strong>من مدريد الى برشلونة، وصولاً الى اقليم الباسك وكل المدن الاسبانية، كانت الفرحة لا توصف، اذ اختلطت الصيحات بدموع الفرح، التي جسّدت مشهداً مغايراً لذاك الذي شهدته العاصمة الهولندية امستردام، حيث ساد البكاء حزناً على فشل المنتخب البرتقالي في العودة بالكأس الذهبية في ثالث مباراة نهائية يخوضها بعد عامي 1974 و1978، تاركاً نظيره الاسباني يحتفل بوضع أول نجمة ذهبية على قميصه الأحمر بفضل جيلٍ استثنائي
بحضور ملكي ورئاسي، وجمهور بلغ عدده 84490 متفرجاً على ملعب «سوكر سيتي» في جوهانسبورغ، رفع منتخب إسبانيا كأس العالم للمرة الأولى في تاريخه بفوزه على نظيره الهولندي 1 - 0 بعد التمديد، في المباراة النهائية. وانتزعت اسبانيا بالتالي حكم العالم الكروي من إيطاليا حيث ستمتد ولايتها أربع سنوات أي حتى استضافة البرازيل للمونديال المقبل عام 2014. كما نسخت إنجاز ألمانيا الغربية بطلة أوروبا 1972 والعالم 1974، بإضافتها الكأس العالمية الى اللقب القاري الذي ذهب الى خزائنها قبل عامين، وباتت اول منتخب اوروبي يتوّج بعيداً من «القارة العجوز».
وجمع المنتخب الإسباني في شارعه ما تفرّقه السياسة، فصفّق الكاتالونيون طويلاً لحارس ريال مدريد الكابتن إيكر كاسياس عند رفعه الكأس، وهم الذين كانوا قبل يومٍ واحدٍ فقط يتظاهرون مطالبين بالحكم الذاتي مجدداً. إلا أن صراخهم علا أكثر عند رؤيتهم كارليس بويول وزميله في برشلونة شافي هرنانديز يقبّلان علم الإقليم ويهللان للانتصار الذي كان لهما فضل كبير فيه، وخصوصاً الأول صاحب هدف الفوز على ألمانيا في نصف النهائي.
كذلك لفت حضور لاعب كرة المضرب الإسباني رافايل نادال للمباراة النهائية، وهو ارتدى قميص منتخب بلاده ورسم العلم الإسباني على وجنتيه وزيّن رقبته به، وهو لم يتأخر عن دخول غرفة ملابس اللاعبين لتهنئتهم على إنجازهم قبل أن يدلي بتصريحاته الى الصحافيين، معبّراً عن فرحتهولم تشهد تشكيلتا المنتخبين أي تغييرات، اذ لعب المدرب الهولندي بيرت فان مارفييك ونظيره الإسباني فيسنتي دل بوسكي بنفس العناصر الذين مكّنوهما من الفوز في الدور نصف النهائي. وكان الغائب الأكبر بالتالي المهاجم الإسباني فرناندو توريس الذي بقي على مقاعد البدلاء، مفسحاً المجال أمام الشاب بدرو رودريغيز للعب أساسياً ثانيةً الى جانب زملائه في خط وسط برشلونة.
الا ان الفرصة الأولى في المباراة جاءت من رأس مدافعٍ هو الظهير الأيمن الإسباني سيرجيو راموس، الذي حوّل ركلة حرة لعبها شافي باتجاه المرمى الهولندي، حيث طار لها الحارس مارتن ستيكلنبرغ وأبعدها ببراعة قبل أن تخترق الزاوية اليمنى (5). وواصل راموس تألقه فقام بمجهودٍ فردي وسدد كرة كاد جون هايتينغا يحوّلها الى مرماه فذهبت الى ركنية، انتهت عند دافيد فيا الذي سددها بيسراه في الشباك الخارجية للمرمى (12)أما أولى الكرات الهولندية على المرمى الإسباني، فكانت من ركلة حرة مباشرة سددها ويسلي سنايدر والتقطها كاسياس (18).
وانشغل اللاعبون بالخشونة، ما دفع الحكم الإنكليزي الصارم هاورد ويب الى توزيع البطاقات الصفراء بالجملة (بلغ عددها 15 بطاقة وزّعت على 14 لاعباً، وهو رقم قياسي في تاريخ المباريات النهائية للمونديال)، وذلك وسط تسديدات خجولة لم تقلق كثيراً الحارسين حتى أطلق أريين روبن في الدقيقة الأولى من الوقت المحتسب بدل الضائع، تسديدة زاحفة من خارج المنطقة أبعدها كاسياس ببراعة الى ركنية لم تثمرونشط المنتخب الهولندي في الهجوم مطلع الشوط الثاني، فظهر روبن مجدداً على مسرح الأحداث مهدداً مرمى كاسياس بكرة من خارج المنطقة ارتمى عليها الأخير (51)، ردّ عليها شافي من ركلة حرة لعبها من فوق الحائط الى جانب القائم الأيسر للمرمى الهولندي (54).
وشهدت الدقيقة 62 أخطر فرصة في المباراة عندما انفرد روبن بعد تمريرة بينية من سنايدر، فواجه الحارس كاسياس وحاول لعب الكرة الى يمينه، إلا أن الأخير وضع رجله أمامها لتتهادى الى خارج الشباك. بدوره، كان فيا قريباً من افتتاح التسجيل بعد خطأ في التشتيت من هايتينغا، إلا أن المهاجم الاسباني سدد من مسافة قريبة في قدم الأخير المرتمي على الأرض (69).

