هي من المرّات النادرة التي يتقصّد فيها رئيس محكمة أن يردّ على الإعلام عبر قوس المحكمة العسكريّة. رئيس الهيئة الاحتياطيّة العميد روجيه حلو لم يقبل بأن تبدأ الجلسة المخصّصة لمرافعات وكلاء الدّفاع عن الموقوفين في ملف أحداث خلدة (آب 2021)، قبل أن يردّ على ما ذكرته «الأخبار» الأسبوع الماضي بأن التسوية التي تمّت برعاية مخابرات الجيش تنصّ على أن تُصدر المحكمة أحكاماً مخفّفة بحق المدّعى عليهم وجاهياً (19 موقوفاً) وتراوح بين 3 و5 سنوات، على أن يشمل الحكم الأعلى، أي 7 سنوات، مجموعة صغيرة من الموقوفين (لا تتعدّى الـ 3)، لتُعاد وتخفض في حال تمييز الحكم.هذا التسريب أغضب المحكمة التي كادت أن تُغيّر في مواعيد الجلسات (جلسة مخصّصة أمس للمرافعات وجلسة الخميس لإصدار الأحكام)، لكنها لم تتمكّن من ذلك بسبب «الحفاظ على تلوينة الهيئة»، وفق ما قال حلو. بـ«العربي المشبرح»، أصرّ «الجنرال» على أن يردّ للحفاظ على هيبة المحكمة بقوله «لا سقف للأحكام ولا يُمكن تحديد الأعداد مسبقاً، إذ إننّا غير ملزمين بأيّ اتفاق، وقد أكّد مدير المخابرات الذي يرعى المصالحة بين نواب حزب الله ونواب محسوبين على عشائر عرب خلدة، أنه لا يمون على أحكام المحكمة لأنها شؤون قضائية».
هذا التشدّد بالردّ سُرعان ما «نفّس»، عندما قال حلو إنه في حال صدور أحكام مماثلة لما نشرته «الأخبار»، فإن الأمر سيكون محض صدفة، تماماً كما سيحصل مع مواعيد الجلسات!
حينها، أشارت وكيلة الدفاع عن الموقوفين المحامية ديالا شحادة إلى أنّه في حال ارتأت المحكمة وجود فعل جرمي بالنشر، فعلى النيابة العامة العسكرية أن تتحرّك، ليردّ ممثل مفوّض الحكومة لدى المحكمة القاضي هاني حلمي الحجّار بأن «النيابة تعرف ماذا تفعل».
وبعدما انتهى حلو من ردّه، حوّل الجلسة إلى جلسة سريّة استمرّت لأكثر من ساعة. استمع خلالها إلى إفادة شاهدين موقوفين، وأرجأ الجلسة إلى الخميس لتكون ختاميّة مخصّصة حتى يترافع المحامون عن الموقوفين والمخلى سبيلهم قبل إصدار الأحكام في اليوم نفسه.
في المقابل، علمت «الأخبار» أنّ الأجواء الإيجابيّة لا تزال تُخيّم على المفاوضات الجارية في مديريّة المخابرات، وأن طرفَي النزاع (الحزب والعشائر) موافقان على الحل، بانتظار تكليله بمصالحة شاملة ستعقد خلال الأشهر المقبلة. فيما لم توافق عائلات عشائر المدّعى عليهم غيابياً والبالغ عددهم 17 شخصاً على تسليم أنفسهم قبل موعد إصدار الأحكام، إذ إنّ هؤلاء مصرون على تسليم أبنائهم بعد التأكّد من مصير التسوية وتنفيذها.