برز الإعلام الرياضي في لبنان مع ظهور الحركة الرياضية المنظّمة، أواخر الثلاثينيات، عبر تشكيل اتحادات وطنية لها، فكانت صحافته واحدة من ريادات العالم العربي مع الإعلام المصري، إلا أنها شهدت فترات متراوحة بين الظهور والغياب
غرايس حاوي
شهدت الصحافة الرياضية في لبنان نهضة تماشت مع نهضة البلد الرياضية عموماً حتى منتصف السبعينيات، قبل انفجار الحرب المشؤومة التي أفلست وهجّرت وأقفلت مجلات وجرائد، إلا قليلاً ظل يقاوم بين هدنة وأخرى. وتحولت أنظار جماهير الرياضة إلى برامج إذاعية وتلفزيونية... فما الذي جرى ويجري في سوق الإعلام في لبنان؟

بداية... الحياة الرياضية

انطلقت شرارة الصحافة الرياضية عبر جريدة «الحياة الرياضية» للرائد الراحل ناصيف مجدلاني، ثم صحيفة الشعلة لجميل شلالا، بعدما تشكل اتحاد كرة القدم عام 1933، لتكرّ بعدها سبحة الاتحادات (رفع الأثقال، المصارعة، الملاكمة... فألعاب القوى...)، وتلاها فقرات عبر إذاعة لبنان الرسمية في الأربعينيات، قبل ظهور تلفزيون لبنان الرسمي مطلع الستينيات، وصولاً إلى الانتشار الحالي الشامل عبر الإعلام الإلكتروني. شهدت الحركة الرياضة ذروتها في لبنان نشاطاً وإعلاماً، (جريدة النجوم لحسين حركة، ومجلة الوطن الرياضي، ثم الفريق الرياضي لطالب صفا، ومجلة أولمبياد، وLA COUPE بالفرنسية لجو كوبلي، وEQUIPE، ...)
وضربت الحرب الأهلية في لبنان (عام 1975)، حركة الرياضة وصحافتها خصوصاً، فصمد القليل إلى حين. وحتى بعد انتهاء الحرب (1991) تراجَعَ وتمزق مفهوم الرياضة، فتأثرت الرياضات الرسمية (البطولات)، لتقتصر على نشاطات محدودة مناطقية ومطبوعات مغامرة توقفت قسراً، فماذا في كواليس المعاصرين؟

آراء معاصرة

يقول معاصر الحركة الرياضية منذ الخمسينيات خليل نحّاس (رئيس جمعيّة المحرّرين الرياضيين) «للأسف يأتي توقّف المطبوعات عن الصدور لعدم وجود مردود من البيع» وأشار إلى عدم وجود التخصّص الرياضي للصحافي، إلّا ما ندر، وهذا يعود إلى ضعف في التنشئة الرياضية التعليمية منذ الصِّغر، وما يحفّز على احتراف الرياضة.
وعزا السبب الرئيس إلى «الوضع الاقتصادي المرير» لأن الاحتراف الرياضي لا يُعيّش الصحافي الرياضي باحترام»، وأضاف نحّاس، «الصحافي لا يحترف رياضة معيّنة ويكتفي بنقل الأخبار وتحليلها من دون تخصص دقيق. وأضاف «كانت الجرائد تضع الأخبار الرياضية لـ«سدّ العمود» فقط لا لأهمية الرياضة، وتطورت لتصل حالياً إلى صفحات خمس (وخصوصاً مع بروز كرة السلة اللبنانية منذ 1995). وهذا ما حدّ من وجود المجلات الأسبوعية، لأن الصحف تُغطي الأخبار اليوميّة.
وحول مشكلة تغلغل السياسة والشحن (التشنجّات الطائفية) إلى الملاعب وهتافاتها الناشزة وشغبها، ما أدى إلى إصدار قرار بمنع الجمهور، قال نحّاس «الأمر انعكس سلباً على الاهتمام الجماهيري لأن الجمهور هو منعش الرياضة فوق المساعدات الموسميّة، من الزعامات لتولّي أو تعيين منصب «رئيس النادي» والظهور الإعلامي لفترة قبل بروز خلافات أو انقطاع الشهية فينسحب فجأة، تاركاً النادي في ورطة إدارية ومادية. وختم خليل قائلاً «مغامر من يفكر في إصدار مجلّة رياضية في الوضع الحالي لأن الرياضة للأسف في موضع الهلاك.

