انخفض سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار إلى مستوى قياسي، اليوم، إذ تجاوز عتبة 3000 ليرة للدولار الواحد، وسط ارتفاع كبير في أسعار السلع الاستهلاكية في الأسواق.وشهدت الأسواق التجارية في معظم المدن جموداً لافتاً في حركة البيع والشراء، مع انعدام قدرة شريحة واسعة من السوريين على تغطية هامش ارتفاع الأسعار، وهو ما دفع أصحاب بعض المحال التجارية إلى إغلاق أبوابها بشكل مؤقت.
وجاء انزلاق سعر الصرف قبل نحو عشرة أيام على دخول «قانون قيصر» الأميركي حيّز التنفيذ، والذي يرجّح أن يعزز الطوق الاقتصادي المفروض على سوريا، ويعمّق التأثيرات السلبية على معيشة السوريين.
ولم يخرج عن مصرف سوريا المركزي أي تعليق على التغيّر الأخير في سعر الصرف (أقفل في السوق الموازية عند حدود 3200)، مكتفياً بإصدار نشرته اليومية لشركات الصرافة، والتي تحدد سعر صرف الحوالات بالدولار الأميركي عند 700 ليرة لكل دولار.
وكان المركزي قد بدأ سلسلة إجراءات تحدّ من سهولة إرسال الحوالات بالعملات الأجنبية، خارج الشركات الرسمية المرخّصة، وسط أنباء غير مؤكدة عن توجّه لرفع قيمة صرف الحوالات الواردة عبر قنوات محددة من بعض الدول.

«حلولٌ» حكومية
في حديث أمام مجلس الشعب السوري، أمس الأحد، قال رئيس مجلس الوزراء السوري، عماد خميس، إن حكومته تعمل على صبط سعر الصرف من خلال «رفع سعر صرف الحوالات الخارجية، مع الحفاظ على احتياطي القطع الأجنبي وتشجيع الصادرات وترشيد الاستيراد ومنع التعامل بغير الليرة وفتح ملفات فساد كبيرة وتمويل السلع الأساسية».
وكانت لافتة إشارة خميس إلى أن «فتح ملفات الفساد» هو أحد الحلول التي تعتمدها الحكومة لتأمين السيولة اللازمة في هذه الفترة، ولا سيما في ضوء المعركة المفتوحة مع رجل الأعمال السوري رامي مخلوف، وتحديداً حول شركة «سيريتل».
وقال رئيس مجلس الوزراء لأعضاء المجلس إن «مسؤولية الجميع العمل (...) لتعزيز الاعتماد على الذات في ظل محدودية موارد النفط والسياحة والصناعة»، لافتاً إلى أن «إيقاف كل نشاطات الحياة اليومية جراء التصدي لكورونا أثّر سلباً في دول كثيرة وتعرّضت عملتها الوطنية لضغوط كبيرة».
وشرح خميس أن «سعر الصرف تأثّر أخيراً بفعل تشديد العقوبات الخارجية والأوضاع في بعض الدول المجاورة وزيادة استهلاك البلاد من المواد الأولية المستوردة الداخلة في الصناعة».
وأوضح أن تحقيق الاستقرار في سعر الصرف بين عامي 2017 و2020 كان يتطلب 20 مليار دولار، مضيفاً إنه «يتم التواصل مع الدول الصديقة لبحث خيارات تعزيز قيمة الليرة، وكذلك بذل كل الجهود الممكنة للحدّ من منعكسات سعر الصرف على معيشة المواطن واستمرار التنمية الاقتصادية وتعزيز الإنتاج المحلي بالتوازي مع ضبط الإنفاق وتوجيهه نحو الإنتاج».
وعن تسلّم محصول القمح من الفلاحين لهذا العام، والذي يتضمّن تحدّي المناطق الواقعة تحت سيطرة «قوات سوريا الديموقراطية»، قال خميس إن «تكلفة رفع سعر تسلّم محصول القمح باعتباره أساس الأمن الغذائي تبلغ 400 مليار ليرة سورية (...) كما يتم تأمين حاجة البلاد من القمح بقيمة 800 مليون دولار سنوياً».
أما عن قطاع النفط الذي تغيب معظم إيراداته عن دمشق حالياً، فأوضح رئيس المجلس أن «إيرادات القطاع بلغت 8 مليارات دولار قبل الحرب، واليوم يتم دفع 3 مليارات ونصف مليار دولار سنوياً ثمناً للفاتورة النفطية، في حين أنفقت وزارة النفط 600 مليون دولار لإعادة تشغيل منشآت الغاز اللازمة لإنتاج الكهرباء، حيث زاد إنتاج الغاز من 6 ملايين متر مكعب إلى 14 مليون متر مكعب يومياً».
وأشار إلى أن «وضع خطة استراتيجية ثابتة لعمل جميع القطاعات يتطلب استعادة كامل الأراضي وإعادة قطاع النفط في المنطقة الشرقية».