتمال اللجوء إلى مجلس الأمن لإدخال تعديلات على دور القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان لتشمل منطقة نزاع صارت تعرف بالمنطقة الأمنية داخل المياه اللبنانية.
وبعدَ تقلّب ملف ترسيم الحدود البحرية جنوباً مع فلسطين المحتلة بينَ مدّ وجزر، بدا في الأيام الأخيرة أن الملف دخل أمتاره الأخيرة بعدَ أن تقاطعت تأكيدات أكثر من مصدر معني بالملف أن «الاتفاق الذي تعمل الولايات المتحدة على إنجازه باتَ قريباً جداً». وأشارت المصادر إلى أن «أميركا جادة جداً في هذا الإطار وتسعى إلى الانتهاء منه في أسرع وقت ممكن، لأسباب تتعلق بها وبما يحصل في المنطقة والعالم في موضوع الغاز والنفط، وطبعاً ليس بسبب المصلحة اللبنانية التي تقاطعت مع الحاجة الأميركية لترسيم الحدود». لذلك «نشط الوسيط الأميركي على هامش أعمال الجمعية العمومية للأمم المتحدة، حيث التقى كلاً من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وبو صعب (المكلف من رئيس الجمهورية متابعة الملف مع الأميركيين) الذي قال في تصريح لقناة «أم تي في» أمس إن «الاجتماعات مع هوكشتين توضحت الكثير من علامات الاستفهام ونحن بانتظار أن يسلّمنا المسودّة النّهائيّة أو الطّرح الرسمي، لكي تدرسه القيادات الرّسميّة اللّبنانيّة، وعلى رأسها رئيس الجمهوريّة». وشدّد بو صعب، على أنّ «الوقت ليس لصالح أحد، لكنّ المؤكّد أنّ هناك تقدّماً كبيراً جدّاً، وموضوع التّفاوض في مرحلته النّهائيّة»، موضحاً أنّ «الخطوة المقبلة أن يتسلّم لبنان الطّرح الخطّي ويدرسه، فإمّا يقبله أو يرفضه؛ لكنّ مرحلة المفاوضات تقريباً انتهت».
لبنان وافق على منطقة آمنة بين الخطين 1 و23 بعد تعديلات عليها حتى لا تتجاوز البلوك رقم 10 وتحافظ على النقاط البرية


وأمام هذه التطورات نكون أمام انعطافة جديدة سجلتها المداولات الجارية في اتفاق الترسيم البحري بين لبنان والعدو الإسرائيلي برعاية أميركية، مع تحول نيويورك ساحة المفاوضات غير المباشرة في نسختها النهائية. إذ توالى ورود المعلومات منذ الصباح الباكر حيال تطورات أطلقَ عليها البعض تسمية «اختراقات» في جدار المفاوضات. وحتى ساعات المساء (بتوقيت بيروت) استمر ضخ الأجواء التفاؤلية، قبل أن يتبين أن الوسيط الأميركي أجرى سلسلة لقاءات مع مسؤولين إسرائيليين أيضاً، إذ اجتمع مع مستشار الأمن القومي الإسرائيلي إيال حولاتا والمدير العام لوزارة الخارجية آلون يوشبز لمناقشة الاتفاقية. وقال مكتب رئيس حكومة العدو يائير لابيد إن الاجتماع «كان جيداً ومثمراً»، بينما جرى التداول بمعلومات عن لقاء سيُعقد بينَ ميقاتي ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لمناقشة الصيغة النهائية.
هذه الأجواء واكبتها تسريبات إعلامية إسرائيلية عن أن «هوكشتين في صدد تقديم مسودة نهائية للاتفاق إلى كل من بيروت وتل أبيب خلال الأيام القليلة المقبلة». وربطاً بما تقدم، يكون لبنان قد «وافق عملياً على الطرح الأخير الذي تقدم به الوسيط الأميركي ويتمحور حول خلق منطقة آمنة في المياه بين الخطين 1 و23، بعد أن أدخل الجانب اللبناني تعديلات عليها حتى لا تتجاوز البلوك رقم 10 وتحافظ على النقاط البرية ذات التأثير في الترسيم، كرأس الناقورة و b1»، بينما علمت «الأخبار» أن «نقاشاً يدور حول الجهة التي ستتولى رعاية الاتفاق في المنطقة الآمنة وعلى الأرجح أن تكون قوات الطوارئ الدولية التي ليسَ لها صلاحية العمل في هذا الجزء من المياه الاقتصادية في البحر».