تستعرض سونا تاتويان كنزها العائلي الوطني بسعادة غامرة. «الكنز» التراثي الذي خبّأته العائلة الأرمنية السورية منذ عقود، هو صندوق خشبي يحوي 150 دمية من دمى «مسرح خيال الظل» النادرة، صنعها جدّ سونا، أبكر كناجيان (1895 – 1940). كان أبكر من الصانعين المهرة لدمى مسرح «خيال الظل»، وهي دمى تُصنع من جلد الجمل، بعد معالجته بما يسمح بنفاذ الضوء من خلاله، ثمّ يتم قصّه في أشكال بشريّة وحيوانيّة مختلفة، ليُصار إلى تلوينها يدويّاً. كان جدّ سونا قد هرب بأسرته وصندوقه الخشبي من «مجازر الأرمن» التي طرقت أبواب مدينته أورفا في العام 1915، لينتهي به المطاف في حلب. بعد وفاة أبكر انتقل الصندوق إلى ابنه أرتين، الذي ورّثَه بدوره لابنه بيدروس، وبوفاة الأخير وصل الصندوق إلى ولده أرتين (حامل اسم جده). في وقت مبكر من عمر الحرب السورية تفجّرت الأوضاع الأمنية في أريحا (ريف إدلب) التي تمتلك فيها العائلة مطعماً، ثمّ في حلب، فانضمّت العائلة إلى قافلة النازحين عن البلاد. أخيراً، عادت السيدة تاتويان إلى حلب، وعلى رأس أهدافها إيجاد صندوق الدمى، بعد أن أثار حماستها نجاح «الأمانة السورية للتنمية» في إدراج «مسرح خيال الظل» السوري على لائحة «التراث الثقافي اللّامادي» العالمي. كان في وسع سونا التفكير في نقل «كنزها» خارج البلاد بصمت، لكنّها تقول: «لقد تضرّر تراث حلب بما فيه الكفاية، وحتماً لن أكون شريكة في مفاقمة الضّرر». تحمل سونا الجنسيتين الأرمينية والأميركيّة، وهي ممثلة ومخرجة سينمائيّة محترفة، ولا يمنعها ذلك من التأكيد ببساطة وتلقائيّة: «نحن سوريّون». لدى سونا اليوم خططٌ لمشروع طموح، قوامُه إنشاء مركز في حلب، يختصّ بـ«إعادة إحياء التراث»، تستنسخ عبره مركزاً تديره في برلين اسمه «حكواتي». ومن المفترض أن يضمّ المركز أقساماً تُعلّم فنّ «الحكواتي» وفن «صناعة دمى مسرح الظل» وفنّ «تحريك الدمى». إضافة إلى تخصيص غرفة لتكون «متحفاً دائماً للدمى»، وأخرى تكون مسرحاً لعرض مسرحيّات «خيال الظل».