strong>علي صفا
كرة لبنان على عتبة موسم جديد. والاتحاد قرر فتح أبواب الملاعب للجمهور بعد غيابه الموسم الماضي. بماذا سيختلف الجديد عن سابقه، وكيف يعود الجمهور، وماذا أعدّ المسؤولون لضمان أجواء الملاعب؟
قرار عودة الجمهور يفترض تنسيقاً بين الاتحاد والأندية وقوى الأمن، لمعالجة حالات طارئة تتمثل في:
- ضبط أي هتافات نافرة، وإخراج شلّتها من الملاعب.
- مراقبة الأبواب بمشاركة مندوبين عن الأندية (روابط) لمنع المشاغبين.
- فرض عقوبات على الأندية (ذات الصلة بالجمهور) عمل غير منطقي وغير مُجدٍ، فالأندية لا تملك سلطات مباشرة على جماهيرها كما الاتحاد وقوى الأمن، وهما المسؤولان أولاً.
ظواهر الشغب والهتافات
الملاعب هي ميادين تجتمع فيها شرائح المجتمع لتؤازر فريقها «رمز مدينتها أو حزبها أو طائفتها» والقليل منها يشجع لسبب رياضي بحت.
وغالباً ما تحمل الجماهير حالة البلد وصراعاته السياسية ـــــ الطائفية فتعبّر عنها بهتافات عدائية جاهزة ليحدث الاصطدام والشغب.
يحدث هذا في ملاعب العالم، وبرز في ملاعبنا في السنتين الأخيرتين، ولكن ماذا أعدّ المسؤولون عندنا للمعالجة؟
مسؤولية إدارات الأندية
معظم نوادي لبنان تنبع أو تتبع لمراجع سياسية حزبية طائفية، وتلعب إداراتها دوراً هاماً في توجيهها سلباً أو إيجاباً، وخصوصاً في النوادي الجماهيرية كالنجمة والأنصار.
فالإدارات مسؤولة عن تشكيل فرقها وأجهزتها وروابطها وإعلامها الخاص أيضاً، وفي تصريحاتها وبياناتها وإهداء انتصاراتها! وهذا غالباً ما يمثّل صورتها ونسبة جمهورها وصبغتها، أما شعار «نادينا لكل لبنان» فهو مجرد يافطة مكشوفة للجميع.
وبما أنه يصعب الفصل عملياً بين النوادي الرياضية والسياسة، يبرز وعي بعض الإدارات في مداراة الواقع درءاً للعداوة والانقسامات.
النجمة والأنصار مثلاً
يمثل جمهورا النجمة والأنصار ما يقارب 70 في المئة من جمهور كرة لبنان في الملاعب، فماذا يمثلان الآن؟
النجمة، كان يمثل كرة لبنان كله بإدارته وصورته وجمهوره، في الوطن وخارجه (بعيداً من أي ربط سياسي ـــــ طائفي طيلة 35 سنة). وكان يجمع في مبارياته بين 5 آلاف و30 ألفاً من الجمهور، ولكن بعد ربطه سياسياً وتصريحات إدارته (قليلة الخبرة) فرز جمهوره وفقد «الأكثرية»!
فكيف سيستعيد النجمة جمهوره، وصورته، وهو روح الملاعب اللبنانية؟
والأنصار، كان ثانياً بجمهوره، وكان يجمع ما بين (3 آلاف إلى 7 آلاف) في مبارياته الرسمية، لكنه في مباراتيه الآسيويتين، الموسم الماضي، جمع أقل من1500 شخص، بمعدل 25 بالمئة فقط! فكيف سيستعيد جمهوره وهو بطل الثنائية بجدارة، وهو الأكثر سعياً وجهوزية للاحتفاظ بها؟
أما بقية الفرق، فماذا أعدّت لزيادة جماهيرها المتواضعة التي لا تتجاوز العشرات؟
عوامل غياب الجمهور
لغياب الجمهور عن الملاعب أسباب عديدة ومختلفة، منها:
- طغيان الواقع السياسي والأمني الحاد وطول مدة الشلل العام، والفرز بين شرائح الجماهير.
- ضغوط الحالات الاقتصادية، وانشغال الجماهير في العمل المعيشي وأمور أخرى.
- ضعف مستويات الفرق غالباً وقلة النجوم وغياب المنافسات الحادة.
- فرز جمهور النجمة خصوصاً وتراجع مستواه ومنافسته على الألقاب (خروج من الكأس ورابع الدوري وخروج بعض نجومه).
- ضعف دور الإعلام الترويجي للعبة، وحصره في محطة واحدة.
لذا نتساءل: هل كان قرار إقامة النشاط الرسمي في الموسم الماضي وبلا جمهور صائباً، وهل سيعود الجمهور بمجرد فتح الأبواب؟
عوامل الجذب والتطوير
لم تعد هذه اللعبة الشعبية المُكلفة مجرد حركة مباريات للحصول على ألقاب فارغة لمجرد تمثيل البلد خارجياً، بل هي تتطلب دراسة علمية لتطويرها: من نظام اتحادها إلى هويتها (هواية ـــــ احتراف) إلى واقع الأندية واستقرارها مادياً وفنياً، إلى عقود لاعبيها، إلى ضبط ملاعبها، وصولاً إلى جذب الجماهير إليها...
عوامل الجذب:
- تقوية الفرق ونجومها وأجانبها لإشعال المنافسة بينها.
- ضبط أجواء الملاعب وتنظيفها لجذب الذوّاقة والعائلات.
- تدريب كوادر لقيادة الجمهور على المدرجات (مع تحضير هتافات رياضية راقية).
- خفض أسعار بطاقات الدخول (مراعاة للواقع).
- فتح الملاعب لطلاب المدارس الناشئة مجاناً في مدارج خاصة.
- تجهيز الملاعب بأغان وأناشيد رياضية ووطنية للمتبارين (تطغى على أي هتافات نافرة محتملة).
- عروض رياضية أخرى قبل المباريات وخلال الاستراحة (مباريات مصغّرة لفرق سيدات، مسابقات ألعاب قوى...).
- دعوة شخصيات جاذبة لحضور المباريات.
- تطوير الترويج الإعلامي للعبة والمباريات وخصوصاً في البرامج المختصة.
... وهذا ما يستدعي «مؤتمراً كروياً» يجمع اتحاد اللعبة والأندية والإعلام لتطبيق ما يتيسر، كي لا تبقى اللعبة في حركة عبثية مكلفة وخاسرة!
فكيف سيكون المشهد الجديد في الموسم الجديد... بعد أيام؟