في حي «الجوار» بمنطقة الشياح في الضاحية الجنوبية لبيروت، أبصر النور عماد مغنية يوم 25/1/1962. والده فايز مغنيّة، وأمّه آمنة سلامة. وفي مدارس ذلك الحي، تلقّى علومه الابتدائية والإعدادية وعاش مع عائلته التي فقدت أيضاً الابنين الآخرين جهاد وفؤاد.في نحو العاشرة من عمره، صار يرافق والده في العطل الأسبوعية والصيفية إلى مطعمه الصغير الكائن في شارع عبد الكريم الخليل أحد الشوارع الرئيسية في منطقة الشياح، وفي الأمسيات كان يقضي جلّ وقته في المسجد القريب من المنزل الذي كان يعرف بمسجد الشيخ القبيسي. وعندما بلغ الثالثة عشرة من العمر، قرر عماد المتأثر كثيراً بعلوم أمّه الدينية، التوجه إلى العراق حيث الحوزة العلمية في النجف الأشرف. لكن حصل في اللحظة الأخيرة ما عطّل الرحلة.
في 13 نيسان من عام 1975 اندلعت شرارة الحرب الأهلية في لبنان من ساحة «البريد» في عين الرمانه، على بعد 50 متراً من مطعم أبيه، وحينها بدأت حياته العسكرية.
تحوّل طريق «صيدا القديمة»، الفاصل بين الشياح وعين الرمانة، إلى جبهة ساخنة كثرت فيها السواتر الترابية والكتل الخرسانية والمتاريس. في عين الرمانة كان مقاتلو الكتائب والأحرار، وفي الجانب الآخر مقاتلو الحركة الوطنية والفصائل الفلسطينية. هناك تسنّى لعماد وهو بعمر الرابعة عشرة الاختلاط والتعرف إلى اليسار بفصائله وأفكاره المتنوعة. صادق الشيوعيين وقرأ أفكارهم، وكان لافتاً اهتمامه بتروتسكي. واختلط بالقوميين السوريين الاجتماعيين فأعجبَهُ عمقهم وانضباطهم. لكن كل ذلك لم يدفعه للانتماء إلى أي من الأحزاب اللبنانية. وأمضى أيامه ولياليه، مثل كل الفتية في الشياح، يتنقّل من محور إلى محور، ولصغر سنّه اقتصرت مشاركاته على بناء السواتر الترابية لحماية المدنيين من نيران القناصة، ثم صار يشارك في الحراسات الليلية حيث تعرف إلى المقاتلين الفلسطينيين، وسمع منهم الحكايات عن بلادهم. أما والدته، فكان لها نصيبها الليلي من المشقّة باحثةً عنه تتقفى أثره من محور إلى آخر، فتعيده الى المنزل ليلاً ليعود ويغادره صباحاً، ولا يعود إلّا برحلة تقفّي أثر جديدة للحاجة آمنة. تلك السيدة التي لم تكن تدرك ما سيأتيها لاحقاً. ففي حزيران من عام 1984 شيّعت الحاجة آمنة والحاج فايز ابنهما الأصغر، جهاد الذي استشهد في قصف مدفعي استهدف منزل العلّامة محمد حسين فضل الله في بئر العبد. وبعد عقد من الزمن شيعت الحاجة آمنة والحاج فايز ابنهما الأوسط فؤاد، الذي كان ضمن تشكيل المقاومة، وقد اغتالته الاستخبارات الإسرائيلية بعبوة ناسفة في منطقة الصفير بالضاحية الجنوبية. كذلك لم تدرك الوالدة ما خبأته لها الأقدار بشهادة ثالث أبنائها، بكرها الحاج عماد، عام 2008.
كان واضحاً أن للتربية الدينية أثرها في الفتى عماد، ومنها اهتمامه بفكر الإمام السيّد موسى الصدر، فشارك في أنشطة حركة المحرومين آنذاك مع أبناء منطقته. لكن الأمر الأوضح، أنه تشبّع أكثر بأفكار الثورة الفلسطينية ووجد نفسه أقرب إلى أكبر فصائلها في حينه، حركة فتح. وسرعان ما أتيحت له فرصة التدريب العسكري في مخيمات عدة، في بيروت وخارجها. وتأهّل عسكرياً ليكون في موقع آمر فصيل. لكن الدورة المفصليّة كانت في معسكر الزهراني «معسكر أبو لؤي»، المعسكر الذي تلقّت فيه الشهيدة دلال المغربي تدريباتها.
