strong>شربل كريّملا يختلف اثنان ان نهاية النصف الاول من الدوري الالماني لكرة القدم كانت منطقية الى ابعد الحدود بإحراز فيردر بريمن لقب «بطل الخريف» المعنوي، وذلك بعدما اظهر الفريق الشمالي علوّ كعبه في الاداء اقلّه على الصعيد الهجومي. وفي موازاة التألق اللافت لبريمن برزت اسماء عدة تركت بصمات مؤثرة وواعدة بتسطير المزيد في المرحلة المقبلة عند استئناف البطولة بعد فترة العطلة الشتوية.
واذ لم يكن بالامكان استبعاد اي من لاعبي بريمن من دائرة الافضل بالنظر الى تقديمهم اقوى العروض على الصعيدين الفردي والجماعي، فإن الهداف الصربي ماركو بانتيليتش قال كلمته مع هيرتا برلين، ومثله فعل المهاجم الدولي يان شلاودراف مع أليمانيا آخن، ما دفع بايرن ميونيخ العريق الى ابداء اهتمامٍ جديّ بالتعاقد معه. ولم تكن الحال مختلفة بالنسبة للمهاجم الياباني ناوهيرو تاكاهارا الذي اضحى الاعتماد الاساسي عليه في اينتراخت فرانكفورت...
ورغم وفرة الاسماء التي سطع نجمها في شكل غير اعتيادي هذا الموسم، بقي اثنان منها محطّ احاديث النقاد والمتابعين على حدّ سواء، وهما صانع العاب بريمن البرازيلي دييغو ومهاجم شتوتغارت الدولي الشاب ماريو غوميز اللذين طبعا «البوندسليغه» بطابعهما الخاص رغم حداثة سنهما. ويبدو لافتاً عبر تصاريح الشابين انهما لا ينويان الاستفادة من بروزهما للانتقال الى فريق اقوى او حتى الى بطولة خارجية، اذ اكدا سعادتهما بوضعهما الحالي من دون ان يسقطا طموحهما الجارف بلعب دورٍ اساسي مع منتخبي بلادهما.
ومعلوم عن مشجعي الشمال برودتهم وطريقة تشجيعهم الفاترة الى حدٍّ ما، لكن الامور بدت مغايرة هذا الموسم مع وصول دييغو ريباس دا كونيا الى «فيسر»، والذي الهب حماسة مشجعي الفريق الاخضر وكان وراء تفوّقه على منافسيه. لقد تبخرت مخاوف جماهير بريمن بسرعة لم يتوقعها احد، اذ رغم اعترافات مدير الفريق كلاوس الوفس انه من الصعب على احد تعويض الفرنسي يوهان ميكو العائد الى بلاده وفريقه السابق بوردو بعدما كان طوال المواسم الماضية الحجر الاساس في تشكيلة المدرب توماس شاف، فإن دييغو (21 عاماً) لم ينكّس الراية التي رفعها سلفه بتسلّمه دفة المد الهجومي للفريق الذي احرز الثنائية (الدوري والكأس) عام 2004وفاق دييغو التوقعات الايجابية التي احيطت به اصلاً عند وصوله الى المانيا حيث بدا تأقلمه مع اجواء «البوندسليغه» اسرع مما احتاج اليه ميكو لدى انضمامه الى بريمن قبل اربعة اعوام، اذ لم تمضِ اسابيع معدودة على بداية الموسم حتى اختير افضل لاعب في شهر آب، وقد نجح في مبارياته الثماني الاولى في تموين رفاقه بثمانية كرات حاسمة الى تسجيله اربعة اهداف (رفعها الى ثمانية مع انتهاء مرحلة الذهاب)، اجملها في مرمى بايرن ميونيخ حامل اللقب. ولم يختلف المشهد خلال مشاركة بريمن في دوري الابطال الاوروبي وخروجه بصعوبة من «مجموعة الموت» التي جمعته مع تشلسي الانكليزي وبرشلونة الاسباني وليفسكي صوفيا البلغاري، اذ ظهرت نجومية دييغو بحجم تلك المحيطة بلاعبي الفريقين الاولين الغنيين عن التعريف. وارتفعت آهات المشجعين مع كل تمريرة ولعبة فنية وتسديدة خلفية اضافة الى الخدع التقنية التي اصرّ البرازيلي على اظهارها بعد ان «كُبّل» خلال الفترة التي قضاها مع بورتو البرتغالي (انتقل منه الى بريمن مقابل 6 ملايين دولار وهي الصفقة الاكبر في تاريخ النادي)، حيث وصل لتعويض ديكو المنتقل الى تشلسي، الا ان المدرب الهولندي السابق للفريق كو ادريانزي اجبره على القيام بمهمات دفاعية قضت على الحسّ الهجومي الذي اطلق شهرته عندما لعب دور القائد مع سانتوس في سن الثامنة عشرة وقاده بمعاونة نجم ريال مدريد الاسباني روبينيو الى لقب البطولة المحلية عامي 2002 و2004.
