يحيى دبوقتراوحت مواقف المحللين والمعلّقين الإسرائيليين، أمس، في اليوم السابع للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، بين التحذير من قيام جيش الاحتلال بعملية برية داخل القطاع، والانتقاد اللافت الذي ارتفعت وتيرته لأداء المسؤولين الإسرائيليين.
وأشار الكاتبان في صحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل وآفي يسخروف، في مقالة مشتركة، إلى أنه « مرّ عامان ونصف العام على توقّف القتال مع حزب الله، وها نحن نقف في المكان نفسه. فأصحاب القرار في إسرائيل يقفون أمام معضلة استنزفتهم معظم أيام حرب لبنان الثانية: الدخول أو عدم الدخول» البري.
وبحسب الكاتبين «تبيّن هذا الأسبوع، مرة أخرى، أن العنصر الشخصي، وما سيقوله الإعلام عن المسؤولين في ختام الحرب، يؤديان دوراً مركزياً في سلوك أصحاب القرار، ويؤثران على القرارات نفسها». وأشارا إلى أن «السؤال المعضلة الواجب الإجابة عنه، هو: هل تكفي الضربة الجوية الثقيلة؟ أم أن «حماس» ستنهض من جديد من بين الحطام، وتعلن مثل حزب الله عام 2006 أنها نجحت في الصمود أمام الجيش الذي يدّعي أنه الأقوى في الشرق الأوسط؟».
وتساءل الكاتبان «هل سيقدم الجيش الإسرائيلي على إدخال قواته البرية إلى القطاع، الأمر الذي سيدفع حماس إلى المطالبة بتسوية لوقف إطلاق النار»، مشيرين إلى أن الانطباع هو أن «وجهة إسرائيل هي نحو خطوة برية، لأن القرار اتُخذ لاعتبارين أساسيين: انعدام نضج المبادرات السياسية، وإدراك أنه من دون حركة لسلاح المشاة على أرض غزة، يمكن للعرب أن يفكروا بأن الإسرائيليين يخافون المواجهة ويكتفون بإلقاء القنابل من وزن طن من ارتفاع 30 ألف قدم، وهذا ما يمكن أن يسبّب نتيجة محمّلة بالمصائب لإسرائيل، على غرار ما حصل في لبنان»، مستذكرين قول رئيس الأركان غابي أشكينازي، إنه «في حالة وقوع حرب أخرى، فإن الهدف هو حرب لا يضطر أحد إلى أن يسأل عمن انتصر فيها».
وفي السياق، كتب كبير محلّلي الشؤون السياسية في صحيفة «معاريف»، بن كسبيت، أنه «إذا أقدم الجيش الإسرائيلي على شن عملية برية في قطاع غزة، اليوم أو في الغد، يتعيّن عليه أن ينهيها حتى موعد أقصاه الاثنين المقبل، أي قبل انعقاد جلسة مجلس الأمن الدولي، ووصول الرئيس نيكولا ساركوزي إلى إسرائيل».
وفي إطار تشديده على أن «حماس» ليست حزب الله، وفي الإمكان الانتصار عليها، قال بن كسبيت إن «غزة ليست لبنان، ومن يعلن أنه لا يمكن وقف إطلاق صواريخ القسام، لا يعلم ما يقوله. إذ في الإمكان القيام بذلك، لكن هل إسرائيل مستعدة لدفع الثمن؟». وانتقد المزاج العام الإسرائيلي المتراجع عن «مبادئه»، مشيراً إلى أنه «منذ 60 عاماً يواصل الجنود السقوط من أجل الدفاع عن إسرائيل، لكن في الأعوام الأخيرة بدأ يتكوّن انطباع بأن المجتمع الإسرائيلي يفضّل أن تصاب الدولة بدل أن يصاب جنودها. يبدو أننا نخاف، هذه هي الحقيقة».
أمّا معلّقا الشؤون السياسية في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، ناحوم برنياع وشمعون شيفر، فوجدا أن «إسرائيل ستعود إلى غزة، لكن بتأخير وتردد كبير. وما بدأ السبت الماضي بغارات جوية، سوف ينتهي بعمل بري».
ونقل المعلّقان عن مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى قوله إن «هناك موقفين في إسرائيل حيال العملية البرية: موقف يرى أنه من دون عمل عسكري بري لن تنجح إسرائيل في حسم الحرب، وآخر يرى أنه إذا كانت حماس تتمنى العملية العسكرية البرية، فالأفضل أن تفكر الدولة العبرية مرتين قبل إقدامها على شن عملية كهذه».
وأشار الكاتبان إلى أن رئيس الحكومة الإسرائيلية «إيهود أولمرت يتعامل مع العملية العسكرية الحالية على أنها تصحيح خطأ. عملية ستبرر بأثر رجعي خطواته خلال حرب لبنان الثانية».
بدوره، رأى الكاتب في صحيفة «هآرتس» ألوف بن أن «السؤال المركزي حالياً هو: من سينكسر أولاً، حماس أم التأييد الشعبي الإسرائيلي للحرب على غزة؟». وقال «للوهلة الأولى، تصوّرنا أن لدى وزير الدفاع إيهود باراك الطريقة لتوجيه ضربة قوية وسريعة، لكن تبيّن أن الأمل باستبدال القيادة الأمنية التي فشلت في حرب لبنان، وبدهاء باراك العسكري وتسلّح الجيش بأحدث الأسلحة، لم يكن سوى وهم، فالرصاص المصهور علق في الحلق، والحرب في غزة تبدو شبيهة بالمواجهات التي جرت في لبنان».