عماد وفتح
في مركزية فتح في الشياح، كان يقيم أبو حسن خضر سلامة (الشهيد علي ديب الذي اغتالته إسرائيل عام 1999)، وكان يعرف أيضاً بـ«أبو حسن البلاتين»، نسبةً إلى قضبان البلاتين المزروعة في أنحاء عدة من جسده نتيجة الإصابات المتكررة. أعجب الشاب اللبناني بعماد، ووجد فيه شاباً مناسباً للعمل المتطور. وفي وقت قصير، قرر أبو حسن تعيين عماد نائباً له.
بقي ضمن التشكيل حتى عام 1981. وسبب الخروج، عدم التزام عماد قرارات الحركة. ذلك أن الشاب المتديّن، تأثّر كثيراً بخطف الإمام الصدر. وعندما تعرّض العلّامة فضل الله لمحاولة اغتيال على يد الاستخبارات العراقية في عام 1979، كوّن عماد وبعض رفاقه درعاً أمنية للسيّد محمد حسين فضل الله حيث سهروا على حمايته وإجراءاته الأمنية، ثم رافقه في رحلة إلى الحج في عام 1980. ومن حينها صار يعرف باسم «الحاج عماد».
وجاء استشهاد السيّد محمد باقر الصدر في العراق في نيسان 1980 منعطفاً في توجهاته. وجد نفسه أمام مسؤولية الوقوف في وجه البعث الخاضع لسلطة العراق. ويومها اتهم البعث باستهداف علماء الدين وقياديين في حركة أمل وما كان يعرف في ذلك الوقت باللجان الإسلامية. انخرط الحاج عماد في مواجهات مسلّحة مع البعثيين، ما أدى إلى انفصاله كلياً عن حركة فتح في النصف الأول من عام 1981.
الاجتياح الإسرائيلي
في حزيران من عام 1982 حصل الاجتياح الإسرائيلي للبنان وكان الحاج عماد في حينه يزور العتبات المقدسة في مشهد في إيران. فور سماعه النبأ، عاد الى سوريا ومنها الى لبنان، وفي الطريق اختطفته عناصر من الكتائب اللبنانية ثم أطلق سراحه بعد تدخّلات سياسية، ودخل بيروت ليلتقي مجدداً رفاقاً له من فتح وفصائل فلسطينية. وراح الحاج عماد يتنقّل من محور الى آخر، من خلدة الى كلية العلوم جنوب شرق بيروت، الى الكوكودي غرب الضاحية الجنوبية لبيروت، الى شاتيلا حيث أصيب في إحدى المواجهات بقدمه إصابة أقعدته في الفراش لفترة وجيزة، استأنف بعدها نشاطه مع الشهيد أبو جهاد (خليل الوزير) الذي كانت تربطه به علاقة وثيقة.
بعدما غادر القادة الفلسطينيون وفصائل الثورة الفلسطينية بيروت، تسنّى للحاج عماد معرفة مخازن أسلحة كثيرة. يومها، كوّن الحاج عماد مع رفاقه النواة الأولى لما بات يعرف لاحقاً بالمقاومة الإسلامية. وألّفت مجموعات للمقاومة في بيروت والبقاع الغربي والجنوب، بدأوا بشن سلسلة عمليات على دوريات للعدو، ونصب الكمائن وقنص الجنود وقصف التجمعات بالصواريخ.. إلى أن كانت باكورة العمليات النوعية للمقاومة الإسلامية بتاريخ 11/11/1982 حيث دمّر مقرّ الحاكم العسكري في مدينة صور في جنوب لبنان في عملية للاستشهادي أحمد قصير.
في تلك الفترة، لم ينقطع الحاج عماد عن أجواء الفصائل الفلسطينية، وبعد ترحيل قادة وكوادر ومقاتلين إلى تونس واليمن والسودان وانكفاء آخرين إلى سهل البقاع، بدأ الشرخ يبرز في العلاقات في ما بينهم، وشعر الحاج عماد بأنّ في مقدوره أداء دور توفيقي، فسعى إلى دفعهم نحو عمل مشترك بوجه إسرائيل فقط. وبحكم علاقته ومعرفته عن قرب بالكثير من المناضلين، قاد الحاج عماد عمليات مشتركة نفّذها مقاتلون من أحزاب لبنانية وآخرون فلسطينيون ومجموعات من المقاومة الإسلامية، وساهم الحاج عماد في تسليح العديد من فصائل المقاومة الوطنية والفلسطينية وتوفير الدعم اللوجستي لهم.
