تبدي حركة «فتح» استياءها من تحميلها مسؤولية استمرار المعارك في مخيم عين الحلوة، وتبدو منزعجة من تصوير ما يجري في المخيم على أنه «مؤامرة» لتهجير أبنائه. يقول قياديون في الحركة لـ«الأخبار» إن شرارة الاشتباكات بدأت في المرة الأولى مع اغتيال مسؤول الأمن الوطني في صيدا أبو أشرف العرموشي ومرافقيه، وتجدّدت الاشتباكات في جولتها الأخيرة مع محاولة مَن تصفهم بـ«الإرهابيين»، التنصّل من الاتفاق الذي قضى بتسليم المتورّطين في عملية الاغتيال إلى القضاء اللبناني.ويشدد القياديون على أن «أولوية الحركة هي استقرار المخيم وجواره وحماية أبنائه وأمنهم». ويقول أحدهم: «لا شروط خاصة لدينا، سوى ما تقرّر منذ اللحظة الأولى لاندلاع الاشتباكات، وهو تسليم قتلة العرموشي ورفاقه إلى القضاء اللبناني، وسحب المسلحين من شوارع المخيم وأزقّته والمواقع التي يتمركز فيها المسلحون، وخصوصاً المدارس»، مؤكداً «أننا ملتزمون بالحفاظ على استقرار لبنان وأن لا يكون المخيم منصة لأي عمل إرهابي في أي منطقة لبنانية».
وبحسب رواية «فتح»، تجدّدت المعارك بعد اتفاق مع «الأونروا» على انسحاب «التكفيريين» من المدارس إفساحاً في المجال لبدء الموسم الدراسي. ولكن، في اليوم الذي كان يفترض أن تدخل فيه القوة الأمنية المشكّلة من كلّ القوى، لتسلّم المدارس، عمد المسلحون إلى تفجير الوضع من جديد للهروب من هذا الاستحقاق، لتحويل المطلب الأساسي من تسليم القتلة إلى مطلب فتح المدارس وبدء العام الدراسي.
ترفض مصادر «فتح» اعتبار ما يجري في المخيم «اقتتالاً فلسطينياً - فلسطينياً، إذ إن الموجودين في عين الحلوة هم دواعش من كل الجنسيات، فيهم السوري والأردني والعراقي والفلسطيني السوري والأفغاني»، مشيرة إلى أن «القتال الفلسطيني - الفلسطيني محرّم بالنسبة إلى فتح، وهذا موقف خسّر الحركة الكثير من المعارك، خصوصاً في غزة».
وبحسب رواية «فتح»، فإن ما يجري «ليس جديداً، إذ إنها ليست المرة الأولى التي نتصادم فيها مع التكفيريين. لأن مشغّلي هؤلاء يستخدمونهم عندما يكون هناك مشروع في المنطقة، هؤلاء بندقية مأجورة تُستخدم لتحقيق مصالح الدول والتنظيمات التي تموّلهم». وتضيف الرواية أن «إسرائيل في أضعف حالاتها حالياً، في ظل ما يجري في الضفة من تصاعد للمقاومة، إضافة إلى صواريخ غزة والحركة السياسية التي تقوم بها السلطة الفلسطينية وإعادة توحيد الموقف الفلسطيني ووضع إستراتيجية جديدة لمواجهة إسرائيل. من هنا تم تحريك هؤلاء من قبل إسرائيل وعملائها في المنطقة».
وتبدي المصادر القيادية في «فتح» انزعاجها من أداء حركة «حماس» على خط الاشتباكات في عين الحلوة. وتعتبر أن المسلحين يستفيدون من أداء «حماس»، لافتة إلى أنه «بعد اغتيال العرموشي بأيام قليلة، تم توقيف سيارة إسعاف تابعة لجمعية الشفاء، كانت مليئة بالذخائر والوجبات الساخنة في طريقها إلى المقاتلين، وهذا دليل على دعم حماس لهؤلاء»، إضافة إلى أن «حماس تفتح معارك في مناطق أخرى مثل الرأس الأحمر والطيري لتخفيف الضغط عن المقاتلين، حيث كانت فتح تسيطر على حوالي 80% من المواقع على الأرض، قبل أن يتم تحريك خلايا نائمة لحماس لفتح جبهات جديدة».
وتقول المصادر إن الحركة تمتلك الكثير من الأدلة على «تورّط مقرّبين من حماس في معارك عين الحلوة، مثل فادي أحمد الصالح الذي يرأس جمعية أهلية، وهو مسؤول عن الشباب المسلم الذي يعتبر هيثم الشعبي مسؤوله العسكري»، مشيرة إلى أن «الصالح يعمل على تحريك بعض المخيمات في الجنوب حيث كان قبل أيام في زيارات إلى البص والرشيدية وغيرهما».
وتضيف المصادر أن الاجتماع الذي عُقد ليل الأربعاء بين «فتح» و«حماس»، برئاسة عزام الأحمد وموسى أبو مرزوق، انتهى إلى اتفاق على وقف الحملات الإعلامية، والتأكيد على قرار وقف إطلاق النار، وتسليم المطلوبين المتهمين باغتيال اللواء أبو أشرف العرموشي. لكن، بحسب المصادر نفسها، حصل العكس، إذ إن الماكينة الإعلامية التي تدور في فلك «حماس» استمرت في التحريض على «فتح». وبعد اللقاء مباشرة، قال أبو مرزوق إن «ما يجري في مخيم عين الحلوة الآن هو تدمير للمخيم تحت عنوان محاربة الإرهاب، ولكن بدون نتائج حقيقية تُذكر»، معتبراً أن «التعهدات التي قُطعت لنا، بلا معنى». وأعقب ذلك خرق المسلحين لوقف النار وعودة الاشتباكات.