في سياق تصريحات مكثفة أدلى بها خلال اليومين الماضيين، أعلن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد أن فرض حظر نفطي على مؤيدي إسرائيل بسبب هجومها على غزة «اقتراح جيد»، مطالباً الملك السعودي عبد الله بالخروج عن صمته تجاه ما يحدث في القطاع
طهران ــ محمد شمص
بعث الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد برسالة إلى الملك السعودي عبد الله، مطالباً إياه بالخروج عن صمته وإعلان موقف واضح وسريع من الجرائم الفاضحة التي ترتكب ضد الإنسانية بحق الأطفال والنساء في غزة.
ولفت نجاد، في مؤتمر صحافي عقده أمس في طهران، إلى رسالته هذه التي نشرت على موقعه الإلكتروني، والتي قال فيها «لسوء الحظ بعض الدول الإقليمية والإسلامية والعربية.. مهما كان السبب.. وبابتسامة رضى.. تدعم أو تتسامح مع هذه الإبادة النادرة في صمت». وحث الملك السعودي على «إنهاء صمته وإعلان رأيه» في هذه الأزمة.
ودعا نجاد جامعة الدول العربية إلى التحرك «الآن» إزاء الهجوم الإسرائيلي على غزة عبر الطلب من الدول العربية قطع علاقاتها الاقتصادية بإسرائيل. وقال إن «قطع العلاقات الاقتصادية مع الصهاينة من جانب دول المنطقة الإسلامية والعربية هو أقل ما تتوقعه شعوب هذه الدول». وأضاف أن «رجال الأعمال والأثرياء يجب أن يقطعوا علاقاتهم الاقتصادية مع هذا الكيان» الإسرائيلي.
وتابع الرئيس الإيراني، في رسالته، أنهم «يتوقعون أن ينكسر وجود هذا الشعب الأعزل ويستسلم لقمع المحتل». لكن «بعون الله وبمساعدة مقاومة شعب غزة والإيمان بالله سيفشل يقيناً النظام الصهيوني وسينهار في نهاية المطاف».
من جهة ثانية، قال نجاد «لا ينبغي أن نسمح للصهاينة بإيجاد الفرقة والاختلافات بين شعوب المنطقة ودولها، وعليه فإن معركتنا جميعاً ينبغي أن تكون ضد أميركا وإسرائيل»، مؤكداً أن «إسرائيل التي ظنّت أنها اختارت غزة الحلقة الأضعف في جبهة قوى المقاومة في المنطقة وأنها بحربها على غزة تريد الثأر لهزيمتها في لبنان، ستخرج مهزومة». وأضاف «إن سياسة الأرض المحروقة لن تنفعهم، وقد بدد صمود شعب غزة ومقاومتها هذا الحلم الإسرائيلي وهو المنتصر حتى الآن».
ودعا نجاد الجنود الإسرائيليين إلى التمرد على أوامر قياداتهم ووقف قتل الأطفال والنساء. وخاطب فلسطينيي الـ48 بالقول «عليكم بنصرة أهل غزة عبر التظاهر ومواصلة الاحتجاج».
وعن القمة العربية الطارئة التي دعا إليها أمير قطر، أعلن نجاد أنه يتابعها لكي تعقد، فيما أفادت مصادر باحتمال مشاركته فيها بصفة مراقب.
ودافع الرئيس الإيراني عن حركة «حماس»، منتقداً «تلك الدول والأطراف العربية التي تُحمّلها مسؤولية العدوان الإسرائيلي». وأضاف أن هذه الاتهامات لا يصدقها حتى الأطفال، متسائلاً «هل يريدون من الفلسطينيين أن يتركوا أرضهم ويتخلّوا عنها؟».
ورداً على سؤال عما إذا كان يدعم دعوة قيادي إيراني في وقت سابق من الشهر الجاري لفرض حظر نفطي على مؤيدي إسرائيل، أجاب نجاد «أعتقد أنه اقتراح جيد إذا تعاونت الدول العربية. لا يمكن أن تقدم الدول النفط ليحوّل إلى رصاصة أو صاروخ أو قنبلة على رؤوس أهل غزة»، موضحاً أن «هذا ليس على جدول الأعمال بعد».
وفي مناسبة اقتراب تسلم الرئيس الأميركي الجديد باراك أوباما مهماته في البيت الأبيض، علّق نجاد بالقول «على الإدارة الأميركية الجديدة أن تغير موقف واشنطن من الجمهورية الإسلامية التي تخوض مواجهة مع الإدارة الأميركية الحالية بشأن برنامجها النووي». وأضاف «أي إدارة في أميركا تتسلم السلطة يجب على الأقل أن تحدث تغيّرين في سلوكها، الأول يختص بمجال التدخل الأميركي... دائرة التدخل يجب أن تقتصر على ما هو داخل الحدود الأميركية. والتغيير الثاني هو توجه الحكومة الأميركية إزاء إيران، معتقداً أنه إذا كان هناك تغييرات حقيقية وجوهرية ستكون (أميركا) موضع ترحيب من جانب الأمم».
وفي السياق نفسه، كشف رئيس مجلس الشورى الإيراني، علي لاريجاني، عن أن «الحل ووقف إطلاق النار في غزة أصبح قريباً ما لم يعبث البعض ويثير الفتنة»، في إشارة إلى مصر والسعودية. وأشاد «بدور منظمة المؤتمر الإسلامي، لا سيما في اجتماعها الطارئ الذي عقد في اسطنبول وبالتجاوب السريع لبعض هذه الدول والتزامها بقرارات الاجتماع حتى قبل انتهائه، واستجابت لطلبه بحل لجان الصداقة بينها وبين إسرائيل». وأضاف لاريجاني أن «بعض الدول التي توصف بالمعتدلة بدأت تتغيّر وتتخلّى عن مواقفها السابقة بشأن غزة، حيث شعرت بأن الظروف التي تمر بها فلسطين والمنطقة تتطلب منها اتخاذ مواقف أكثر دقة وجديّة، وقد لمسنا هذا التغيير في اجتماع اسطنبول».