وعندما وقعت اشتباكات بين عدد من المخيمات الفلسطينية وحركة أمل، كان للحاج عماد دور يُشهد له في فض الاشتباكات وحل الإشكالات للحؤول دون تفاقم الأوضاع. وكثيراً ما تعرّض للمخاطر أثناء معالجة بعض الحالات الإنسانية الصعبة.
عام 1984 شهد أيضاً انفصال الحاج علي ديب (أبو حسن خضر سلامة) رفيق درب الحاج عماد عن حركة فتح، فانضمّ هو وتشكيلاته إلى المقاومة الإسلامية وكان سنداً للحاج عماد وذراعه اليمنى. تميّز أبو حسن بقلّة اهتمامه بالمناصب والمواقع التنظيمية. كان مشغولاً بالمهمات العملانية. وهو استمر كذلك حتى استشهاده في عام 1999 بتفجير العدو عبوة استهدفت سيارته في منطقة عبرا شرقي صيدا بعد محاولات عدة فاشلة لاغتياله.
مع أبو عمار وأبو جهاد
كان لشخصية الحاج عماد وقع محبّب ومكانة خاصة لدى الزعيم الفلسطيي الراحل ياسر عرفات، أبو عمار. حظي باحترامه وثقته رغم التباين الواسع في كثير من التوجهات والاقتناعات والرؤية في ما يتعلّق بأولويات الكفاح المسلح في مواجهة العدو. كان أبو عمار حريصاً على التواصل معه والوقوف على آرائه، وقد كان للحاج أبو حسن سلامة دور كبير في هذا المجال، إذ كان بمثابة الرسول بين الاثنين، فكان يلتقي بأبي عمار حاملاً رسائله الى الحاج، سواء أكان في تونس أم في اليمن أم في مصر، وكم كان يحلو لأبي عمار أن يخاطب الحاج عماد في رسائله «ولدي العزيز».
أمّا أبو جهاد، خليل الوزير، فلم تنقطع العلاقة بينه وبين الحاج عماد حتى تاريخ استشهاد أبو جهاد في تونس، وقد كان قناة ورسولاً خاصاً بينهما، ولا أحد يعرف متى يحين الوقت للحديث عنها.
يقول الحاج عماد: «كنت أعرف أنه لن يوافق على تسوية تطيح الحق الفلسطيني. وكلما كانت تطوّرات المواجهة بيننا وبين العدو تتقدّم صوب قرار إسرائيلي بالانسحاب من لبنان، كان «الختيار» يرسل الإشارات إلى الرغبة في الاستعداد لجولة جديدة من المواجهة مع الإسرائيليين في الداخل. صار أكثر اقتناعاً بالحاجة إلى استئناف العمل العسكري. أصلاً لم ينقطع التواصل معه. مرّت العلاقة بفترة عصيبة إثر اتفاقية أوسلو، لكننا كنا نعرف ماذا يجري من حوله، وكان هو يهتمّ بالاحتفاظ بصلة الوصل، كعادته، لم يكن يريد أن يقطع مع أحد. كان يقصد أحياناً شرح الموقف، وبعد انسحاب العدو من لبنان عام 2000، جاءت الرسالة الأساسية منه: أريد دعماً لوجستياً».
كان الحاج جالساً في مكتبه الخاص في قلب الضاحية الجنوبية عندما شرح لزائره أن حزب الله لم يكن يوماً عقبةً أمام أي نشاط لأي طرف في مجال المقاومة. سمع رأياً نقدياً وحتى اتهامياً بأن الحزب عمل مع سوريا على حصر المقاومة به. لم يكن الحاج انفعالياً، لكنه كان مستفَزاً في تلك اللحظة. سارع إلى شرح واقع الحال في لبنان والجنوب خلال فترة ما بعد توقف الحرب الأهلية. لم يكن يقبل بأي إشارة نقد إلى أي جهة أو فصيل له دور في المقاومة. كانت لديه معلومات تفصيلية عمّا فعله الآخرون من خارج حزب الله. لكنه شرح بالتفصيل، الواقع الذي دفع بكثير من القوى الأخرى إلى الانسحاب. لم ينف الظروف السياسية، لكنه قال بحزم: «تعرّضنا لكل أنواع القتل، والضغط، والحصار، والقطيعة، لكن قرارنا أولوية المقاومة وحمايتها كان فوق أي اعتبار آخر. ودافعنا بالدماء عن بقاء المقاومة».
