ألن أيفرسون. اسمٌ غنيّ عن التعريف في دوري كرة السلة الأميركي الشمالي للمحترفين. لكنّ اللاعب الذي سحر الجميع بموهبته، أضحى فجأة منبوذاً لا يريده أيّ من الفرق، حتى الصغرى منها
شربل كريم
يردّد المقرّبون من ألن أيفرسون أنه لم يكن عاشقاً للعبة كرة السلة مطلقاً، إذ منذ صغره رفض دائماً الذهاب إلى التمارين، لكنّ والدته أجبرته على ذلك. وعندما لم يقتنع، عمدت إلى شراء زوجٍ من الأحذية التي تحمل اسم «الأسطورة» مايكل جوردان وأهدته إياه، فأصبح الصغير متيّماً بالمستديرة البرتقالية.
كَبر أيفرسون ودخل عالم الـ«أن بي آي» من بابه الواسع، وكان «درافت 1» عام 1996 عندما اختاره فيلادلفيا سفنتي سيكسرز، ثم أحرز في موسمه الأول معه جائزة أفضل لاعب مبتدئ «روكي». من هنا، سار بشكلٍ تصاعدي نحو النجومية، محرزاً جائزة أكثر اللاعبين قيمة مرتين (2001 و2005) في 10 مشاركات ضمن مباراة «كل النجوم» السنوية. أضف جائزة الـ«أم في بي» في موسم
2000-2001 حيث قاد فيلادلفيا إلى الدور النهائي.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحدّ، إذ إن هذا اللاعب رغم قصر قامته (1.83 م)، وضع نفسه على قائمة أفضل الهدافين عبر التاريخ، فائزاً بلقب هداف الموسم 4 مرات (27.1 نقطة في المباراة الواحدة هو معدله في مسيرته).
إلا أن كل هذه الأرقام والألقاب الفردية لم تشفع له لكسب احترام مسؤولي الفرق التي انضم إليها بعد تركه فيلادلفيا، فرسب في امتحان دنفر ناغتس، واستغنى عنه ديترويت بيستونز بأسرع مما فعله عندما تعاقد معه، فأصبح «ذا أنسر» (الجواب، وهو لقب أيفرسون) حرّاً في سوق الانتقالات يستجدي فريقاً ليعود إلى دوري العمالقة مجدداً!
ميامي هيت ولوس أنجلس كليبرز وأخيراً ممفيس غريزليس، فرق ربطتها الشائعات الصحافية بايفرسون، لكن يبدو أن رفض هذه الفرق وغيرها الارتباط باللاعب سببه هو نفسه ذاك الذي رمى به بعيداً عن دنفر وديترويت، أي عدم الالتزام التام على أرض الملعب أو احترام الحصص التدريبية التي لا يلتحق بها أحياناً.
إذاً، عادت خصال الطفولة لتوجّه أيفرسون (34 عاماً) نحو الابتعاد عن كرة السلة مجدداً، وهو الذي ابتعد عنها في بعض الأحيان قسراً بسبب مشكلاته «مع القانون» خارج الملعب. لكن مهما ساءت صورة «ذا أنسر»، يبقى من دون مبالغة واحداً من أفضل المواهب الفردية في الرياضات كلها، وربما لن نرى لاعباً بحجمه يصارع العمالقة بالطريقة الذي فعلها طيلة الأعوام الماضية، حتى أصبح مارداً بنظر جميع أولئك المتوسّطي القامة الذين رأوا فيه مثالاً أعلى.
لكنّ سؤالاً واحداً بقي يدور في الأفق ويتمحور حول تفاني أيفرسون تجاه كرة السلة التي حوّلته من فتى شوارع إلى نجمٍ مطلق في عالم استعراضي لا حدود له. هذا السؤال لا يعرف أحدٌ جوابه استناداً إلى مزاجية هذا النجم الذي أبقى في داخله تلك الروح الثورية التي ورّطته في مشكلاتٍ عدة خلال سن المراهقة.
أيفرسون لا يزال مصرّاً على أنه لا يزال في إمكانه إطاحة أهم نجم في الـ«أن بي آي»، وهو ردّ أخيراً على سؤالٍ عمّا بقي من قدراته: «سمّوا لي لاعباً واحداً لا أستطيع تدميره».
والحقيقة أن الفرق التي ترفضه اليوم ترتكب خطأً جسيماً، لأن أيّاً من لاعبيها لا يستطيع أن يكون على شكل أيفرسون. وبكل بساطة، يمكن أي لاعبٍ قصير القامة أن يصوّب نحو السلة، لكن لا يمكن أحداً أن يكون «ذا أنسر»، الذي بالتأكيد لم يعطِ «جوابه الأخير» بعد.