خرج منتخبا مصر والعراق من منافسات كأس القارات، بشكل مختلف، العراق بصورة مقبولة، و«الفراعنة» بصدمة قاسية، بعدما فرّطا بهديتي البرازيل وإسبانيا في التمهيد لهما لفرصة التأهل، بالفوز على إيطاليا وجنوب أفريقيا.
علي صفا
بعد فرحة عارمة وشاملة في أجواء الكرة المصرية وجماهيرها، بالفوز على إيطاليا (1 ـــ 0)، وبعد مقارعة البرازيل بخسارة مشرّفة (3 ـــ 4)، سقط منتخب «الفراعنة» أمام منتخب أميركا (0 ـــ 3) وصدم الجميع بصورة مفكّكة لا علاقة لها بصورته الباهرة أمام البرازيل وإيطاليا. وقبلها بيوم، خرج منتخب العراق بحسرة لعجزه عن تسجيل هدف للفوز على نيوزيلندا كان كافياً ليؤهّله إلى الدور نصف النهائي، فخرج متعادلاً (5 ـــ 5) بعدما خسر أمام إسبانيا بشكل مشرف (5 ـــ 1)، وتعادل مع جنوب أفريقيا المضيف في الافتتاح. والمهم الأسوأ، سقط الفراعنة وصدموا جماهيرهم الفرعونية والعربية وجهازهم وإعلامهم... وهناك أشياء أخرى أيضاً سقطت على الشاشات الناقلة قبل اللقاء الحاسم، حيث قدّمت ما هبّ ودبّ، وضيوفاً حلّلوا وحرّموا وزعقوا وتوعّدوا، ثم سكتوا بحثاً عن مبررات لما جرى، ولما قالوا ...

فنياً: مصر جيدة والعراق صامد

لعب منتخب مصر أمام البرازيل بتشكيلة متكاملة، وبعدما تخلّف 1 ـــ 3 في الشوط الأول، انتفض في الثاني أمام تراخي البرازيلي المرهق فعادله 3 ـــ 3، مع براعة الهداف محمد زيدان والظهيرين الطائرين أحمد فتحي وسيد معوّض، فقدم المصري مستوى جماعياً ممتازاً وخسر بركلة جزاء صحيحة. وقدم المصري أداءً رجولياً أمام الإيطالي بتكتيك متوازن، دفاعاً وهجوماً، وبرع حارسه عصام الحضري فأنقذ دستة كرات صعبة، إلى أن حقق فوزاً مدوّياً بهدف تاريخي لمحمد حمّص، رفع أسهم الكرة المصرية ومنتخبها عالمياً، ورفعها الإعلام المصري والعربي أيضاً إلى السماء السابعة.
وسهرت الشاشات العربية الناقلة (art) والمتابعة، حتى الصباح مع فريق محللين وإعلاميين، وفتحت خطوطها مباشرة على شخصيات رياضية وفنية و...، وتهانٍ من الرئيس وولديه وربما أحفاده في ملحق آخر، وكلها تمجّد كرة مصر وفراعنتها. ومنها نقتطف: إحنا أبطال العالم. هَنْوَرّي العالم أن الفراعنة فوق، هنغلب الكل والأمريكي كمان، وهناخد الكاس.. ماخلاص مصر دخلت العالمية... وقال المصري خالد في استديو التحليل، وهو يلفّ رِجلاً على رجل «هنغلب إسبانيا ونخشّ النهائي»، ووافقه مقدم البرنامج بتعبير جميل ليحلّقوا جميعاً في سماء الخيالات والغرور العالمي. ونقل مندوبو الشاشات في الملعب لمحات عن الفوز من الجماهير المحتفلة في شوارع مصر العزيزة، التي تنتظر انتصاراً من غيمة.
وتحدث الجميع عن الفوز المضمون في جيوب الفراعنة، ولم يلامس أحد منهم واقع تشكيلة منتخب مصر المهترئة التي ستقابل المنتخب الأميركي المرتاح، على أساس أن من فاز على إيطاليا سهل جداً عليه أن يتجاوز أي منتخب أقلّ منه.
وظهرت تشكيلة منتخب مصر خالية من زيدان وسيد معوّض المصابين، ولعب أحمد فتحي في غير مكانه.
وبدا المصري مفكّكاً من البداية، وبدا هجومه عاجزاً أمام حركة منتخب أميركا بأداء جماعي سريع، حيث وصل مراراً إلى مرمى الحارس الحضري المتألق، ولولاه لدُكّت شباكه بدستة أهداف، ولكنه خرج بثلاثة فقط، رفعت منتخب أميركا من بعيد ليتأهل بفارق هدف، إثر خسارة إيطاليا أمام البرازيل بالثلاثة.
وبكل بساطة، فاز الأميركي لأنه لعب بلا ضغوط نفسية، ومع لياقة بدنية أعلى، وبتشكيلة متكاملة، وتفوّق في وسط الملعب، كما تفوّق دونافان باختراقاته للدفاع المصري من الوسط والجناح الأسمر ألتيدور من الشمال، فسجّلوا ثلاثة بيضاء.
وبينما كان الأميركي يلعب كرة متفوّقة، كان معلّقو المباراة «الحربيين الخليجيين» يأكلون الهواء بكلام فارغ عن دعاءات وتمنّيات وتعابير دينية... لا علاقة لها بالكرة.
وبكل وضوح، لعب منتخب مصر منقوصاً ومرهقاً (جرّاء مباراتيه أمام البرازيل وإيطاليا) فبدا عاجزاً ومغايراً لصورته الأولى الناصعة، هذا هو الواقع لا أكثر.
(هذا بعيداً عن الاتهامات التي طالته بتعاطي بعض لاعبيه مع سرب من الفتيات، كما أشيع وأذاع برنامج تلفزيوني مصري).
ولعلّه خير أن خرج، قبل لقاء محتمل في نصف النهائي مع منتخب إسبانيا المرشّح للّقب أيضاً!