بعد ذلك شرع الحاج رضوان بالحديث عن فلسطين. قال إن هدف حزب الله واضح، وهو إزالة إسرائيل. «ليس في الأمر جدل ولا مساومة، ونحن غير معنيين بأي قرار يتخذه أي طرف في العالم لمنح إسرائيل شرعية البقاء. ونحن لا نتحدث عن شيء غير واقعي. وإلى جانب اقتناعاتنا الدينية، لدينا الكثير من الأسباب العلمية التي تدفعنا الى الاقتناع أكثر، بأن زوال إسرائيل مسألة مرتبطة بما نفعله نحن، أهل فلسطين داخلها وفي محيطها وفي العالم العربي والإسلامي».
فجأة، وقف الحاج في مكانه، وشرع مع أحد مساعديه في البحث داخل خزانة عن مخطط لعمل استراتيجي. قال لزائره: «بعد التحرير عام 2000، وعندما تيسّر لنا التعرف أكثر إلى العدوّ وقدراتنا نحن، صار حلم تحرير فلسطين قابلاً للتحقق. لقد أنشأنا لجنة لإزالة إسرائيل. وفي المقاومة، عندنا، ثمة وحدة خاصة بفلسطين. نحن لا نقوم بالعمل عن الفلسطينيين، ولن نفعل ذلك. لكننا في موقع سياسي وأخلاقي وديني يوجب علينا توفير كل مستلزمات الدعم للمقاومين في فلسطين، ليس فقط لمساعدتهم على البقاء حيث هم الآن، بل لمقاومة الاحتلال ودفعه إلى الخروج ولو تدريجاً من الأراضي المحتلّة».
وللتوضيح أكثر، أشار الحاج رضوان، مع تنويه بأنه غير قادر على الإفاضة لأن تفاصيل كثيرة هي من أسرار العمل، إلى أن حزب الله لديه صلات قوية مع كل مجموعات المقاومة داخل فلسطين ودون أي استثناء. تحدث بقوة وودّ عن كتائب شهداء الأقصى، وقال إن «العلمانيين واليساريين في فلسطين كانوا من طليعة مَن عملنا معهم. لكن لدينا الآن تحالف استراتيجي مع حماس والجهاد الإسلامي ومع القوى الجدية في مقاومة الاحتلال». تابع: «نحن لا نقبل بأي شكل أن يقوم تنظيم في فلسطين يتبع لنا تنظيمياً أو إدارياً أو حتى دينياً. والذين اعتنقوا المذهب الشيعي، حاولوا معنا بقوة، العمل على إنشاء تنظيم أو فرع لحزب الله في فلسطين، فلم نقبل بذلك، ولن نقبل. نحن لم نجد في المقاومة خياراً للتحرير فقط، بل مكاناً تقتل فيه الفتنة، ويبتعد السجال المذهبي والطائفي والعقائدي، وتصبح الخلافات محصورة في كيفية تحقيق نجاحات على صعيد مقاومة الاحتلال».
الحضور الميداني في فلسطين
للحاج رضوان علاقة خاصة مع قيادات حماس والجهاد الإسلامي. كان حازماً في توفير الدعم المالي والإعلامي لانتفاضتي فلسطين ونسج علاقة متينة مع الشهيد الدكتور فتحي الشقاقي، الأمين العام السابق لحركة الجهاد. ثم ارتبط الحاج عماد بعلاقة وثيقة مع الدكتور رمضان عبد الله شلح الأمين العام للجهاد بعد الشقاقي، وبنى علاقات استثنائية مع قيادات حماس في الداخل والخارج، حتى إن البعض لا يعرف ربما، أن الحاج عماد، قبيل استشهاده بساعات، كان في اجتماع مع زعيم حماس خالد مشعل في حضور قياديين من الحركة في دمشق.
بعد استئناف التواصل مع أبو عمار، لم يغفل الحاج عماد الحاجة إلى حضور مباشر لمقاومين في الميدان. كان بالإضافة الى تعاون وثيق ومميز مع حماس والجهاد، يعمل على تأمين انتقال كوادر ومقاتلين من داخل فلسطين الى سوريا ولبنان وإيران لإخضاعهم لدورات عسكرية ومنحهم المعرفة والخبرة والدراسات اللازمة، ثم العمل على إعادتهم إلى الأراضي المحتلّة. وقد طوّرت قوى المقاومة في فلسطين آليات النقل هذه، برغم الحصار الذي كان النظام الأمني لحسني مبارك يفرضه عليهم.
