لا تتوقف علاقة رؤساء الدول وحكوماتها بلعبة كرة القدم عند مجرد مساندة منتخبات بلادهم في البطولات الكبرى من باب الواجب الوطني لما يعكسه الإنجاز في مثل هذه المناسبات من صورة مشرقة للوطن، ولا أيضاً عند دعم ملفات بلادهم لاستضافة تلك الأحداث التي تعود بالفائدة الاقتصادية على خزينة الدولة، بل هناك رؤساء لا يتوانون عن التعبير عن عشقهم للعبة الأكثر شعبية في العالم ولنجومها بطرق مختلفة، إن عبر التصريحات واستقبال النجوم أو عبر ممارسة اللعبة بين الوقت والآخر كما هي الحال مع الرئيسين الإيراني محمود أحمدي نجاد والبوليفي ايفو موراليس.
آخر المحطات في هذا المجال كان التصريح الذي أدلى به رئيس نادي شالكه الألماني كليمنس تونيز، قبل أيام، والذي كشف فيه أن رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين هو «عاشق رهيب» لحارس مرمى المنتخب الألماني مانويل نوير، وقد عارض انتقال الاخير الى بايرن ميونيخ من صفوف شالكه، وذلك بحكم العلاقة التي تربطه بالشركة الراعية للنادي وهي «غازبروم» الروسية.
قبل ذلك بأيام، كشف الرئيس الفنزولي هوغو تشافيز، المولع بكرة القدم والعاشق للأسطورة الارجنتيني دييغو أرماندو مارادونا (وهذه قصة في حدّ ذاتها)، عن إعجابه ايضاً بالنجم الأرجنتيني الآخر خوان رومان ريكيلمي، ما يدل على ان تشافيز له ذوقه الخاص في اللعبة، إذ إنه يهوى صنف اللاعبين الذين يرتدون القميص الرقم 10 وذوي المهارة. إلا أن تعبير الرئيس الفنزويلي عن هذا الاعجاب بصانع العاب بوكا جونيورز كان مميزاً وغريباً، إذ أرسل ابنته روزيني الى الملعب، خلال مباراة بلادها والأرجنتين في تصفيات مونديال 2014، حيث قصدت غرفة تبديل الملابس، وما كان منها إلا ان وضعت قبعة على رأس حارس الارجنتين الاحتياطي اوغستين أوريون كُتب عليها «من تشافيز الى ريكيلمي» وطلبت منه ان يسلمها لزميله في بوكا.

في اسبانيا، لم يتوان رئيس الحكومة هناك خوسيه لويس ردوريغيز ثاباتيرو عن إعلان مناصرته لبرشلونة، وقد وصل عشقه للفريق الى سؤال مواطنه النجم فرانسيسك فابريغاس، خلال لقائهما معاً مع رئيس الوزراء الانكليزي ديفيد كاميرون لمناسبة تدشين جمعية خيرية تُعنى بكرة القدم في انكلترا، عمّا إذا كان سينتقل الى النادي الكاتالوني، لكنه لم يلق الجواب الشافي من اللاعب، في الوقت الذي أعرب فيه كاميرون عن أمنيته ألا يغادر فابريغاس نادي أرسنال اللندني، وهذا ما لم يحصل في ما بعد.
أما في ايطاليا، فمن المعروف هناك أن رئيس الحكومة سيلفيو برلوسكوني هو عاشق بامتياز لكرة القدم، وبطبيعة الحال فإن ناديه المفضل هو ميلان الذي يرأسه منذ منتصف الثمانينيات. لكن الجديد أن برلوسكوني أبدى إعجابه قبل فترة بالبرتغالي كريستيانو رونالدو، نجم ريال مدريد الاسباني، وقد أفصح خلال الصيف عن حلمه برؤية الأخير بقميص الـ«روسونيري».
عشق الرؤساء لكرة القدم يتضح أكثر عندما يتباحثون في ما بينهم في شؤون كرة القدم، وهذا ما حدث على سبيل المثال عام 2009 خلال اجتماع ثلاثي ضم كلاً من برلوسكوني وبوتين ورئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان، إذ قبل ان يتداول هؤلاء الرؤساء بالسياسة كان الموضوع الكروي حاضراً بقوة في بداية لقائهم، وذلك عندما توجه برلوسكوني الى أردوغان قائلاً له: «طيب، أحييك تحية حب، وأتمنى عندما تبدأ حديثك أن تهنّئني بفوز ميلان على ريال مدريد أمس». أما بوتين، فقد شكر أردوغان لتسجيل اللاعب التركي غوكدينيز كارادينيز هدف الفوز لروبن كازان الروسي في مرمى برشلونة، قائلاً له: «برشلونة فريق محترم جداً. في روسيا هناك مشجّعون كثر يحبون هذا الفريق، ولكن هذه هي الرياضة. فريقنا روبن كان أقوى هذه المرة. أكرر مرة أخرى أن الفضل يعود إلى جهود لاعب تركي». هنا تدخل برلوسكوني ممازحاً بوتين حيث قال له: «أهنئك مرة أخرى، لكن سيتعيّن عليّ أن أحاول التخفيف عن رئيس الوزراء الاسباني (ثاباتيرو المناصر لبرشلونة)».

