بغض النظر عمّا اذا كان المرء من مشجعي مانشستر يونايتد او ليفربول، فان ما حصل في مباراة الفريقين هو امر مسيء جداً لمبادئ الروح الرياضية التي ينادي بها الاتحاد الدولي لكرة القدم «الفيفا»، لا بل يُسقط شعار السلام، وشعار المنافسة التاريخية الرياضية بين افضل فريقين في انكلترا، والمستمرة منذ زمنٍ بعيد، لينقلها الى عداوة بين «غريبين» كادا يسبّبان حرباً في المدرجات. ويأتي هذا الكلام استناداً الى الغضب الذي كان واضحاً على وجوه مشجعي مانشستر يونايتد الذين لو تسنّى لهم الوصول الى لويس سواريز لكانوا انهالوا عليه بالضرب حتى الموت، تماماً كما كان سيفعل مشجعو ليفربول الذين اصبحوا يكرهون باتريس إيفرا من دون حدود.
اللافت في الامر ان اللاعبين لا يملكان تاريخاً مجيداً في مجال الروح الرياضية، إذ ان المتهم الاول في المشكلة الحاصلة، اي سواريز، أُطلق عليه اسم البطل عندما أبعد عمداً بيده كرة عن خط المرمى، خلال مباراة الاوروغواي وغانا في الدور ربع النهائي لكأس العالم 2010، لكنّ كثيرين اعتبروا ما قام به منافياً للعب النظيف، وخصوصاً انه أسهم في خروج المنتخب الأفريقي من المونديال، أضف ان صورة سواريز اصبحت اشد سواداً بعد ايقافه على خلفية الإهانات العنصرية التي وجهها الى إيفرا.
أما الفرنسي فهو أحد أبطال فضيحة المنتخب الفرنسي خلال مونديال جنوب افريقيا، ولشدة سوء ما فعله أوقف خمس مباريات دولية، وانتزعت منه شارة قائد «الديوك».
وما حصل في المباراة الاخيرة كان فوضى بحتة، وجاء الحديث عنها أكثر من الهدفين الصارخين اللذين سجلهما نجم مانشستر يونايتد واين روني في شباك «الحمر».
الحقيقة ان سواريز الذي رفض مصافحة إيفرا قبل اللقاء، ضاعف من سوء العمل الذي ثبت عليه عندما تفوّه بعباراتٍ عنصرية تجاه إيفرا في مباراة الذهاب في تشرين الاول الماضي، وهو الذي نفى مراراً ما فعله، لا بل دفع ناديه الى الخروج واتهام الفرنسي علناً بالكذب!
وصحيح ان سواريز سجل هدف ليفربول الوحيد في المباراة الاخيرة وكان خطراً في مناسباتٍ عدة، الا ان مدربه الاسكوتلندي كيني دالغليش كان يمكنه إبعاد لاعبه عن المشكلات عبر عدم ادراجه في التشكيلة الاساسية، وخصوصاً انه يدرك ان إيفرا سيلعب لا محالة، وهو الذي يرتدي شارة القيادة في يونايتد أخيراً.
لكن رأي فني قد يقول ان دالغليش كان بحاجةٍ الى مجهود سواريز، وهذا الرأي يتعارض مع رأي آخر يستند الى الارقام، إذ ان هجوم «الحمر» أبلى بلاءً حسناً في غياب الاوروغوياني، وقد أطاح الفريق غريمه التقليدي من دور الـ32 لمسابقة كأس انكلترا (2-1) أواخر الشهر الماضي من دون سواريز. إذاً عدم إدراج دالغليش لأندي كارول في التشكيلة الاساسية بشكلٍ منطقي كان الخطوة الاولى نحو وضع سواريز في موقفٍ حرجٍ آخر، حيث اصبح الهدف الاول للصحافة الانكليزية التي تملك سوابق في مجال «تهجير» لاعبين أجانب من اراضيها بعد حملات شعواء ضدهم جعلتهم يندمون على اللحظة التي قرروا فيها الانتقال الى الـ«برميير ليغ».
الامر المثير للاهتمام أن تضامناً سريعاً مع إيفرا كان من جانب زميله ريو فرديناند الذي رفض مصافحة سواريز عندما رأى الحادثة، وهو الذي يضع الاوروغوياني في صف مدافع تشلسي جون تيري المتهم بإهانته عنصرياً لاعب كوينز بارك رينجرز أنطون فرديناند، وهو شقيق مدافع مانشستر يونايتد.
هذه الثواني القليلة كان لها انعكاسها الواضح على المباراة، اذ ان الجمهور الذي لم يشاهد الحادثة مباشرة أبلغه بها متابعون لها على شاشة التلفزة، فكانت صفارات الاستهجان مخيفة ضد سواريز. وحتى احتفال يونايتد بالفوز شابه توجّه إيفرا لإطلاق العنان لفرحته «الغاضبة» امام سواريز نفسه، في تصرف «ولّادي» من قبل الفرنسي، وضعه في صف اللاعبين غير الناضجين الذي ينتمي اليه سواريز اصلاً.
إذاً سواريز وايفرا ظهرا أشبه بتلميذين طائشين؛ فالأول لم يظهر انه ندم على فعلته الاولى، والثاني أكد مجدداً انه لا يتحلى بصفات القائد، اذ كما سقطت شارة قيادة المنتخب الفرنسي عن ساعده، فقد تتبخر أيضاً نظيرتها الخاصة بمانشستر يونايتد من خلال عملٍ مشابه.



ندم واعتذار

انتظر لويس سواريز حتى يوم أمس ليقدّم اعتذاره لعدم مصافحته باتريس إيفرا، الذي شدّه من ذراعه لكي يجبره على مصافحته.
سواريز الذي تجاهل إيفرا وانتقل مباشرة إلى الحارس الإسباني دافيد دي خيا لمصافحته قال: «تحدثت مع المدرب، وقد أدركت أنني لم أقم بما يجب القيام به. أنا متأسف. ارتكبت خطأً وأنا نادم على ما
حصل»