لم تعد الأمور متوقفة عند احتكار منتخبات السيدات للألقاب المختلفة في أوروبا، إذ أكمل شبان ألمانيا مجموعة الكؤوس القارية بعدما سحقوا غريمهم الإنكليزي 4ـ0، في المباراة النهائية لبطولة أوروبا للشباب التي استضافتها السويد
شربل كريّم
بعد بطولة أوروبا للاعبين دون 17 عاماً، وبطولة أوروبا للاعبين دون 19 عاماً، حمل «المانشافت» بطولة الشباب (دون 21 عاماً)، لتحقق ألمانيا ثلاثة ألقاب قارية في 11 شهراً فقط، في إنجازٍ غير مسبوق بالنسبة إلى البلاد التي لطالما قدّمت أفضل المنتخبات على الصعيد القاري، والدليل حمل منتخبها الأول الرقم القياسي في عدد مرات الفوز بكأس أوروبا (ثلاث مرات).
الانتصار على الإنكليز كان له معانٍ كثيرة بالنسبة إلى اللاعبين الألمان، إذ إنهم ثأروا لخسارة أسلافهم اللقب أمام إنكلترا في نهائي 1982، أضف أنهم أرادوا الانتقام «لأجدادهم» على تلك الهزيمة المثيرة للجدل في نهائي كأس العالم 1966، وقد بدا هذا الأمر عبر طلبهم من المدرب والنجم السابق هورست هروبيش ارتداء اللون الأحمر في النهائي كي يحرموا الإنكليز أفضلية سيكولوجية عندما يواجهونهم، إذ معلوم أن منتخب «الأسود الثلاثة» يتفاءل بهذا اللون ضد الألمان منذ أن ارتداه في مواجهتهم يوم انتصاره الوحيد باللقب العالمي!
وإذ كان المنتخب الأول دونه المنتخبات الأصغر الوجه المشرّف للكرة الألمانية، فإن الوضع انعكس في الفترة الأخيرة، وخصوصاً بعد مرحلة جفاف لناحية إنتاج المواهب عاشتها بلاد «البوندسليغه»، فانعكس الأمر سلباً على المنتخب الوطني، فكان لا بدّ من خطة عمل مدروسة للاتحاد الألماني للاستفادة من العناصر المميزة الموجودة على الأراضي الألمانية، وخصوصاً تلك التي تولد وتتربى كروياً في البلاد ثم تحزم حقائبها لتلتحق بمنتخبات وطنها الأم.
ويبدو أن الألمان اتعظوا من التجربة الفرنسية، حيث قادهم أبناء المهاجرين إلى كأس العالم عام 1998 وكأس أوروبا عام 2000، فخرجوا بفكرة فريدة من نوعها تمحورت حول إقناع الجمهور الألماني بتقبّل وجود لاعبٍ «أسمر» مثلاً يرتدي الفانيلة البيضاء. وغزا إعلان تلفزيوني يصوّر لاعبين ملوّنين ومن أصول تركية وبوسنية وحتى إيرانية يدافعون عن ألوان منتخبات الفئات العمرية، وصولاً إلى المنتخب الأول.
من هنا، بدأت قصة النجاح، فضمّت تشكيلة هروبيش عدداً من أصحاب المواهب ذوي الأصول الأفريقية، أمثال دينيس أووغو وجيروم بواتنغ وأنيس بن هاتيرا والقائد سامي خضيرة (تونسي الأصل) وشينيدو إيدي، إضافةً إلى أشكان ديجاغا الإيراني الأصل، وغونزالو كاسترو الإسباني الأصل، ومسعود أوزيل التركي الأصل، وفابيان جونسون الأميركي الأصل.
وطبعاً، تفوّق هؤلاء على منتخب إنكليزي ضمّ أسماءً معروفة وواعدة دافع بعضها عن ألوان المنتخب الأول في الفترة القريبة الماضية، أمثال نجم أرسنال تيو والكوت، والحارس جو هارت وكيران غيبس وميكا ريتشاردز وجيمس ميلنر وفرايزر كامبل وغابريال
أغبونلاهور.
ويحسب لهروبيش أنه قاد منتخب الشباب إلى اللقب، مكرراً إنجاز منتخب الناشئين الذي قاده أيضاً إلى الفوز بالبطولة القارية (تغلب على إيطاليا 3ـ1 في المباراة النهائية)، كذلك كان حاضراً بنصائحه في انتصار المنتخب الأصغر (دون 17 عاماً) باللقب على أرضه على حساب الجار القوي المنتخب الهولندي 2ـ1.
باختصار، وجّه صغار ألمانيا رسالةً إلى المنتخبات الأخرى بأنهم قادمون، ومنتخب المستقبل غيره منتخب اليوم.