غالباً ما كانت مواجهات بايرن ميونيخ أشبه بنزهةٍ عندما يقابل آرسنال في مسابقة دوري أبطال أوروبا، حيث تغلب عليه 7 مرات في 12 مباراة جمعتهما، محققاً الفوز حتى بنتيجة (5 ـ 1) في آخر ثلاث مبارياتٍ بينهما، وثالثها كان على أرض الفريق الإنكليزي قبل 7 أعوامٍ، وحيث سيلتقي الفريقان مجدداً مساء اليوم الثلاثاء الساعة 22:00 بتوقيت بيروت، في ذهاب الدور ربع النهائي.لكن هذه المرّة الأمور مختلفة إلى حدٍّ بعيد، إذ إن الفريق الألماني لم يعد المرشح الأقوى للفوز بهذه المواجهة، ولا حتى في أي مواجهة بعدما وصل إلى وضعٍ كارثي، بحيث أصبح أي فريق قادراً على النيل منه، وهو ما فعله في نهاية الأسبوع الماضي الضيف الجديد في الدوري الألماني هايدنهايم بعدما أسقطه (3 ـ 2) رغم تقدّم البافاريين بهدفين نظيفين مع نهاية الشوط الأول!
هذه الخسارة بالتحديد التي تلت سقطةً أخرى في الأسبوع الذي سبقه أمام بوروسيا دورتموند تظهر عمق الأزمة في البايرن، وذلك مقابل تطوّرٍ كبير يعيشه آرسنال هذا الموسم بقيادة مدربه الإسباني ميكيل أرتيتا الذي بات قريباً جداً من التوصل إلى توليفة مثالية تُعيد أمجاد الماضي إلى «المدفعجية».

جنرال بلا عسكر
إذاً آرسنال في تطوّر لأنه سار وفقاً لخطةٍ واضحة لا تشوبها القرارات العشوائية وغير المحسوبة كتلك التي ذهبت إليها إدارة بايرن ميونيخ بإقالة المدرب الشاب يوليان ناغلسمان وتعيين توماس توخيل بدلاً منه، فجلب الأخير الكوارث على الفريق ولم يعد الإيمان بإمكانية تحقيقه أي شيء هذا الموسم موجوداً رغم أنه يملك نخبةً من اللاعبين الألمان والعالميين.
هو ما أشار إليه القائد السابق للفريق ولمنتخب ألمانيا لوثار ماتيوس عندما حثّ إدارة البايرن على التحلّي بالشجاعة لا الاكتفاء فقط بإعلان خروج توخيل في نهاية الموسم بل استبداله بمدربٍ آخر بأسرع وقتٍ ممكن وقبل الاستحقاق أمام آرسنال على اعتبار أن كارثة تلوح في الأفق بحسب الكثيرين من الخبراء والمتابعين.
ليس لعنة كاين بل لعنة توخيل الذي يرفض رجاله القتال من أجله


كلام ماتيوس فيه شيء من الصحة، إذ من الواضح أن توخيل فقد السيطرة التامة على غرفة الملابس، ولم يعد رجاله يتجاوبون معه بأي شكلٍ من الأشكال، فهو أشبه بجنرالٍ في حرب استغنى عنه جنوده في قلب المعركة، إذ لم يعد لديهم أي سبب للقتال من أجله بعدما حلّ الشرخ بينه وبين أبرز الضباط.
بالفعل، ليس هاري كاين هو اللعنة التي أصابت البايرن بفعل عدم فوزه بأي لقبٍ في مسيرته، إذ إن الهداف الإنكليزي أصاب أرقاماً قياسية في موسمه الأول (32 هدفاً في 28 مباراة في الدوري)، لتكون اللعنة بالتالي مرتبطة بتوخيل ولا أحد سواه إثر فشله في تقديم فريقٍ قوي بعدما سيطر «هوليوود الكرة الألمانية» على الدوري المحلي 11 موسماً متتالياً. كل هذا وقد حصل توخيل على كل ما طلبه من لاعبين في سوق الانتقالات ما عدا البرتغالي جواو بالينيا، والسبب طبعاً لم تكن إدارة البايرن بل عودة فولام عن قراره بالاستغناء عنه بعدما سافر اللاعب بالفعل إلى ميونيخ للانضمام إلى بطل ألمانيا.

آرسنال أمتع وأقوى
المشكلة لم تعد فنية أصلاً بل نفسية، وهو ما يقلق أكثر، إذ من الواضح أن الفريق فقد الإيمان بنفسه، وباتت المزاجية تتحكم بلاعبيه، إذ يبدو قادراً على الفوز بسباعية في مباراة، وأيضاً متاحاً للخسارة مع أي فريقٍ كان، وهو ما زاد من جرأة كل الفرق في ألمانيا خلال مواجهته، إذ ترى اليوم بأنها قادرة على تسجيل انتصارٍ أمامه، وهي فرصةٌ قد لا تتكرّر في المستقبل عندما يعود إلى حالته الطبيعية.
من هنا ليس مستغرباً أن يفعلها آرسنال من دون مشكلات كبيرة، فهو أحد أمتع الفرق في أوروبا هذا الموسم، وأحد أكثر الفرق فعالية بحيث تتعدّد لديه أسلحة تسجيل الأهداف.
ببساطة تحكي الأرقام القصة كاملةً، إذ إن آرسنال فاز في 10 من مبارياته الـ11 الأخيرة في الدوري الإنكليزي الممتاز، وحقق أعلى فارق أهدافٍ له (+51) في الدوري منذ نهاية موسم 2004 ـ 2005، وحافظ على نظافة شباكه في 5 مباريات متتالية خارج أرضه في الدوري للمرة الأولى منذ نيسان 1997. كما أن نجمه بوكايو ساكا عادل أعلى رصيد له من الأهداف في موسم واحد في الدوري بـ 14 هدفاً، بينما أسهم الدولي الألماني كاي هافرتز بـ9 أهداف في آخر 7 مباريات محلية، وسجّل 9 أهداف للمرّة الأولى منذ وصوله إلى «البريميير ليغ».
اما في الجهة المقابلة، فرقمٌ وحيد يختصر كل الحكاية: بايرن ميونيخ يخسر مباراة أمام فريق يخوض موسمه الأول في الدوري الألماني للمرة الأولى منذ تشرين الأول عام 2000 عندما سقط أمام إينيرجي كوتبوس، وخسر مباراة أمام فريق صاعد من الدرجة الثانية رغم التقدّم بفارق هدفين للمرة الأولى في تاريخه في الدوري الألماني.