وعندما كان الحاج عماد يشعر بالحاجة إلى الحضور المباشر، لم يكن يتردد في إرسال مَن يجب إرساله إلى الأراضي المحتلة. وقد نجحت إسرائيل، مرتين على الأقل، في كشف مقاومين من حزب الله واعتقالهم، سواء بجهود منها، أو بجهود عملاء لها داخل أجهزة أمن السلطة الفلسطينية، أو بسبب أخطاء واجهت المقاومين أنفسهم. لكن الحاج لم يكن يترك هؤلاء يعيشون لوقت طويل في السجون، وكان سعيه الدائم إلى تنفيذ عمليات أسر لجنود العدو، يقوى بحافز إطلاق هؤلاء الكوادر.
وقد مثّل تطور عمل حماس والجهاد داخل فلسطين المحتل، ونشوء العديد من التشكيلات النضالية والجهادية دافعاً مهمّاً للحاج عماد إلى التطوير، وتفرغ لإعداد الخطط والبرامج لدعم هذه الفصائل داخل فلسطين. وقد شرع في توفير مستلزمات مواجهة العدو تدريباً وتسليحاً ودعماً لوجستياً ومادياً، فأنشأ داخل المقاومة الإسلامية تشكيلاً خاصاً لفلسطين، وفّر له المستلزمات المطلوبة، وكان همّه تدريب الشباب الفلسطيني وإيصال السلاح إلى فلسطين، ولعله في داخله كان يردّ بعضاً من الجميل لرفاق الأمس الذين أمدّوه بالسلاح عند انطلاقة المقاومة الإسلامية في لبنان.
بعد توفير المقوّمات الأساسية للصمود العسكري على مستوى السلاح الخفيف والمتوسط لكل من حماس والجهاد وكتائب شهداء الأقصى واللجان الشعبية وكتائب أبو الريش وغيرها من الفصائل المقاومة، شرع الحاج عماد بتنفيذ قرار قيادة المقاومة الإسلامية توفير الدعم المفتوح للمقاومة في فلسطين. ووفّرت سوريا وإيران الدعم الإضافي والاستراتيجي، وشرع بتمكين المقاومين في فلسطين من إنتاج القدرة النوعية لمواجهة العدو سعياً إلى تحقيق توازن تكتيكي ونوعي مع العدو. ولم يكن يغفل عن بناء التشكيلات والتخصصات، كالمشاة وسلاح الهندسة والقناصة والوحدة المضادة للدروع والقوة الصاروخية، فضلاً عن بناء تشكيلات منظمة ونموذجية لخوض حرب عصابات مع جيش العدو. حتى إن قيادياً رفيعاً في كتائب عز الدين القسّام قال إن الحاج عماد كان شريكنا في حرب غزة.
لم يكن الحاج عماد يفرّق بين مقاوم وآخر. لم يدع سبيلاً الى فلسطين إلّا سلكه غير آبه بكل اللّاءات والممنوعات التي كانت تطوّق فلسطين قبل الأطواق المفروضة من العدو أسلاكاً وجدراناً، فلا عباب البحر ردّه ولا أمواجه العاتية، ولا وعورة الأرض والجبال والوديان حالت دون إيصال السلاح إلى فلسطين من فوق الأرض ومن... تحتها!
مغنية في نظر مطارديه
في الثالث من الشهر الجاري عرضت القناة الثانية الإسرائيلية برنامج «عوفدا» وفيه تحقيق أعدّه «ساريت ماغِن» و«نعمه بيري» تشتمل تفاصيله على حكاية غير رسمية عن اغتيال الحاج عماد مغنية في دمشق، وفيه شهادات لعدد كبير من رجال الأمن البارزين في إسرائيل ومسؤولين وعملاء سابقين لوكالة الاستخبارات الأميركية، تحدّثوا عن مغنية ومواصفاته، والعمل على تعقّبه.
■ دافيد بركاي، مسؤول رفيع المستوى عمل سابقاً في وحدة الاستخبارات ينظر الى صورة مغنية ويقول: «هذا يخيفني بعض الشيء، وهو لا يزال يخيفني. لم يكن مغنية مخرّباً، بل كان استراتيجياً استخدم الإرهاب كجزء من استراتيجيته».
■ آمنون شاحاك رئيس هيئة الأركان سابقاً: «عماد مغنية كان جريئاً، وذكياً، ومثّل خطراً حقيقياً على دولة إسرائيل».
■ بوب بار عميل لـC I A في بيروت سابقاً: «فلنعترف بالحقيقة... مغنية كان عبقرياً. لا يمكن نفي هذا عنه. بالنسبة إليه لم يكن هناك شيء لا يستطيع الوصول إليه في لبنان... كل شخص وكل مكان».
