قد يكون إعلان المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، عزمه التنحّي عن منصبه في نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، لأسباب «شخصية بحتة»، أبرز «حدث» على المستوى السياسي الدولي بخصوص سوريا، الذي يعاني الركود والجمود الذي لا تحركه التصريحات الكثيرة المتبادلة. وبالتزامن مع إعلان دي ميستورا هذا، شهد اليوم تصريحات روسية عدة تضمنت انتقاداً حاد اللهجة لدور الولايات المتحدة في سوريا، سياسياً وميدانياً.
أبلغ مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا مجلس الأمن، اليوم، أثناء الجلسة التي عقدت حول سوريا، بأنه يعتزم التنحّي عن منصبه في نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني لأسباب شخصية، بعدما أمضى أكثر من أربع سنوات في المنصب. ودي ميستورا هو ثالث شخص يشغل المنصب خلال الحرب السورية المستمرة منذ أكثر من سبع سنوات. وكان دي ميستورا قد خلف كلاً من الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان، والدبلوماسي الجزائري الأخضر الإبراهيمي، اللذين تنحيا عن المنصب بسبب الجمود في شأن كيفية إنهاء الحرب. وفي السياق نفسه، أعربت الناطقة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، عن تقييم بلادها لدور المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، في التسوية السورية، بعد إعلان الأخير عن استقالته من منصبه. وقالت زاخاروفا في مؤتمر صحافي: «بالتأكيد، نحن نقيّم دوره كمهني ودبلوماسي في التسوية السورية، وفي العملية التفاوضية».
في سياق آخر، اعتبر المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، جيمس جيفري، أن تطبيق الاتفاق الروسي ــ التركي في شأن إدلب «جمَّد» الحرب في سوريا، آملاً استكماله بإعادة «إحياء المفاوضات لتسوية النزاع المستمر منذ أكثر من سبعة أعوام». وقال جيفري للصحافيين المرافقين له في زيارته إلى أنقرة، إحدى محطات الجولة الخارجية التي يقوم بها، تعليقاً على بدء تطبيق اتفاق إدلب، إنه «خطوة مهمة لأن ما تم القيام به جمّد النزاع ليس هناك فحسب، ولكن تم تجميده بشكل أساسي في كل مكان آخر». وقال جيفري للصحافيين: «نتداول مع الأتراك كيف بإمكاننا راهناً أن ننتقل مرة أخرى (...) لإعادة إحياء العملية السياسية مع وجود وقف إطلاق نار، بحكم الأمر الواقع أو مؤقت على الأقل، في جميع أنحاء البلاد باستثناء معارك في مناطق محدودة غالبيتها تحت سيطرة تنظيم داعش».

طائرات أميركية تتجسس على «أس ــ 300» السورية

قامت طائرات استطلاع أميركية بعمليات تجسس قرب مواقع نشر أنظمة الصواريخ المضادة للطائرات الروسية «أس ــ 300»، التي وردتها روسيا إلى سوريا. وقالت وكالة «إنترفاكس» الروسية، إنَّ «طائرات تابعة لسلاح الجو الأميركي من طراز «RC-135V»، قامت بعمليات استطلاع في سوريا، قادمة من قاعدة خليج سودا الجوية في جزيرة كريت اليونانية». وتقوم هذه الطائرات بعمليات مراقبة إلكترونية لمئات الكيلومترات على طول ساحل سوريا، وفوق المياه الدولية للبحر الأبيض المتوسط، والكشف عن عمل صواريخ الدفاع الجوي.

تصريحات روسية «حادّة» في وجه واشنطن
برزت اليوم تصريحات روسية تميّزت بلهجة «حادة»، إزاء الدور الأميركي في سوريا. وفي هذا السياق، أعربت موسكو عن قلقها إزاء الوضع في شمال شرقي سوريا حيث تحاول الولايات المتحدة وحلفاؤها من التشكيلات الكردية إنشاء «شبه دولة». وقالت زاخاروفا إنَّ «واشنطن الموقعة على القوانين الدولية التي تحرّم استخدام ذخائر الفوسفور، لا يمكن أن تكون غير مدركة لعواقب استخدام مثل هذه الذخائر في سوريا». وأضافت: «للموضوعية، يجب الإشارة إلى أنَّ الولايات المتحدة لم توقع على البروتوكول الإضافي لاتفاقية جنيف لعام 1949 واتفاقية الأسلحة التقليدية الخاصة لعام 1980، التي أقرّت قذائف الفوسفور كسلاح للدمار الشامل ويحظر استخدامها، لكن ذلك لا يعني أن الجيش الأميركي غير مدرك للعواقب التي تجب مواجهتها والنتائج المترتبة على استخدام هذا النوع من الأسلحة في المناطق السكنية من سوريا».
وبخصوص اتفاق إدلب، قالت زاخاروفا، إنَّ بلادها «تأمل بأن تنفذ تركيا الاتفاقيات الروسية التركية حول إدلب السورية بالكامل». وأضافت: «نحن نعول على أنّ يصل شركاؤنا الأتراك إلى النهاية في جزئيتهم من العمل على المذكرة وأن ينفذوها بالكامل». كذلك، أشارت زاخاروفا إلى أنَّه ينبغي تسليم قافلة مساعدات إنسانية لقاطني «مخيم الركبان» الواقع في المنطقة التي تسيطر عليها القوات الأميركية وحلفاؤها من الفصائل المسلحة، قرب معبر التنف، «في أقرب وقت»، وقالت للصحافيين: «نعوّل على أن يتم تنفيذ هذه الفعالية الإنسانية في أقرب وقت».
في سياق متصل، اعتبر نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف، أنَّ فرض واشنطن عقوباتها على الدول المشاركة في إعادة إعمار سوريا، «مسار تخريبي». وقال إنَّ «جوهر السياسة الأميركية لا يزال هو نفسه، ويتمثل في إعاقة عمل الحكومة الشرعية في سوريا والدول التي تحارب فعلاً لا قولاً، التهديد الإرهابي في سوريا». وأضاف أنَّ «السياسة الأميركية تهدف إلى إعاقة عمل الدول الضامنة وجهود مفاوضات أستانا وسوتشي، والمسار الأميركي الأحادي والمتناقض والتخريبي يتجلى في هذا الجانب أيضاً». وتابع ريابكوف: «لقد اطلعنا على هذه الرسائل، وفي الواقع ليس من المتعارف عليه التعليق على ما تتناوله مصادر غير معروفة من أنباء، ولكن في هذه الحالة يمكن القول إن واشنطن تتجاهل الحاجة لضرورة المشاركة في تطبيع الوضع في سوريا، وخلق الظروف الملائمة لعودة اللاجئين، والانتعاش الاقتصادي، وإعادة إعمار البنية التحتية». وختم قائلاً: «جميع التصريحات حول اهتمام واشنطن بمستقبل زاهر لسوريا، ليست إلا تسويغات واهية».