التعليك... الفارغ

في مباريات دولية كهذه، بمشاركة عربية، يكون التعليق عليها مرآة للمعرفة والمتعة، وليفهم المتابع العربي واقع فرقه بفكره وعقله، لا عبر الكلام الفارغ والدعاءات والتمنيات..
وما قدّمه «المعلّكون» الأشاوس، من آيات الدعاء والرجاء، بصراخ وزعيق ونواح أحياناً، ومنها: حنعمل ونسوّي وننتصر إن شاء الله، بحول الله، بإذن الله، مع دعاءات «ليشتت الله شملهم ويكسر دفاعاتهم وينصر الفراعنة (وكيف ينصر الله الفراعنة، والفرعون صفة حاكم ظالم؟!)، ثم خلطوها بنصر الكرة العربية! (فراعنة على عرب!). أفرغ المعلّكون كل شيء فارغ ما عدا الجمل الكروية المفيدة. وبعد الهدف الثاني والثالث بدأوا بالتأتأة وتاهوا، ما حدا بالكثيرين مثلي لتحويل الأنظار إلى لقاء البرازيل وإيطاليا الممتع كروياً وتعليقاً (عصام الشوالي بجانب النجم العراقي أحمد راضي). وراح بعض ضيوف الاستديو يطرحون ضرورة تغيير نظام اللعبة في مصر!! وهكذا سقط «الفراعنة» مع التعليك الفرعوني... والتحليل الانقلابي.

رقيّ... لا شماتة

ليس النقد هذا شماتة بكرة مصر العزيزة، بل بهؤلاء المعلّكين وبعض المحللين ومقدمي الحلقات والبرامج، أمثالهم الذين يشوّهون شاشاتنا الرياضية بزعيقهم بكلام فارغ، وزجّ اسم «الله تعالى» في الملاعب، ودعوات بالنصر (لا تستجاب)، لإظهار غيرتهم وعروبتهم، وترضية لمراجعهم الإدارية والسياسية، وربما الدينية، ودغدغة مشاعر جماهير الفرق العربية المشاركة، ضاربين كل قواعد التعليق الرياضي السليم وآدابه وحياده، وقواعد التحليل الرياضي العلمي (هذا إذا كانوا يعرفونه). متى يدرك هؤلاء، معلّكين ومسؤولين، أن جماهير الكرة غالباً هم أكثر فهماً وثقافة من هؤلاء المفروضين على الجماهير المشتركة بتلك المحطات «الحصرية» التي تجني على جماهيرها...
ومتى يدرك مسؤولو المحطات وإداراتها أن دور المعلّقين ثقافي وأدبي للأجيال الناشئة، فكيف أمام الأجيال الكروية الفاهمة؟
التعليق ليس صراخاً وزعيقاً ودعاءً وتمنيات وميولاً «شعبوية» وقومية تحت ستار الوطنية والتعاطف، بل هو كلام يضفي على الحدث المنقول «فائدة ومتعة»... وإلى أن ترتقي إدارات المحطات ومعلقوها، تتحمل الجماهير والنوادي ولاعبوها ومتابعوها لحين الانتقال إلى التطور المفقود ... والمنشود.


الكرة العراقية

الاتحاد العراقي يأمل بقاء بورا


أبقى الاتحاد العراقي لكرة القدم على قنوات الاتصال مفتوحة مع المدرب الصربي بورا ميلوتينوفيتش للتفاوض بشأن تجديد عقده للبقاء على رأس الإدارة الفنية لـ«أسود الرافدين»، بحسب ما أكد نائب رئيس الاتحاد ناجح حمود.
وأوضح حمود في حديث إلى وكالة الصحافة الفرنسية أن «الاتحاد العراقي فتح مفاوضات التجديد مع المدرب بورا على هامش المشاركة في كأس القارات، لكنه طلب الانتظار لحسم الأمر عقب زيارة أسرته في المكسيك».
ويرى الاتحاد العراقي أن من المفيد الاستمرار مع المدرب الصربي، ويرغب في الاحتفاظ به بعد تحسّن أداء المنتخب في كأس القارات، رغم خروجه من الدور الأول بعد تعادلين مع جنوب أفريقيا 0-0 ونيوزيلندا 0-0 وخسارة صعبة أمام إسبانيا، بطلة أوروبا، 0-1. وأضاف حمود «المدرب وعدنا بالرد بشأن التفاوض لتجديد التعاقد معه. سننتظر الرد النهائي، ونأمل أن نصل إلى خاتمة سعيدة».
وكان الاتحاد العراقي لكرة القدم قد تعاقد نهاية نيسان الماضي مع ميلوتينوفيتش (64 عاماً) لمدة شهرين، خلفاً للبرازيلي جورفان فييرا.
وكان رئيس الاتحاد حسين سعيد قد أعرب عن رغبته في أن يستمر بورا على رأس الجهاز الفني إلى ما بعد هذه الفترة، وقال «بدأنا الاستعداد جديّاً لنهائيات أمم آسيا 2011، حيث سندافع عن لقبنا».


نجح المدرب حسن شحاتة (صورة 1) أمام البرازيل وإيطاليا، وخذلته الإصابات والاحتياط، وبورا يبقى عراقياً؟