■ ديفيد بار مسؤول سابق في الاستخبارات قال: «أحد الأمور المدهشة هو صوره التي ظهرت على مواقع كثيرة على شبكة الإنترنت. في الحقيقة هذه هي المرة الأولى التي أرى فيها الرجل يعرض نفسه لكاميرا، يرتدي نظارات حديثة، قصة شعر لطيفة، ولحيته مشذبة، وينظر إلى الكاميرا كأنه يقول: «أنا الآن شخص مشهور». وهذا لا يشبه أبداً «مغنية» الذي عرفته».
■ شبتاي شابيط الرئيس الأسبق للموساد: «لقد جمع بين الذكاء والمعرفة والقدرة المهنية والشجاعة والقدرة على التخطيط والاندماج في المنطقة، لذلك، فإنه من مستوى آخر، من مستوى مغاير. مغنية لم يكن مكشوفاً، لكن انعكاسه كان كأنه «ترومبلدور» (بطل يهودي) من مدة إلى مدة كان ينبثق فجأةً خبر ما بأنه هنا أو هنا أو هنا... هذا إضافةً إلى أنه نجح في تغيير مظهره».
■ «ط» ـــــ مسؤول سابق في المؤسسة الأمنية، كان هذا الضابط لا يتحدث عن «مغنية» فقط بل يعيشه، فقد طارده وكان ضمن الدائرة الضيقة جداً حين كانت عملية اصطياد مغنية في ذروتها، وقبل مدة أنهى عمله الناجح في أحد المناصب الرفيعة في جهاز الاستخبارات، و«مغنية» كان أحد آخر الملفات التي أقفلها»، وهو يقول عنه: «بالتأكيد، لقد عمل مع مجموعة صغيرة جداً من الأصدقاء الموثوق بهم، وكان رجلاً شديد الحذر بطريقة أساسية. أحياناً، فهمنا أن هذا الرجل هو رجل مركزي جداً، وأن المسّ به سيؤدي الى تضرر المنظمة نفسها والى جعله يدفع الثمن عن أمور كثيرة قام بها ضدنا».
■ دافيد بركائي، مسؤول كبير سابق في وحدة الاستخبارات: «لم يُسمع شيء عن الرجل، ولم يعلم أحد أين يقطن، ولم يعلم أحد أين سينام في اليوم التالي، كما لم يعلم أحد مع من ينام وأيّ دخان يدخن، وماذا يزعجه في الحياة».
28 تعليق
التعليقات
-
هنا الفرقلم نجد في المقاومة خياراً للتحرير فقط، بل مكاناً تقتل فيه الفتنة، ويبتعد السجال المذهبي والطائفي والعقائدي، وتصبح الخلافات محصورة في كيفية تحقيق نجاحات على صعيد مقاومة الاحتلال هنا الفرق هنا المائز هنا المعيار هؤلاء هم من يصنع للأمة تاريخها ومجدها رحمة الله عليك وشكرا يا أستاذ إبراهيم
-
علاقتي بالمقاومة رحم الله الحاج عماد وبالاخص الحاج ابو حسن سلامة حيث عشت معه اجمل ايام في حياتي في صيدا وبعد استشهاده لم يعد لنا قيمة وذهب عملنا في المقاومة هباء رغم وجودنا المتواصل بالجنوب رحم الله قادة المقاومة
-
....هؤلاء هم قادتنا هؤلاء هم أبطالنا هؤلاء من ينظر اليهم أبا عبد الحسين لتكون سبب بسمته المنيرة هؤلاء من نذروا حياتهم للأمة , للوطن , للحرية , وللكرامة. هؤلاء من دفعوا دماءهم للدفاع عنّا هؤلاء هم شهداؤنا, عظماؤنا, تاريخنا الذي لن ننساه بإذن الله. فشكراً لك إبراهيم الأمين, شكراً لأنك قدرت على إطلاعنا على أستاذنا الذي لطالما كان مجهولا. .... إنا علمنا أن عطاء الدم ثمن الحرية ....