هلّل الكاتالونيون للفوز بعد يومٍ على تظاهرهم ضد الحكومة

رسم نادال العلم الإسباني على وجنتيه وهرع لتهنئة اللاعبين

ولم ينجح راموس في محاولته الثالثة للوصول الى الشباك، إذ علت كرته الرأسية العارضة إثر ركنية نفذها شافي (76). وأفلت روبن من الرقابة مجدداً، لكنه لم ينجح في تخطي كاسياس بسبب مضايقة بويول وجيرارد بيكيه له، مهدراً فرصة ثمينة أخرى (83).
وذهبت المباراة الى تمديد الوقت الذي سرعان ما شهد انفراد البديل سيسك فابريغاس إثر تمريرة بينية رائعة من إينييستا، إلا أن الحارس ستيكلنبرغ تصدى له ببراعة (94)، لترتد الكرة هجمة مرتدة لمنتخبه، انتهت الى ركنية لعبت عن الجهة اليسرى وتابعها يوريس ماتييسن فوق المرمى، رغم أنه كان في موقفٍ جيّد للتسجيل (95).
واستمر مسلسل إهدار الفرص بعد كرة سددها البديل الآخر خيسوس نافاس وتحوّلت من قدم جيوفاني فان برونكهورست، حيث كادت تخدع حارسه قبل أن تخرج الى ركنية (101)، أعقبها مجهود فردي لفابريغاس أنهاه بتسديدة قريبة من القائم الأيسر (104).
وبعدما رفع ويب تسع بطاقات صفراء، كانت العاشرة من نصيب هايتينغا الذي حصل على إنذاره الثاني فخرج مطروداً (109)، ليستفيد الإسبان سريعاً عندما شنّوا هجمة مرتدة فضرب فابريغاس الدفاع الهولندي بكرة رائعة الى «رجل المباراة» إينييستا المنسلّ داخل المنطقة والذي هيأها لنفسه، ثم أطلقها بدقة قوية الى يمين ستيكلنبرغ، مسجّلاً أغلى هدفٍ في تاريخ بلاده (116hr noshade>
فورلان يحمل الكرة الذهبيّة لأفضل لاعبيذكر أن النجم الأشقر كسب شعبية كبيرة في المونديال بفضل روحه الوديّة مع الجماهير، إذ لم يمانع يوماً من الوقوف وقتاً طويلاً من أجل التوقيع لهم، إضافةً الى تلبيته مطالب كل الصحافيين.


مولر أفضل هدّاف ولاعب شابوقد سجّل مولر 5 أهداف، وهو الرصيد عينه الذي سجّله كلّ من الإسباني دافيد فيا، والهولندي ويسلي سنايدر، والأوروغوياني دييغو فورلان، إلا أنّ الألماني الواعد (20 عاماً) نال اللقب بفضل تفوّقه في التمريرات الحاسمة وعددها 3 في النسخة الحالية، مقابل واحدة لكلٍّ من شركائه الثلاثة. كما أنه لعب أقل من منافسيه، إذ سجل أهدافه الخمسة في 6 مباريات، لكونه غاب عن مباراة الدور نصف النهائي أمام إسبانيا للإيقاف، قبل أن يعود في مباراة المركز الثالث ويضيف هدفه الخامس، مسهماً في إبقاء الميدالية البرونزية مع «المانشافت» أيضاً. وحاز جناح بايرن ميونيخ بطل ألمانيا، جائزة أفضل لاعب شاب، بعدما تفوّق على كلٍّ من المكسيكي جيوفاني دو سانتوس، والغاني أندريه أيوو، وذلك بعدما امتاز بفنياته الرفيعة، وتمريراته المتقنة وسرعته الفائقة.


«القفّاز الذهبي» لكاسياسوخلف كاسياس حارس مرمى إيطاليا جانلويجي بوفون الذي توّج بالجائزة عام 2006، عندما ساهم بدوره في تتويج «الأزوري» باللقب الرابع في تاريخه على حساب فرنسا بركلات الترجيح.
وانضم كاسياس بالتالي الى كوكبة من الحراس الذين كتبوا اسماءهم بأحرفٍ مذهّبة في المونديال، بدءاً من البلجيكي ميشال برودوم أفضل حارس في مونديال 1994، مروراً بالفرنسي فابيان بارتيز (1998) والألماني أوليفر كان الذي أحرز لقب أفضل حارس وأفضل لاعب في مونديال 2002 رغم عدم فوز بلاده باللقب عامذاك.
كذلك أضافت اسبانيا جائزة أخرى وهي «اللعب النظيف»، علماً بأنها امتلكت أفضل دفاع بدخول مرماها هدفين فقط، بينما كانت المانيا الأقوى هجوماً للمونديال الثاني توالياً بتسجيلها 16 هدفاً (مقابل 14 هدفاً في 2006).