منذ أيام، هدّد الرئيس السوري، بشار الأسد، أنه إذا لم تنفع المفاوضات مع «قسد» التي تسيطر على مناطق واسعة في الشمال السوري، «فسنلجأ إلى تحرير تلك المناطق بالقوة بوجود الأميركيين أو بعدم وجودهم». منذ يومين، بدأ وفد من «المعارضة» السورية المقربة من دمشق، زيارة لمدينة القامشلي ذات الغالبية الكردية في شمال شرق البلاد، على أن يلتقي الوفد خلال هذه الزيارة النادرة التي تستمر أياماً مسؤولين أكراداً من تيارات عدة، بحسب وكالة «فرنس برس».
وقال مسؤول كردي، فضّل عدم الكشف عن اسمه، للوكالة الفرنسية إن «هذه الزيارة هي محاولة للتوصّل الى مكسب سياسي في المنطقة بعدم إعطاء التحالف الدولي الشرعية لوجوده في الشمال السوري»، مضيفاً: «الوفد يحاول القيام بدور الوسيط بين الإدارة الذاتية والأحزاب الكردية من جهة، والنظام السوري من جهة ثانية». ورأت عضو الوفد ميس كريدية، وهي من «الجبهة السورية الديموقراطية»، أن «من حسن حظنا أن الزيارة نضجت بالتزامن مع هذه التصريحات لأنه لا بدّ من البناء على ورقة سياسية، وهذه التصريحات... يجب أن تُفهم بأنها دفع باتجاه عملية سياسية». وأضافت: «أعتقد أن الرئيس الأسد فتح بوابة المفاوضات، وإن كانت في لغة تهديدية لم تكن تستهدف السوريين بل المستهدف فيها الأميركيون والتدخلات الخارجية». وكان وزير الخارجية السوري، وليد المعلم، قد تطرق، خلال مؤتمر صحافي، عقده يوم أمس، إلى مستقبل المناطق الواقعة تحت سيطرة قوات سوريا الديموقراطية، وقال: «لم نبدأ التفاوض، وحتى الآن لم نجرب الخيار الأول. نجرب الخيار الأول أولاً ثم سنرى»، مضيفاً أن «هناك تواصلاً، لكن لم نبدأ التفاوض حول المستقبل».

من ناحية أخرى، ربط المعلم دخول الحكومة السورية في مفاوضات حول الجنوب السوري، الذي تسيطر على أجزاء واسعة منه الفصائل المسلحة، بانسحاب القوّات الأميركية من منطقة التنف الحدودية القريبة من الحدود العراقية والأردنية. وقال: «نحن لم ننخرط بعد في مفاوضات تتعلق بجبهة الجنوب. لذلك قلت إن المؤشر هو انسحاب الولايات المتحدة من أراضينا في التنف». وأضاف: «لا تصدقوا كل التصريحات التي تتحدّث عن اتفاق بشأن الجنوب ما لم تروا أن الولايات المتحدة سحبت قواتها من قاعدة التنف ويجب أن تفعل»، موضحاً أنه «عندما تنسحب الولايات المتحدة من التنف، نقول إن هنالك اتفاقاً». وتابع قائلاً: «نحن نسعى في البداية إلى حل هذه المسألة بالطرق التي تعوّدنا أن نعمل بها وهي المصالحات، وإذا لم تكن مجدية، فلكل حادث حديث».
دمشق ترفض خطة «منبج»
في سياق متصل، دان المعلم الاتفاق على ما سماه «خريطة الطريق»، الذي أعلنته واشنطن وأنقرة الشهر الماضي، بشأن مدينة منبج في شمال سوريا، والتي تسيطر عليها قوات سوريا الديموقراطية بدعم من التحالف الدولي والولايات المتحدة. وقال المعلم: «ليس في منبج فقط، بل عفرين وكل شبر من الأراضي السورية. نحن نعتبر تركيا عدواً غازياً لأراضينا، وبالتالي لا يحقّ للولايات المتحدة ولا لتركيا أن تتفاوضا حول مدينة سورية»، مضيفاً أن «أي اتفاق أميركي ـــ تركي... هو اتفاق مدان وعدوان على السيادة السورية».