هنا برزت مفارقة مستغربة. فقد نقل عدد من أعضاء في لجنة العدل، ان نواب الحاكم سئلوا عن مسبّبات الأزمة والمسؤوليات المترتبة عليها، فأجاب منصوري أن الأمر جاء تراتبياً كما يلي: الجزء الأكبر من المسؤولية تتحمّله بشكل مباشر حكومة حسان دياب عبر ملف الدعم الذي صُرف عليه 30 مليار دولار، ومسألة التوقف عن دفع الديون. أما الجزء المتبقي فقال منصوري إن مسؤوليته تقع على عاتق السياسات الاقتصادية السابقة. لكن مصادر النواب الأربعة تقول إن فهم النواب مغلوط بهذا الأمر، إذ ما قيل هو أن سياسة الدعم كانت خاطئة عبر المصرف المركزي، لأنها مهمة ومسؤولية تقع على الحكومة، وأن حجم الاحتياطات كانت يبلغ 20 مليار دولار عند استلامهم مواقعهم الوظيفية في نيابة الحاكم، وبعد إنفاق ثلاثة مليارات دولار سجّلوا اعتراضهم على هذه السياسة التي كانت تستنزف الدولارات التي يملكها مصرف لبنان.
كذلك، عرض نائب الحاكم الأول بعض الأمور المرتبطة بموقفهم وبأسباب إصدار البيان السابق. فالهدف منه «لم يكن البلبلة ولا الاستقالة، بل رفع الصوت لإسماع الحكومة حتى تقوم بعملها عبر إعداد خطّة مالية». وخلافاً لما يتم اتهام النواب الأربعة به بحسب ما قال منصوري، فإن «بعض الإجراءات التي اتخذناها ساهمت في المحافظة على الأموال، ونحن أول من أثرنا موضوع الاحتياط الإلزامي في الوقت الذي كان ممنوعاً الحديث عنه، وهو ما أدّى إلى عدم هدر المزيد من دولارات الاحتياط». وختم بأنهم أعدّوا خطّة تحتاج إلى تغطية ودعم نيابيَّيْن سيعرضونها بشكل مفصّل خلال جلسة يوم غد، وهي تتضمن إجراءات غير شعبوية، مثل إلغاء منصة صيرفة، وعدم استخدام أي دولار من الموجودات بالعملة الأجنبية إلا بقانون واضح... ووعد نواب الحاكم الأربعة، بالردّ على كل الأسئلة التي وُجّهت إليهم بما فيها توضيح رؤيتهم حول آلية توحيد سعر صرف الدولار والحفاظ على مدّخرات الناس.
لدى نواب الحاكم خطّة تتضمّن إجراءات غير شعبوية وتتطلّب مواكبة تشريعية
مصادر نيابية اعتبرت «مطالعة» منصوري بمثابة شرح على الطريقة اللبنانية للأزمة من دون أي حجّة مقنعة باستثناء ما كرّره نيابة عن زملائه لجهة اعتراضاتهم على سياسة المصرف والحكومة وكل ملف الدعم. وأشار رئيس لجنة الإدارة والعدل النائب جورج عدوان، بعد انتهاء الجلسة إلى أنه سيتقدم باقتراح قانون «لرفع السرية عن كل محاضر المجلس المركزي حتى تكون الأمور والمواقف أكثر وضوحاً وشفافية». وأضاف أنه سيتم التواصل مع الحكومة «حتى يحضر رئيسها ووزيرا المال والاقتصاد الجلسة المقبلة، ويقدّموا هم أيضاً طرحهم للمرحلة القادمة، وتقدم الحكومة مقترح سياستها. فهذا شأن حكومي بامتياز ونحن كسلطة رقابية نبني حينها على الشيء مقتضاه».