مع اقتراب موسم (2018-2019) من نهايته، يضع كل ناد النقاط على الحروف، ويقوم بالـ«جردة السنوية» لموسمه الذي انتهى. تُلخَّص من خلال هذه الجردة نتائج الفرق الأوروبية التي حققت الإنجازات خلال الموسم (ألقاب محلية وقارية وجوائز فردية للاعبين الذين ينشطون في هذه الفرق). لكن، وتحديداً في السنوات العشر الأخيرة، اختلفت معايير النجاح، إذ باتت معايير غير ثابتة، تختلف من دوري لآخر ومن فريق أوروبي، عن فريق من دوري مختلف تماماً. ومع الحديث عن نجاحات الأندية الأوروبية، لا يمكن تجاوز السبب الرئيسي وراء نجاح موسم فريق معيّن من عدمه، ألا وهو المدير الفني، أو كما يعرف بالمدرب.اليوم، ومع اقتراب موعد نهاية الموسم الحالي، والذي تنتهي معه جميع البطولات، محلية كانت أو قارية، يواجه بعض مدربي الفرق الكبرى في أوروبا خطر الإقالة. أسوأ ما يمكن أن يتعرّض له مدرب ما في مسيرته التدريبية، هو الإقالة، والتي تعني أن إدارة النادي فقدت ثقتها بهذا المدير الفني، الذي وبرأيها ربما، لم يعط كل ما لديه من قدرات لتحقيق أهدافها المتوقعة قبل بداية الموسم، أو هو لا يملك القدرة على تحقيق البطولات والكؤوس.
من بين هؤلاء المدربين الذين يواجهون اليوم شبح الإقالة، مدربو كل من برشلونة الإسباني إرنستو فالفيردي، والألماني توماس توخيل مدرب باريس سان جيرمان الفرنسي، والكرواتي نيكو كوفاتش المدير الفني الخاص بالنادي الألماني ــــ البافاري بايرن ميونيخ، وغيرهم الكثير. كما ان إدارة يوفنتوس الإيطالي تخلت فعلاً عن المدير الفني للنادي ماسيميليانو أليغري. جميع المدربين الذين تم ذكرهم، حسموا أمر تتويج فرقهم بلقب الدوري المحلي. ومنهم من حسم اللقب قبل أسابيع على نهاية البطولة المحلية، والحديث هنا عن كل من فالفيردي وأليغري وتوخيل.
يبقى كوفاتش المدرب الوحيد الذي يختلف عن زملائه، نظراً الى عدم حسمه للدوري الألماني «البوندسليغا» إلا في الجولة الأخيرة والتي تمكّن من خلالها كوفاتش وأبناؤه من تحقيق الفوز على نادي اينتراخت فرانكفورت. وبالتالي، تم تتويج النادي البافاري بلقب الدوري لأول مرّة منذ سنوات بهذه الطريقة، بوجود منافس حقيقي هذه المرة، ظل صامداً حتى الجولة الأخيرة هو بروسيا دورتموند.
مدرّبون أوروبيون مهدّدون بالإقالة بسبب عدم تحقيق لقب دوري الأبطال


