مشهدية السبت كما يتخيّلها قائد القوات سمير جعجع الذي دعا إلى لقاء في عقر داره حدّد هو تاريخه وبرنامجه والنقاط التي يتضمّنها والخطوات العملية التي ستنجم عنه، ستكون بمثابة وثيقة سياسية، وإن لم تضعها «القوات» علناً في هذه الخانة. واللقاء الذي سيُعرف لاحقاً بـ«لقاء معراب» ما يريد جعجع منه تثبيت قيادته لفريق المعارضة وإظهار بقية قواها مُلحقة بمشروع «القوات».
تقصّد جعجع ابتزاز حلفائه بدعوةٍ مفخّخة يتطابق مضمونها السياسي ومشروعهم، أزعج عدداً من المدعوين العاملين على التحضير لإطلاق «جبهة موسّعة في وجه حزب الله»، أعلن عنها رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميّل منذ تسعة أشهرٍ. ففيما كانت اللقاءات التحضيرية تُعقد في الصيفي، بحضور ممثلين عن القوات وغيرها، آثر جعجع التقدّم خطوة إلى الأمام، وهو ما رأت فيه أوساط معارضة معنية «نسفاً لفكرة الجبهة التي يجتمع تحتها المعارضون سواسيةً، والاتجاه نحو مهرجانٍ، تذاكى جعجع في تجميل تظهيره وهندسته وتسميته، ليظهر بنتيجته أنّ معراب نظّمت أوسع تجمّع للمعارضين بقيادة جعجع ومن مقره، لتصبح الجبهة جبهة معراب لا المعارضة».
لقاء السبت في معراب محاولة لإعلان جعجع نفسه مرجعية للمعارضة
وتجزم أطراف مُعارضة أنّ الاستياء مردّه إلى أنّ قائد «القوات» لم يكتفِ بلقاء تشاوري محدود، إنّما طبّق حرفياً ما كان حزب الكتائب يسعى إليه بجذب شخصيات سياسية وغير سياسية من مختلف القطاعات إلى «جبهة المعارضة» المنشودة. كما أنّه في وقتٍ أبعد الكتائب اللقاءات التنسيقية للجبهة عن الأضواء متحفّظاً عن نشر صورٍ وبيانات، و«كان مخطّطاً أن تكون ولادة الجبهة واجتماعاتها الرسمية تحت سقفٍ محايد، على غرار ما عُرف بلقاء البريستول، قلب جعجع الطاولة ليجذب الأضواء»، موضحةً أنّ «تلبية الدعوة تحكمها اعتبارات عدة تعني كل طرف، ولا تعني بالضرورة الموافقة على الخطوة بحد ذاتها».
ولا يخفي حلفاء لجعجع ممن يرفضون السير تحت مظلة «القوات»، رفضهم استغلال جعجع لهم لتحقيق مكاسب سياسية، إذ إنّه «يريد من لقاء السبت أن يقول للاعبين الخارجيين بأنه مرجعية المعارضة عندما يحين موعد البحث في التسويات المقبلة»، وما يفعله، باختصارٍ شديد، هو طرح «منتجٍ» على صورة «لقاء معارض واسع» لمن يشتريه ويموّله.