-
الى مجهول هذا هو اسلوب اناالى مجهول هذا هو اسلوب انا الثائر الوحيد انا المناضل الاوحد انا المجاهد الاعظم اشكر الله ان قادة حزب الله يعترفون بانهم اكملوا من حيث توقف المناضلين الاخرين وحتى خطاب السيد نصرالله ابان التحرير شكر المقاومة الفلسطينية واللبنانية واعتبر ان المقاومة عمل تراكمي ما هذا الغرور بينما ينصح احد اليساريين اليسار بان يضع صورة الشهيد مغنية تاتي انت وتدعي بان كوادر حزب الله نهلوا فقط من ثورة الحسين حزب الله نهل من اليسار والثورى الفلسطينية وكل قوى التحرر شئت ام ابيت
-
الى جنات الخلدهذه هي الرجال التي نذرت نفسها للـــــــــــــه
-
الامة التي انجبت ابطال على مرالامة التي انجبت ابطال على مر العصور تبقى قادرة على انجاب المزيد رحم الله امير الساحات الجهادية واسكنه فسيح جنانه واطال الله عمر قائدنا وسيدنا سماحة السيد نصر الله والى المزيد من الانتصارات على اعدائنا داخليا وخارجيا
-
كان لغزاً حيرني في حياتي وعندما إستشهد غير مجرى حياتيأنا رجل أخفي ملامح وجهي في ذاتي فلا تفرق بين ضحكي وبكائي وقصة مع الحاج رضوان أنه غير مجرى حياتي مذ أن أخرجنا في 11\11\1982 من العصر الإسرائيلي الأمريكي إلى عصر المقاومة وبعد وجهه يطاردني عرقه يخجلني أما دمه المسفوك في خربة من ضواحي الشام يؤلمني حينما إستشهد غريباً في متاهات المتغيرات الدولية المتعلقة بالمحكمة الدولية ولعبة الكبار. حبذا يا أمين اسرار المقاومة في الأخبار يا أستاذ إبراهيم الأمين أن تعطينا معلومات وافرة تعودنا عليها منك كي يفهم العالم واللبنانيين على وجه الخصوص من هو عماد . أعذروني لن أطيل ففي القلب حرقة والمستتر أكبر. موسى مقاوم من جنوب لبنان
-
لبيك يا نصر اللهلبيك يا نصر الله
-
المزيد المزيدالمزيد المزيد يا استاذ ابراهيم, نريد المزيد عن حياة الساحر المبدع. بقدر ما أفرح عندما أقرأ عن الحاج عماد و حياته و عبقريته و مقاومته,بقدر ما أحزن لفقدانه
-
وهل وضع اليمين اللبناني وانوهل وضع اليمين اللبناني وان كان يمين مقاوم وغير تقليدي صورة تشي غيفارا او وديع حداد او غيرهم من الرموز التاريخية اللتي لعبت دورا" رائدا في النضال الوطني والاممي الى جانب صور قادة المقاومة الاسلامية . كل تحية للشهيد عماد الذي قاوم بابداع ورسم خط بياني لانحدار العدو الصهيوني ولكن علينا ان لا ننسى الصور الناصعة لثوار ملئت اعمالهم الثورية اصقاع الارض ومن تجاربهم نهل الشهيد مغنية. تحية الثورة
-
آن الأوان ليضع اليسارآن الأوان ليضع اليسار اللبناني صورة الحاج عماد مغنية إلى جانب صورة تشي غيفارا وأن يزين سترته بالأيقونتين معا. بالحسابات الأيديولوجية القديمة,هي مفارقة ولا شك,على المستوى الفكري الفلسفي, أو على المستوى الثقافي الإجتماعي حسب القياسات الجامدة إذاما أردنا الدخول في متاهات الجدال النظري.أما على المستوى الإنساني فإن دائرة الإلتقاء واسعة ورحبة وغنية بعناصر التماهي الأخلاقي التي هي الأساس في نهاية المطاف ,إذا ما أردنا أن نكون منصفين وصادقين وعميقين في أهدافنا وشعاراتنا.ولنستحضر في هذه اللحظة مشهد المصلين في ميدان التحرير في مصرالذي لم يلغ حضور المحيطين بهم وقوفا من كل الجهات, بل كانت الصورة كاملة وبهية ومبهرة فيما حملته من تنوع وتكامل واتحاد انساني. لقد فتحت المقاومة الأسلامية في لبنان عصرا جديدا يجب أن يقرأ بتمعن وإنصاف ووعي كبير, وقدمت أنموذجا جديدا في السياسة والاجتماع والتنظيم والتضحية, يستحق الإحترام والحماية والرعاية. أليست هي قيم اليسار نفسها؟. كل التحية والإكبار للشهيد الحاج عماد مغنية رمزا انسانيا عالميا لكل الأحرار والشرفاء.
-
بعض من سيرة ساحر المقاومةرحمة الله عليك يا حاج عماد - رضوان ، وعلى الشهداء انتم من رفع جبيننا عالياً انتم من حمانا من القهر والتعزيب والزل والعبودية . وأقول البركة برفاقكم واصدقائكم وجنودكم ومن حمل الراية وهناك مثل يقول (التلميذ يتفوق على استاذه)والحمد الله كلنا ثقة بألاف التلاميذ. والحمد الله والحمد لله والحمد لله .
