لم تقف العادات والتقاليد عائقاً أمام ممارسة الجنس اللطيف للألعاب القتالية، لا بل تطور الأمر إلى رغبتهن في التطور «قتالياً» والوقوف على منصّات التتويج، فالقوة ليست حكراً على فئة، والدفاع واجب كفائي...
إبراهيم وزنه
تباينت الآراء بشأن دوافع الفتيات لخوض الرياضات القتالية، فمن قائل بحلم المساواة مع الرجل، ولافت إلى سعيهن للدفاع عن أنفسهن، وصولاً الى الرأي السائد أن اكتسابهن للقوة يزيدهن ثقة بالنفس، هذا ما سمعناه من بطلاتنا في عدد من الألعاب القتالية. وخلال لقائنا مع بطل لبنان في الكاراتيه (1974) والكيك بوكسينغ (84)، رئيس نادي شوغن للألعاب القتالية سامي قبلاوي، أفادنا بالآتي «بدأت الملاكمة النسائية في منتصف التسعينيات عالمياً، أما في لبنان ففي مطلع عام 2000، وتحديداً حين مثّلت زوجتي جوليا (روسية الأصل) لبنان في بطولة هنغاريا وأحرزت الميدالية الذهبية، وهي المرأة الوحيدة التي جمعت بين ثلاثة ألقاب قتالية».

دوافعهن إلى القتال

عن الأسباب التي تدفع بالجنس اللطيف إلى حلبات القتال، قال قبلاوي «إقبال الفتيات على الألعاب القتالية مردّه إلى ضعف الشباب لا إلى خشونة الفتيات. فمن الناحية النفسية تزيدهن القوة ثقة كبيرة بالنفس إضافة إلى رغبتهن في الدفاع عن أنفسهن عند الحاجة، واكتساب أجسام قوية ممشوقة». ويضيف «الثقافة الجامعية المصحوبة بالانفتاح من أهم عوامل اندفاع الفتيات إلى تعلّم الألعاب القتالية». وبالنسبة الى المستويات، أوضح قبلاوي «منذ سنتين لاحظنا تطوراً لافتاً في المستويات، علماً بأن الإقبال العربي متدنٍ جداً قياساً إلى ما تشهده أوروبا، وهذا الأمر يزيد في حظوظ فتياتنا لإحراز إنجازات عربية»، لافتاً إلى أن معظم مُمارِسات الألعاب القتالية هنّ من الطالبات الجامعيات، مشيراً الى أنه يدرّب في ثلاث جامعات، كما أن زوجته تدرّب في جامعتين، وعدداً من تلامذته في جامعات عدة.

الجمع بين الكلمة واللكمة !

ألكسندرا شريتح (21 عاماً)، والدها من صيدا وأمها من روسيا، هي بطلة لبنان في الملاكمة (وزن 57 كلغ)، تدرس الأدب الانكليزي (سنة رابعة) ولا مانع عندها من التدرّب مع الشبان إذا ما غابت زميلاتها عن التمرين، وعن تعلّقها بالملاكمة قالت: «أحب الألعاب القتالية وأشعر بأنني أحقق ذاتي عندما أقف على الحلبة. ففي الملاكمة نتطلع إلى تحقيق الهدف من خلال بذل الجهد مع التركيز وصولاً إلى الفوز»، وتضيف: «لقد شجّعت رفيقاتي على الانضمام إلى حلبات القتال، وأهلي يشجعونني وأحياناً يتابعون نزالاتي».
وتوضّح ألكسندرا الملقّبة بـ«ساشا»: «التاي بوكسينغ لعبتي المفضلة، ومَن يتقنها يسهل عليه الانتقال إلى الملاكمة، ففيها نستعمل 9 أسلحة، أما في الملاكمة، فاليدين فقط»، لتختم مناشدة «أدعو اتحاد الملاكمة إلى مواكبة التطورات الخاصة باللعبة على جميع المستويات الفنية والإدارية والتقنية وتفعيل البطولات المحلية».

ديانا وشجاعة المواجهة

ديانا حمادة، بطلة لبنان في الملاكمة (وزن 54 كلغ)، عمرها 21 عاماً، تعمل مساعدة طبيب بيطري، سألناها عن سر اندفاعها الى حلبات القتال، فأجابت: «لأن الملاكمة وغيرها من الألعاب القتالية، بعد التجربة، تنمّي الشخصية الداخلية وتشجّع على مواجهة الحياة بثقة أكبر، وتمنحنا الصحة والقوة. فعندما تتحدى نفسك تجدها أفضل، وكلّما زادت المنافسة ارتقينا نحو الأفضل فنياً».

جوليا... المدرّبة الوحيدة

جوليا قبلاوي، زوجة سامي قبلاوي منذ 13 عاماً، تحمل في سجلها الكثير من الألقاب، ووالدها يرأس الاتحاد الروسي للكيك بوكسينغ، حدّثتنا عن إقبال الفتيات على الألعاب القتالية قائلة: «عموماً الوضع مقبول، لكنه ليس كما يجب. فالدلع الموجود عند الكثيرات من الفتيات، يبعدهن عن الألعاب القتالية ويدفعهن للتوجّه الى أمور غير مجدية». وعن البنية الجسدية اللازمة للتألّق القتالي، تقول جوليا: «الفتاة الطويلة أفضل، لكنّ قصيرات القامة اللواتي يملكن طاقة انفجارية مع سرعة في التحرك تعوّضن كثيراً، لكن الأكيد أن المثابرة على التمارين تزيدهن ثقة وقوة وتطوراً».
يشارك في بطولة لبنان للملاكمة حالياً ما يزيد على 20 ملاكمة موزعات على أندية شوغن وملتقى الشباب ـــــ صور ونادي يغمور ـــــ طرابلس، فيما يزيد عدد المتدربات على ثمانين. وغابت بطولة الموسم الأخير عن روزنامة الاتحاد لقلّة المشاركات، مع الإشارة الى اختيار بطلة لبنان في وزن الـ67 كلغ منال سلمان (حاملة برونزية بطولة تونس العربية 2008) ضمن إحدى اللجان الإدارية لاتحاد الملاكمة.


غياب النصاب طيّر البطولة

علّق رئيس الاتحاد اللبناني للملاكمة المهندس محمود حطّاب حول عدم تنظيم بطولة السيدات، قائلاً: «نظراً لعدم اكتمال العدد اللازم في الأوزان، علماً أن بعض البطلات أعلنت عن الرغبة في المشاركة، لكن أي بطولة بحاجة على الأقل الى 3 لاعبات لتنظّم... وهذا ما لم يحصل».