يوم 18 تشرين الاول عام 1908 تقابل فريقان أحدهما يحمل اللون الاحمر وقد تأسس عام 1899، والآخر يحمل اللون الازرق وقد تأسس في التاسع من آذار لعام 1908. لم يعتقد احد حينها ان هذا اللقاء سيصبح في ما بعد الاقوى في العالم والاكثر تنافسية بين فريقي المدينة الواحدة، الآن وبعد 104 سنوات من تاريخ تلك المواجهة، أصبح الحديث عن هذا اللقاء يتخطى مجرد مباراة كرة القدم في مدينة. أضحى هذا اللقاء حدثاً تقوم له مدينة برمتها ولا تقعد. حدث تتوقف الحياة له في مدينة انشطرت الى نصفين بفعل جماهيرية هذين الفريقين... مدينة ميلانو باتت تتنفس على وقع هذا الـ«دربي» بين فريقيها الازليين: ميلان الأحمر او الـ«روسونيري» كما يطلق عليه بالايطالية وانتر ميلانو الازرق او الـ«نيراتزوري».
بدّل «دربي ميلانو» او «دربي الغضب» او «دربي ديللا مادونينا» (مادونينا تعني تمثال السيدة العذراء الموجود في كاتدرائية ميلانو) كثيراً في حياة سكان هذه المدينة، كيف لا يكون ذلك ومباريات هذين الغريمين شهدت كماً كبيراً من الاحداث التي لا تتسع مجلدات لسردها وسرد كمّ المنافسة والكراهية التي نشأت بين طرفيها من جرائها. يكفي فقط الحديث عن 289 لقاءً جمع بين الفريقين حتى ليلة غدٍ. 289 مباراة حملت كل ما يحلم به متابع لكرة القدم من ندية وحماسة واثارة وفن جميل. 289 مباراة في كافة المسابقات بين الفريقين (بما فيها المباريات الودية) كانت الغلبة فيها لانتر بواقع 109 انتصارات مقابل 108 لميلان. 289 مباراة سجل فيها انتر ميلانو 438 هدفاً مقابل 437 هدفاً لميلان. يا لهذه الارقام التي تكفي وحدها للحديث عن شدة المنافسة بين الطرفين، وتلخص قيمة هذا الدربي الأهم في العالم بين فريقي المدينة الواحدة. 289 مباراة مر في سجلاتها اهم لاعبي كرة القدم في التاريخ من جياني ريفيرا وفرانكو باريزي وتشيزاري وباولو مالديني والهولنديين ماركو فان باستن ورود غوليت وفرانك رايكارد والبرازيليين رونالدينيو وكاكا... في ميلان، وساندرو ماتزولا واليساندرو التوبيللي وجوسيبي بيرغومي والالمانيين كارل هاينتس رومينيغه ولوثار ماتيوس ويورغن كلينسمان واندرياس بريمه، والبرازيلي رونالدو (لعب فترة مع ميلان لاحقاً) والارجنتيني خافيير زانتي... في انتر.
تاريخ مجيد وحافل لا شك سيكون حاضراً بثقله وعبقه في لقاء ليلة الأحد بين الفريقين. لقاء لا يمكن وصف مدى اهميته وخصوصيته بعيداً عن التاريخ، اذ إن ميلان يدخله واضعاً نصب عينيه الفوز للبقاء على فارق نقطة مع منافسه يوفنتوس المتصدر على لقب الـ«سيريا أ» هذا الموسم قبل المرحلة الاخيرة والحاسمة، في حين يدخله انتر للغاية نفسها اي الفوز، لكن لهدف آخر حيث يقبع حالياً في المركز السادس بفارق نقطة عن لاتسيو و3 نقاط عن اودينيزي ونابولي في الصراع على المركز الثالث الاخير المؤهل الى مسابقة دوري ابطال اوروبا في الموسم المقبل. لا مكان للحلول الوسطى، لا مكان للضعف في قاموس الفريقين والا يضيع حلم احدهما بعد اطلاق صافرة نهاية المباراة ويعيش أنصاره كابوساً مختلفاً: اما ضياع اللقب او عدم المشاركة في المسابقة الاوروبية الأهم على مستوى العالم للاندية.
من سيكسب اللقاء؟ ربما هذا السؤال هو الاصعب حالياً لدى انصار الفريقين وجميع المتابعين والمراقبين. كيف لأحد أن يتجرأ بالاجابة عنه وقد آلت نتيجة مباراة الذهاب الى فوز انتر 1-0 علماً ان المباراة كانت محتسبة على ارض ميلان وقتها. من هنا، لن يشكل عامل الجمهور (باعتبار ان الملعب واحد وهو «سان سيرو») اي اضافة إلى صاحبه بل على العكس قد يشكل ضغطاً عليه وسط كم المنافسة والقتالية في الاداء التي ستكون حاضرة في امسية الأحد.
على المستوى الفني، لا يمكن التوقف عند نقاط قوة هذا الفريق والضعف في الفريق الآخر، اذ إن هذه المعطيات تضيع مع صافرة بداية المباراة وتحضر العزيمة بدلاً عنها. لقاء ستتجه فيه الانظار الى مدربَي الفريقين اولاً لمعرفة ما سيخبئان لبعضهما. السؤال المطروح الآن هو: هل سيستطيع اندريا ستراماتشوني، المدرب الجديد لانتر والذي حقق معه نتائج جيدة منذ اشرافه عليه بدلاً من كلاوديو رانييري، الوقوف في وجه ماسيميليانو الليغري خصوصاً انه يخوض الدربي الاول له؟ كل شيء يبدو ممكناً اذا ما عرف المدرب الشاب التأقلم سريعاً مع اجواء هذا اللقاء الرهيب على كافة المستويات الكروية.
اذاً، ليلة صاخبة في ميلانو الأحد لا يمكن تفويتها. ليلة، سيكون جمهور يوفنتوس أشدّ المتلهفين لمتابعتها حتى اكثر من مباراة فريقهم «السهلة نسبياً» امام كالياري (تقام في التوقيت عينه). لمرة، سيؤازر جمهور يوفنتوس غريمهم الازلي في ايطاليا: انتر ميلانو.



ألليغري متحمّس

تطرق مدرب ميلان، ماسيميليانو ألليغري، إلى مباراة فريقه أمام الغريم إنتر ميلانو، حيث رأى أن «الأحد سيكون يوماً رائعاً بكل تأكيد. نحن متحمسون كثيراً للدربي. في هذا اللقاء سيكون على اللاعبين أن يقدموا ما لم يقدموه من قبل»، مضيفاً: «إذا ما قدمنا مستوى جيداً ويوفنتوس تعثر مجدداً، فسنتمكن من الانقضاض على الصدارة مرة أخرى (...)».