هؤلاء المدربون، الذين حققوا جل الألقاب المحلية، والذين قدّموا موسماً محلياً استثنائياً مرّة جديدة، استكمالاً لمواسم ناجحة سابقة محلياً أيضاً، لم تُستثن أسماؤهم من قائمة المدربين الذين من المتوقع أن يغادروا أنديتهم مع نهاية الموسم. لعلّ المدرب الوحيد الذي لم يعش نجاحات أوروبية، ولكنه يضمن دائماً بقاءه في الفريق، هو مدرب مانشستر سيتي، الإسباني بيب غوارديولا. للأمر أسباب عدّة، وأولها ان الجميع يعلم من هو بيب، وكثيرون يجمعون على أنه المدرب الأفضل في العالم، وأن تفوز بلقب الدوري الإنكليزي الممتاز في مناسبتين متتاليتين، فهذا هو النجاح بعينه، بغض النظر عن الفشل الأوروبي المتكرر من قبل غوارديولا مع مانشستر سيتي وقبلها مع بايرن ميونيخ. عاش السيتي هذا الموسم منافسة شديدة مع ليفربول على لقب الدوري. رغم أن «الريدز» قدموا أفضل موسم لهم في تاريخ «البريمييرليغ»، من حيث الأرقام، إلاّ أنهم لم يستطيعوا تحقيق اللقب، كل هذا بسبب عبقريّة وقوة المدرب بيب غوارديولا وجودة اللاعبين الذين يملكهم في فريقه.
مع مرور الوقت، بدأت الأمور تتضح أكثر فأكثر، والتي أظهرت للمتابعين أن معايير بقاء المدرب في منصبه باتت معايير نسبية وغير ثابتة، وهي تختلف بين ناد وآخر في أوروبا، كما انها تخضع لمزاج جمهور فريق معيّن. هذا الأخير بات يضغط على الإدارات لتغيير المدرب واللاعبين في حال لم يحقق ناديهم النتائج المطلوبة.
أكبر دليل على ذلك، هو توصّل مدرب يوفنتوس الإيطالي ماسيميليانو أليغري إلى اتفاق مع إدارة الفريق، يقضي بأن يرحل عن النادي مع نهاية الموسم الحالي. أليغري، هو المدب الوحيد منذ سنوات مضت، الذي تمكّن من إيصال نادي «السيدة العجوز» إلى نهائيين في دوري أبطال أوروبا. وهذا يعد إنجازاً بحد ذاته. إلا أن التاريخ أعاد نفسه في هاتين المرتين، خسر نادي «السيدة العجوز» نهائيين لدوري الأبطال على يد ناديين إسبانيين، هما برشلونة عام (2015) وريال مدريد في (2017). حقق أليغري 5 ألقاب للدوري الإيطالي خلال مسيرته مع يوفنتوس، إلاّ أنه على ما يبدو أن إدارة الـ«بيانكونيري» تريد شيئاً آخراً، شيئاً جديداً اشتاقت إليه جماهير ملعب الأليانز، هي تريد كأس «ذات الأذنين» (دوري أبطال أوروبا).

يواجه كوفاتش خطر الإقالة (توبياس هاسيه ــ أ ف ب)

في الواقع، من حق جماهير الفريق الذي يسيطر على البطولات المحلية في كل موسم، أن تطمح وتتمنى رؤية الفريق يتوّج بلقب الأبطال أيضاً، والذي يحمل صفة «أمجد الكؤوس الأوروبية»، لكن هل يمكن اعتبار الفشل بتحقيق هذا اللقب، هو فشل للموسم ككل؟ أرنستو فالفيردي مدرب برشلونة، سيكون أمام هذا التحدي في نهائي كأس ملك إسبانيا، ليحقق الثنائية المحلية للموسم الثاني على التوالي. لو كان ما يقوم به فالفيردي الآن، يطبّق منذ أكثر من عشر سنوات في عالم الكرة، لكان الإعلام الإسباني «يطبّل» لفافيردي، على أنه من بين كبار المدربين الذين مرّوا على النادي الكاتالوني. إلا أن أحكام الأمس للأمس، واليوم المعايير اختلفت. ها هو فالفيردي يواجه من جديد خطر الإقالة، فعلى الرغم من أخذه الثقة من رئيس النادي، يبقى الإعلام الإسباني والعالمي يوجّه سهامه باتجاه مدرب برشلونة، أو اذا صح التعبير، تجاه مسيرة المدرب الباسكي في دوري الأبطال. البطولة الأخيرة، باتت الشغل الشاغل لأبرز الفرق.
كريستيانو رونالدو، تعاقدت معه إدارة النادي الإيطالي يوفنتوس بهدف تحقيق دوري الأبطال، إلا أن الفريق لم يقدر على ذلك، فتمّت إقالة أليغري. الأمر عينه بالنسبة الى باريس سان جيرمان ومدربه توخيل، وباقي المدربين الذين مرّوا على كرسي احتياط ملعب «حديقة الأمراء». مبالغ ضخمة وعقود توقَّع وأموال كثيرة تدفع مع بداية كل موسم، من قبل الأندية، التي تربط النجاح بدوري الأبطال، وهذا ما وصلت إليه لعبة كرة القدم ومعاييرها في المواسم الماضية. أقيل أليغري وكثر تنتظرهم الإقالة أيضاً.