إجماع على مارادونا

للنجم الارجنتيني مارادونا قصة بحدّ ذاتها مع الرؤساء، إذ إنه يتميز عن غيره من النجوم باعتباره محطّ إعجاب العديد من رؤساء الدول والزعماء، وهو يبادلهم هذا العشق الى اقصى الدرجات. ولا يخفى هنا أن مواقف دييغو المناهضة للسياسة الأميركية، والتي مُنع على أثرها من دخول الولايات المتحدة، الى جانب مهارته طبعاً، جعلته يدخل قلوب العديد من الرؤساء. هكذا، فإن مارادونا يلقى استقبال الملوك عند زيارته الزعيم الكوبي فيديل كاسترو الذي لم يتوانَ عن إرسال طائرة خاصة لنقل الأرجنتيني الى كوبا من أجل معالجته من الإدمان، وهذا الأمر قدّره كثيراً مارادونا حيث رأى أن شفاءه كان بفضل كاسترو، واصفاً إياه في احدى المرات بـ«الأسطورة الحية»، كذلك فإنه رسم وشماً لكاسترو على جسده، وتحديداً على ساقه اليسرى التي جلبت له المجد الكروي، كدلالة على مدى تعلقه بالزعيم الكوبي، علماً بأن زند مارادونا يحمل وشماً آخر لمواطنه الثائر أرنستو تشي غيفارا.
من جانبه، فإن تشافيز يبدو شديد العشق لمارادونا أيضاً، ودائماً ما يستقبله في مقرّه الرئاسي، وقد وصلت العلاقة الشخصية بين الجانبين إلى حدّ طلب الرئيس الفنزولي من دييغو أن يدعمه في الاستفتاء لولاية رئاسية جديدة، نظراً إلى الشعبية التي يلقاها مارادونا عند الفنزويليين، كذلك فإن الأخير عاد تشافيز في المستشفى في كوبا قبل فترة عندما كان يعالج من مرض السرطان.
عشق مارادونا دخل كذلك قلب الرئيس البوليفي ايفو موراليس الذي يعتبر من اصدقاء الأسطورة الأرجنتيني، فيما نظيره الإيراني محمود أحمدي نجاد خصّ مارادونا برسالة شكره فيها على القميص الذي بعثه إلى الأمة الإيرانية وحمل توقيعه، وعلى مواقفه المناهضة لأميركا والمؤيدة لإيران، علماً بأنه كان يودّ أن يتسلم مارادونا تدريب المنتخب الايراني.
إذاً، رغم انشغالاتهم السياسية يبقى لكرة القدم ولنجومها حيّز مهم لدى الرؤساء والزعماء، وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على مكانة هذه اللعبة التي تعتبر بحق «الساحرة المستديرة».



من هواياتهم

كرة السلة والجودو والعدو أقل حضوراً



في الوقت الذي تُعد فيه كرة القدم الهواية الأبرز لمعظم رؤساء الدول والمسؤولين فيها، فإن قلة منهم تفضل رياضات أخرى، ولعل أبرزهم في هذا المجال هو الرئيس الأميركي باراك أوباما، الذي يهوى رياضة كرة السلة بدرجة كبيرة، وهو يدأب على ممارستها على نحو دائم مع اصدقائه، إضافة الى متابعته في بعض الأحيان مباريات البطولة الأشهر في العالم، وهي الدوري الأميركي الشمالي للمحترفين «أن بي آي»، في الملعب، حتى إنه تطرق قبل أيام الى أحوال هذه الأخيرة خلال مقابلة تلفزيونية، حيث أعرب عن قلقه من استمرار الأزمة التي تعصف بالبطولة، وتهدد إقامة موسمها الحالي، مشيراً إلى أن هذا الأمر يبدو «محزناً».
من جانبه، فإن رئيس الحكومة الروسية فلاديمير بوتين ورغم تعلّقه بكرة القدم ومتابعته لها، فإنه مشهور كذلك بممارسة رياضة الجودو على أعلى المستويات، وهو حاصل على الحزام الأسود فيها، وقد أصدر كتاباً يحكي عن هذه الرياضة.
أما الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، فإلى جانب إلمامه بكرة القدم وتشجيعه فريق باريس سان جيرمان في بلاده، فإنه يحبّذ رياضتي العدو وركوب الدرجات الهوائية، ويمارسهما باستمرار مع أصدقائه.