منذ أسابيع، تشكّل منبج محور محادثات مستمرة بين أنقرة وواشنطن، تم التوصل بموجبها إلى خريطة طريق لتلافي وقوع أيّ صدام بين الطرفين. وتنتشر في مدينة منبج، إلى جانب القوى الكردية وما يعرف بمجلس منبج العسكري، قوات أميركية وفرنسية من التحالف الدولي. وفي أولى نتائج المسار السياسي الذي اتخذته أنقرة مع واشنطن لحل «عقدة» المدينة الشمالية، أعلنت وحدات حماية الشعب الكردية اليوم، سحب آخر قواتها من المدينة، بعدما هددت تركيا مراراً بشن هجوم عليها، في خطوة من شأنها تخفيف حدة توتر طال بين أنقرة وحليفتها واشنطن، التي تدعم وحدات حماية الشعب الكردية.وأعلنت الوحدات الكردية التي تعتبرها أنقرة تنظيماً «إرهابياً» يشكّل خطراً على أمن تركيا القومي، وتخشى أن تؤسّس حكماً ذاتياً كردياً على حدودها، في بيان اليوم: «قررت القيادة العامة لوحدات حماية الشعب سحب مستشاريها العسكريين من منبج». وأوردت الوحدات الكردية في بيانها أنه «بعد طرد التنظيم من المدينة، جرى تسليم زمام الأمور في منبج إلى مجلسها العسكري... وقامت قواتنا بالانسحاب من المدينة»، لكنها أبقت بطلب من المجلس المنضوي أيضاً ضمن قوات سوريا الديموقراطية، على «مجموعة من المدربين العسكريين... بصفة مستشارين عسكريين لتقديم العون للمجلس العسكري في مجال التدريب، وذلك بالتنسيق والتشاور مع التحالف الدولي».

«الوحدات لم تنسحب»

نقلت وكالة الأناضول عن «مصادر محلية» في منبج قولها إن «عناصر وحدات حماية الشعب الكردية ما زالوا موجودين في مكانهم، وقد تخفى معظمهم تحت زي ما يسمى (قسد)، ومجلس منبج العسكري التابعين أساساً للتنظيم». وأشارت المصادر إلى أنه «إلى جانب التواجد العسكري، هناك تواجد أمني للتنظيم عبر ما يسمى قوات مكافحة الإرهاب التي تتبع في شكل مباشر للتنظيم وقيادته».

في سياق متصل، أعلن وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، في تصريحات صحافية له اليوم، أنه «سيتم نزع السلاح من التنظيم (وحدات حماية الشعب) أثناء انسحابه من منبج، وستنتهي العملية بالتزامن مع انتهاء انسحاب عناصره». وأكد أنه «لن يكون هناك دور لأيّ دولة ثالثة في منبج، بما في ذلك فرنسا وبريطانيا وبلجيكا». وتابع: «خطواتنا التي سنتخذها (في منبج) مهمة من أجل مستقبل سوريا وفرصة لإعادة علاقاتنا المتدهورة مع الولايات المتحدة إلى مسارها، لذا يجب تنفيذ الخريطة بالكامل». وأردف قائلًا: «سنقوم بتطبيق خريطة الطريق في منبج، وعقب ذلك سنباشر بتطبيقها في مدن أخرى، وعندها سيتضح الموقف الأميركي».
وقررت الوحدات سحب مستشاريها حالياً «بعد وصول مجلس منبج العسكري إلى الاكتفاء الذاتي»، وفق بيان وحدات الشعب. ويأتي البيان المذكور غداة اللقاء الذي جمع وزيري الخارجية الأميركي مايك بومبيو والتركي مولود جاويش أوغلو في واشنطن، والذي أكّدا خلاله «دعمهما لخريطة طريق» حول تعاونهما في شأن المدينة الواقعة في ريف حلب الشمالي الشرقي وتبعد نحو 30 كيلومتراً عن الحدود التركية. ولم يتطرق بيان «الوحدات» إلى الاتفاق، إلا أن المتحدث باسم مجلس منبج العسكري شرفان درويش قال لوكالة «فرانس برس» اليوم، إن «هذا الانسحاب جاء بعد الاتفاق الأميركي - التركي».