-
سؤآل وجيه!فريق 14آذار كان مسؤولاً عن وزارة الإتصالات حين إغتيل الشهيد عماد (بل حين تم إغتيال سمير قصير وجبران وغيرهم)، هذا الفريق الذي كان يسيطر على الحدود اللبنانية السورية والذي أعطى الحرية الكاملة لما يسمى بفرع المعلومات للتدخل ومعرفة ما يتعلق بكل شخص في لبنان (ولسيما المقاومين) ألا يمكن أن يكون شريكاً في إغتيال الحاج عماد؟
-
أين أصبح التحقيق في الإغتيالأين أصبح التحقيق في الإغتيال و ما هي النتيجة حتى الأن؟
-
رحمةرحمة الله عليك ياعماد مغنية, وأتمنى أن يكون في المقاومة آخرين من مستواك وخبراتك.
-
يا استاذ ابراهيم هل برايكيا استاذ ابراهيم هل برايك تجوز مقارنة هذا البطل و المجاهد و انجازاته مع شخص مثل الياس عطالله الذي طوش العالم انه كان قائدا للمقاومة الوطنية مع انجازاته التي لا تذكر . و هل تجوز مقارنة ما قدمه عماد مغنية لفلسطين مع ما قدمه الملياردير سعد الحريري صاحب ثروة ال 16 مليار دولار هو و العائلة ؟ بضميرك احكى
-
سيد إبراهيم ... آلمتنا كثيراالأستاذ الكبير إبراهيم الأمين .. إن مقالتك الساحرة أيضا رغم ما أشبعت به فضولنا و حبنا لمعرفة الحاج إلا أنها آلمتنا .. لخلو الحياة من بريق عينيه .. لأننا لم نعرفه إلا بعد فقده .. و كلما عرفناه أكثر .. كلما زاد ألمنا و حسرتنا عليه . و لأتكلم عن نفسي فأنا لم أعرف الحاج عماد .. سوى إسم يتردد نادرا في الأخبار على لسان بعض السياسيين فقط .. و عندما أستشهد تأثرت كثيرا أتذكر مقالتك ( ما يمكن قوله عن ساحر المقاومة ) ؟ لقد قرأتها مرات لا تعد و لا تحصى أحببته و جعلت منه أستاذي الغائب .. فشكرا لك أن أتحت لنا فرصة التعرف عليه أكثر .. و هنيئا لك معرفتك بالحاج .. لكن .. عندي طلب لا أدري إن كان تنفيذه ممكنا .. للدواعي الكثيرة التي تحيط بذكر عماد مغنية .. نريد منك يا سيد أن تذكر لنا علاقة الحاج عماد بالسيد حسن .. علاقته بالسيد عباس .. بالشيخ راغب .. كيف التقى معهم .. بمحمد رعد .. فنيش .. نواف الموسوي .. ماذا يقولون له .. وفيق صفا مثلا .. دمت لنا
-
رحمك الله يا قائدي و يا قائدرحمك الله يا قائدي و يا قائد كل حر في هذه الأمه.أمثالك لا يموتون.
-
رحمك اللهالله يرحمك يا حاج عماد، نحن لم نعرفك في حياتك، وأبيت أن تخرج الينا إلا شهيداً... أسكنك الله فسيح جناته
-
اكيدلما بتسمع عن هيك عالم بتخجل من حالك ........... الله يرحمك يا حاج عماد....
-
بمثل هذا الرجل نشعر بالفخربمثل هذا الرجل نشعر بالفخر وبه وبامثالة سننتصر انشاء الله.
-
لا تحسبن الذين قتلو في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقوناشعر انه ما يزال يجاهد مع اخوانه من عليائه و سيكون معهم و الى جانبهم في المواجهة المقبلة
-
هل ما زال في خزنة المقاومةهل ما زال في خزنة المقاومة مفاجات ام خلص خلصت ؟؟ اذا عندك معلومات يا ابراهيم الرجاء ان تشاركنا بها
-
... ما شاء الله سيرة الابطال... ما شاء الله سيرة الابطال و المجاهدون و الاولياء ليس كسير الخونة و الحرامية و اصحاب المليارات المشبوهة ...
-
عن رسول الله (ص)’’ يرفع الله المجاهد في سبيل الله عن غيره في الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء و الارض ’’ .