واذا كان حلم دييغو بالعودة لإرتداء القميص الاصفر البرازيلي قد تحقق بسرعة مع المدرب الجديد كارلوس دونغا، فإن الامر لن يطول بالنسبة لهداف شتوتغارت غوميز او «سوبر ماريو» كما تلقبه جماهير فريقه التي لم تتأخر عن تشبيهه بالدولي السابق يورغن كلينسمان الذي عرف طريق النجومية عبر النادي عينه. وتبدو المقاربة بين غوميز وكلينسمان منطقية نوعاً ما، وخصوصاً اذا اخذنا في عين الاعتبار طريقتهما في اصابة الشباك والقدرة البدنية للاول المطابقة للاخير في ريعان شبابه. كما انه ليس بالامر الخطأ الاعتبار ان اسلوب غوميز يجمع بين مهارة الهولندي رود فان نيستلروي وقوة ميروسلاف كلوزه هداف مونديال 2006.
ولا يعتبر غوميز المفاجأة السارة لشتوتغارت فقط بعدما مكّنه من احتلال مركزٍ متقدّمٍ على لائحة الترتيب، اذ ان انجاز المهاجم الموهوب صاحب الثمانية اهداف في “البوندسليغه” يبدو مزدوجاً لانه كان مجهولاً بالنسبة للكثيرين قبل بداية الموسم، ولم يثق احد بإمكان تقديمه هذا الاداء القوي الا المدرب ارمين فيه الذي اعتبر غوميز صلة وصل بين اللاعبين المحليين والاجانب الاوروبيين والمكسيكيين والبرازيليين كونه مولود من أبٍ اسباني وأمٍ المانية.
ولم يكن مفاجئاً اعلان مدرب المانيا يواكيم لوف مؤخراً اقتراب استدعاء غوميز (21 عاماً) للانضمام الى «المانشافت» بعدما علت الاصوات لمنحه فرصة ارتداء القميص الابيض الشهير، وآخر هؤلاء «القيصر» فرانتس بكنباور الذي تنبأ بمستقبلٍ باهر لـ«سوبر ماريو».
في المقابل، اكد الاخير ان ولاءه المطلق سيكون للبلاد التي احتضنته رغم اعتزازه بجذوره الاسبانية، قائلاً: «لعبت مع المنتخبات الالمانية منذ سن الخامسة عشرة ومثلت المانيا في 50 مباراة دولية، ولن اتردد الآن في الالتحاق بالمنتخب الاول».
دييغو وغوميز يسيران في طريقين مختلفين، لكن الامر الاكيد انهما يقصدان وجهة مشتركة حيث سيلتقيان بعد فترة وجيزة في «نادي النجوم» الخاص بكبار اللعبة الشعبية الاولى في العالم دون سواهم.