عادت... ولكن

بعد توقف عجلات الحرب المشؤومة، مطلع التسعينيات، عادت الحركة الرياضية تدريجاً، وتركّبت هيكليّة الاتحادات مجدداً ومعها البطولات الرسميّة، فغابت صحيفتا «الحياة الرياضية والشعلة»، وظهرت صحف «النجوم لحسين حركة، شوت وبلوك شوت ليوسف دبوس، مجلة أولمبياد، جريدة المرمى لعفيف حمدان، اللاعب لفؤاد رسلان، والكأس لعلي صفا، وسبور أوتو، وتايم آوت».
في تفاصيل أحداث مرحلة ما بعد الحرب، يقول الزميل إبراهيم وزنة الذي نشط محرراً وإدارياً في مطبوعات عدّة «نسبة قرّاء المجلات الرياضية تتوزع بحسب الأعمار (55% دون الـ 20سنة، 35% بين الـ 21 والـ 33 و10% فوق الـ 34). وأكد أن الاهتمام الرياضي اللبناني الأول ينصبّ على كرة القدم، تليها كرة السلّة، فعلى ضوء نتائج لبنان في المسابقات الآسيوية والعالمية وتعلّق الأجيال الناشئة في اللعبة من خلال التسويق الجيّد للمؤسسة اللبنانية للإرسال (LBC) لجأ البعض إلى إصدار مجلات خاصة بالسلّة كـ«بلوك شوت» و«تايم آوت» (عام 1998)، وأضاف وزنة، «إن ارتفاع مستوى المنافسة الفنية، إلى جانب الاستقرار الأمني والمعيشي، يسهم إسهاماً لافتاً في زيادة بيع المجلات. ففي بدايات «شوت» عام 1994، كنّا نطبع 3000 نسخة ونبيع نصفها، ثم تطورّنا حتّى وصلنا في عام 1996 إلى بيع 8500 نسخة من أصل12000 موزّعة في لبنان.
وعن تسارع غياب الجميع، رجّح وزنة الأسباب إلى «هجمة» مواقع الرياضة «الإنترنت» والمتابعة الرياضية المشبعة عبر الساتلايت (قنوات رياضية متخصصة)، إضافة إلى احتدام السجال السياسي المفرق والمحرّض في لبنان، وتراجع المستوى الفني وخصوصاً بعد خيبة بطولة كأس آسيا 2000 لكرة القدم، وتحوّل قطاع الرياضة إلى هامشي و«خسّير»، ما أدى إلى انسحاب العديد من المموّلين بين 2001 و2003، لتبقى اللعبة الشعبية أسيرة العبثية والارتجال والانقسام وانعدام الروح الرياضية من ساحاتها. وعن رأيه في صدور مجلات رياضية أسبوعية ذكَر وزنة: «الأجواء الراهنة باتت غير مشجعة على إصدار مجلات أسبوعية، فتوجّه البعض إلى خيار المجلّة الشهريّة، وآخرها مجلتا (الميادين والأنصار).

حدادة... والإعلام المتعدد

وفي الوضع الذي غابت فيه المطبوعات، ظهرت التغطية والبرامج التلفزيونيّة والإذاعيّة، ما عوّض عن غياب المطبوعات الرياضيّة. وحول الحركة الرياضيّة المحليّة، قال معاصرها كتابة وتلفزيونيّاً الإعلامي محمّد حدادة (مقدّم برنامج اكسترا تايم ورئيس تحرير مجلّة الأنصار) «الإعلام الرياضي اللبناني إضافة إلى المصري كان حتى الأمس القريب السبّاق دائماً في إغناء المكتبات العربية بمجلات وكتب رياضية متنوعة، وتغييب الجمهور قسريّاً عن الملاعب وهيمنة السياسة على الرياضة، ربطت الميزانيّة الرياضيّة بقرار سياسي، إضافة إلى تقصير وزارة الشباب والرياضة في الدعم المادّي. وعن أفق المستقبل الصحافي، يقول حدادة: «مجرّد التفكير بإصدار مطبوعة رياضية أشبه بمغامرة، وختم بشيء من التفاؤل: يمكن استعادة الريادة الإعلاميّة بشروط، أولها «الدعم المادّي الذي ينقذها من الانقراض، ويبقى التقدّم مرهوناً بفصل الرياضة عن السياسة».


نشاط

بطولة وخلوة لاتحاد الريشة


ينظّم الاتحاد اللبناني للريشة الطائرة، يومي السبت 4 تموز والأحد 5 منه، بطولة لبنان للقدامى (30 سنة وما فوق) على ملاعب هوبس بيروت من الساعة 4:00 عصراً إلى الساعة 7:00 مساءً. ويلي البطولة لقاء عام لجميع المدربين والحكام واللاعبين الساعة 7:30 مساءً. على الراغبين في المشاركة الاتصال بالأمين العام للاتحاد بول روكز على الرقم 03/584147.
وكان نائب رئيس الاتحاد العربي ورئيس الاتحاد اللبناني للريشة الطائرة، جاسم قانصوه، قد غادر أمس إلى العاصمة السورية دمشق، للمشاركة في خلوة اللجنة التنفيذية للاتحاد العربي، المقررة في دمشق، لإقرار التعديلات المقترحة للوائح الفنية، وتشكيل اللجان الفرعية ووضع اللمسات الأخيرة على البطولة العربية للشباب المقررة في دمشق في الأسبوع الأول من شهر آب المقبل.
وعلى صعيد المشاركات الخارجية، عربياً وآسيوياً، سيشارك لبنان في بطولة العرب للناشئين المقررة في دمشق من 6 إلى 10 تموز المقبل، وسيمثّل لبنان 11 لاعباً ولاعبة، كما سيشارك في بطولة آسيا للناشئين المقررة في العاصمة الماليزية كوالالمبور من 12 إلى 19 تموز، وسيمثّل لبنان غريغوري حرب وميشال أصاف، بقيادة المدير الفني هنري المسنّ والمدرب طوني الشويري.
(الأخبار)


خليل نحّاس (فوق) عاصر انطلاقة النهضة الرياضية وصحافتها، ومحمد حدادة عايش خفوتها ونشط في منوّعاتها