بما أنّ القاهرة لم تعر همية لرفض «حماس» مبادرتها لوقف إطلاق النار، فإنّ وفداً من الحركة يصل اليوم إلى مصر لتسليم الرد الرسمي على المبادرة المصرية
القاهرة ــ الأخبار
تبدو الأوساط المصرية مقتنعة بأنّ حركة «حماس»، وبغضّ النظر عن الحملة الإعلامية التي يشنّها قادتها على مصر ومبادرتها لوقف المجازر في قطاع غزة، ستوافق في نهاية المطاف على المبادرة المصرية.
وكشفت مصادر مصرية مطلعة، لـ«الأخبار»، عن وصول رسائل إلى رئيس المكتب السياسي للحركة الإسلامية، خالد مشعل، مفادها أن أمامه خياراً واحداً لو رغب في وقف ما يجري في غزة: التعاون مع الجهود المصرية. وأشارت إلى أن رئيس جهاز الاستخبارات المصرية، اللواء عمر سليمان، خاطب مشعل في رسالة بعث له بها أخيراً، قائلاً: «ساعدونا حتى نستطيع مساعدتكم». وعن احتمال إجراء تعديلات على المبادرة المصرية، لكي تنال موافقة «حماس»، أوضحت المصادر نفسها أنّ المقاومة الفلسطينية «تتعرض لضغوط مصرية مكثفة للموافقة على المبادرة من دون إجراء تعديلات جوهرية عليها»، محذّرة من أنه في حال إصرار قادتها على الرفض، فإنها ستواجه «خطر تجميد مصر اتصالاتها معها». وأضافت «نحن ندرك أن خالد مشعل معنيّ بوقف نزف الدم في غزة والحفاظ على القوة العسكرية لحركته، ومصر ليست طرفاً في القتال، لكنها الطرف الأكثر مصلحة في وقفه على الفور بالنظر إلى ما يحمله من مخاطر على حدودها وأمنها القومي».
وذكّر المطّلعون على تفاصيل رسالة سليمان إلى مشعل، بأن «القاهرة لا تتعامل مع حماس كحكومة، ولا كدولة منفصلة عن السلطة الفلسطينية، بل كأحد الفصائل القوية أو الفاعلة لكن ليس بحجم الحكومة أو الدولة».
ومن المقرّر أن يصل إلى العاصمة المصرية اليوم وفد من قيادة «حماس» آتياً من دمشق، لتسليم سليمان الردّ الرسمي للحركة على المبادرة المصرية. وعن هذه الزيارة، قال نائب رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، موسى أبو مرزوق، إنّ الحركة ستطلب توضيحات لثلاث نقاط تتضمنها الخطة التي أعلنها الرئيس المصري حسني مبارك يوم الثلاثاء الماضي.
وتابع أبو مرزوق «هناك مراحل عليها أسئلة كثيرة، وفي كل مرحلة لا بد من توضيح»، موضحاً أن «حماس» لم تختر بعد ممثليها الذي يصلون اليوم إلى العاصمة المصرية. وفيما تكرّر القيادة المصرية تشديدها على أنّ البيان الذي أصدرته الفصائل الفلسطينية أول من أمس، والذي أعلنت بموجبه رفضها لتلك المبادرة، غير ملزم بالنسبة إليها، فإنّ مصادر «الأخبار» تترقّب «تدهوراً مرتقباً» في العلاقات المصرية ــ السورية من جهة، والمصرية ــ الإيرانية من جهة أخرى، بسبب انقسام الموقف بشأن غزة.
وفي السياق، جزم دبلوماسيون إسرائيليون وأوروبيون لوكالة «رويترز»، بأنّ القاهرة لا تزال غير مستعدّة لتقديم أي تنازل في بند استقدام قوات أجنبية إلى حدودها مع غزة، لمراقبة وقف إطلاق النار بين الدولة العبرية والحركة الإسلامية، وهو ما دفع بأحد الدبلوماسيين إلى القول إن «محادثات الهدنة لا تتحرك في الوقت الراهن، وهناك شعور متنامٍ بأن الخطة المصرية الفرنسية لن تنجح».
وبحسب الدبلوماسيين، فإن الجهود المصرية للتوسط لوقف إطلاق النار في غزة «دخلت في مشاكل بسبب خلافات مع إسرائيل على كيفية تأمين الحدود لمنع حماس من إعادة تسليح نفسها». وبدلاً من استقدام قوات أجنبية لضبط الحدود، فإنّ القاهرة أبلغت تل أبيب والاتحاد الأوروبي، استعدادها لتلقي المزيد من المساعدات التقنية الأوروبية لمساعدة قواتها على التصدي لتهريب السلاح عبر الأنفاق الحدودية.