Strong>بعد أسبوع من خفض وكالة الطاقة الدوليّة توقّعاتها مجدّداً في شأن الطلب على النفط في عام 2009، حذّرت منظّمة «أوبك» من «تقلّص مدمّر» في استهلاك الوقود الأحفوري ومن أنّ السوق ستبقى رازحة تحت الضغوط خلال الأشهر القليلة المقبلة، ما قد يبشّر بخفض جديد في الإنتاج في اجتماعها المقبل، رغم استبعاد ذلك رسمياًشدّدت منظمة الدول المصدّرة للنفط، «أوبك»، في تقريرها الشهري الذي أصدرته أمس، على أنّ «الرقابة الحذرة ضروريّة» في تحديد الأنماط التي ستسير على أساسها سوق النفط في المدى القصير. فتلك السوق تبقى معرّضة لضغوط كثيرة بسبب «عدم اليقين المسيطر على الاقتصاد العالمي وتدهور الطلب وارتفاع العرض».
وتأتي هذه التحذيرات قبل اجتماع المنظّمة المقرّر في 28 من الشهر المقبل لتحديد ما إذا كان خفض جديد للإنتاج ضرورياً لـ«حماية» أسعار النفط، حتّى عند الحدود التي وصلت إليها بعد الانهيار الدراماتيكي الذي وصلت نسبته إلى 75 في المئة بين الصيف الماضي وبداية العام الجاري.
ورغم أنّ معظم بلدان المنظّمة الـ12 أضحت متسامحة مع سوق الـ50 دولاراً للبرميل، بسبب «صعوبة موجة الركود العالمي» وتراجع الطلب، إلّا أنّ ما أورده التقرير من تحذيرات قد يمهّد لجولة محادثات صعبة الشهر المقبل، وخصوصاً أنّ هناك أعضاء يطلبون بشراسة ضرورة خفض الإنتاج أكثر، بعدما أدّت «الضغوط الدوليّة» إلى إبقاء إنتاج المنظّمة، الذي يمثّل 40 في المئة من النفط المنتج عالمياً، ثابتاً خلال الاجتماع الأخير الذي عقد في فيينا.
ومن بين هؤلاء الأعضاء، إيران التي تعدّ ثاني أكبر منتج في المنظّمة بعد السعوديّة. فطهران لا تزال ترى أنّ سعر البرميل الأكثر ملاءمة يجب أن يكون بين 75 دولاراً و80 دولاراً.
وتقول المنظّمة في تقريرها إنّ «الطلب على النفط يعاني أكثر فأكثر من الركود العالمي»، وهذا دفعها إلى إعادة صياغة توقّعاتها السابقة في شأن الطلب بخفض يبلغ 430 ألف برميل يومياً، حيث ترجّح الآن أن ينخفض الاستهلاك بواقع 1.37 مليون برميل يومياً في العام الجاري، مقارنة بالعام السابق، أي بما نسبته 1.6 في المئة، ليبلغ معدّل الطلب اليومي خلال العام الجاري 84.18 مليون برميل.
ولفت التقرير إلى أنّ «الأسعار استمرّت بالثبات في بداية نيسان (الجاري) في الوقت الذي ظهرت فيه بعض بوادر التحسّن في الشعور الاقتصادي (لدى المستثمرين) بعد الجهود الذي بذلتها مجموعة الدول العشرين الكبرى لتحفيز النموّ العالمي» في قمّتها التي استضافتها لندن في 2 نيسان الجاري. وقال: «غير أنّه أخيراً، أظهرت بعض التقارير المتشائمة انخفاضاً أكبر في الطلب ومستويات أعلى من المخزون وكان لها تأثير سيّئ على الأسواق».
وخلال الفترة الأخيرة تحدّثت المنظّمة عن تراجع في الطلب بواقع 1.01 مليون برميل يومياً. أي إنّ الرقم الأخير الذي تطرحه يساوي 3 أضعاف التوقّع السابق. وهذا يشير إلى البيئة الصعبة التي تحدّد توازن العرض والطلب على الوقود الأحفوري في الأسواق العالميّة. وهو ما تخشى المنظّمة أن يؤدّي إلى زيادة الفائض في الإنتاج واستغلال الدول المستهلكة لهذا الواقع من أجل زيادة المخزونات.
وقد توصّلت المنظّمة إلى هذه النتيجة بعدما فشلت محاولاتها في الحدّ من تدهور سعر البرميل. فهي أقرّت منذ أيلول الماضي خفوضات وصل حجمها الإجمالي إلى 4.2 ملايين برميل يومياً، ليصبح إنتاجها اليومي 24.84 مليون برميل يومياً. وهو، بحسب وكالة «France Press»، أدنى مستوى مسجّل منذ الاجتياح الأميركي للعراق الذي أدّى إلى شلل إنتاج بلاد الرافدين.
وجاءت هذه التوقّعات الأخيرة للكارتيل النفطي بعدما نشرت وكالة الطاقة الدوليّة التي تعنى بالشؤون الطاقويّة للبلدان الصناعيّة، تقريرها الأخير الأسبوع الماضي. وقدّمت توقّعات جديدة في شأن الطلب اليومي أقلّ بمليون برميل يومياً ليصبح معدّل الطلب المتوقّع 83.4 مليون برميل يومياً في العام الجاري.
واللافت في تقرير الوكالة هو إشارته إلى أنّ إنتاج النفط من البلدان غير المنتمية إلى «أوبك»، وعلى رأسها روسيا، سينخفض بواقع 320 ألف برميل يومياً بعدما كان تقريرها السابق قد أفاد بأنّ ذلك الإنتاج سيبقى ثابتاً.
وتجدر الإشارة إلى أنّ سعر برميل النفط سار في مسار تصاعدي رفعه من 35 دولاراً في شباط الماضي إلى 50 دولاراً خلال الأسبوعين الماضيين. وفيما يعزى ذلك إلى بدء مفاعيل خفض الإنتاج التي أقرّتها «أوبك» منذ خريف العام الماضي، يبدو انّ المستثمرين (المتاجرين بعقود النفط الآجلة) ينتظرون بيانات أكثر تفصيلاً عن وضع الاقتصاد العالمي والأميركي تحديداً.
ولكن على الرغم من تراجع الناتج الصناعي في الولايات المتّحدة (الذي يعتمد أساساً على النفط لتأمين الطاقة) للشهر الخامس على التوالي، إلّا أنّ الأسعار بقيت عند 50 دولاراً، وهو ما يريح السعوديّة ورفاقها في النادي النفطي خلال العام الجاري بالحدّ الأدنى.
(الأخبار)


قلق أكبر

تحذّر «أوبك» من تراجع الطلب لسبب منطقيّ؛ فتراجع الأسعار يؤدّي إلى ارتفاع مخزونات البلدان المستهلكة. وبينها طبعاً المستهلك الأكبر عالمياً، الولايات المتّحدة. وبالفعل فقد أظهرت بيانات وزارة الطاقة، أمس، أنّ مخزونات النفط الخام الأميركية ارتفعت بدرجة أكبر بكثير مما كان متوقعاً الأسبوع الماضي، ما دفع المعروض إلى أعلى مستوياته بما يقرب من 19 عاماً، ووصل إلى 366.7 مليون برميل. وهذه الأرقام تدفع بطبيعة الحال إلى المضاربة على أسعار نزولاً، ما يؤدّي إلى إمكان ارتفاع هوامش طلب للتخزين أكثر، ويقلق المنظمة الدوليّة أكثر.