اجتمع مجلس الأمن الدولي، أمس، على خلفية العدوان الصهيوني، المدعوم أميركياً وبريطانياً، على قطاع غزة، وأصدر بياناً، غير ملزم، دعا فيه إلى وقف إطلاق نار من دون أن يُدين إسرائيل أو حتى يُسمّيها، فيما توالت دعوات استنكار وإدانة من مختلف العواصم لـ«حريق غزة» لـ«الاستخدام المفرط للقوة». وقدمت المجموعة العربية في مجلس الأمن مشروع قرار ليبياً يدعو إلى أربع نقاط تتلخص بوقف العدوان على غزة، وإدانة إسرائيل المعتدية، وفتح المعابر بصورة دائمة، وتقديم المساعدات الإنسانية للسكان. وطلبت، عبر المندوب الليبي في المجلس جاد الله الطلحي، عقد جلسة مفتوحة تنتهي بالتصويت على قرار أو بيان.إلا أن الإسرائيليين وقفوا ضدّ أي مشروع قرار أو بيان رئاسي بدعم من الأميركيين الذين أرادوا أن يحصروا المسألة في إطار القضية الإنسانية. وبعد مشاورات مغلقة، اقترحت روسيا بياناً رئاسياً يُلغي إدانة إسرائيل، ويدعو إلى وقف النشاطات العسكرية من الطرفين وفتح المعابر بصورة دائمة. الأميركيون رفضوا ذلك أيضاً، وطالبوا بإصدار إدانة لـ«حماس» ونقل المساعدات والسماح بنقل الجرحى من دون فتح المعابر.
وأمام إصرار المجموعات العربية والأوروبية وكتلة عدم الانحياز فضلاً عن روسيا والصين، رضخت الولايات المتحدة وقبلت بأن يقرأ رئيس المجلس، مندوب كرواتيا نيفين يوريتسا، بياناً صحافياً غير ملزم لا يذكر إسرائيل بالاسم، أو عدد الضحايا.
ويقول البيان إن «مجلس الأمن .. يدعو إلى الوقف الفوري لأعمال العنف، ويدعو الأطراف إلى وقف فوري لكل العمليات العسكرية». ويضيف «كما يدعو أعضاء المجلس الأطراف كافة إلى معالجة الاحتياجات الإنسانية الخطيرة في غزة. وفتح المعابر الحدودية لضمان انتقال المساعدات الإنسانية».
وفي نيويورك أيضاً، أصدر رئيس الجمعية العامة ميغيل ديسكوتو بروكمان بياناً طالب من خلاله بتقديم حماية الأمم المتحدة للشعب الفلسطيني، وشنّ هجوماً على «العدوان الغاشم من دولة قوية للغاية على أراض تحتلها خارج نطاق الشرعية». وقال «لقد آن الأوان، في حال عدم اتخاذ الأمم المتحدة قراراً صارماً، أن توصم بأنها متواطئة حكماً». وفي السياق، ذكرت صحيفة «صندي تايمز» أن لندن وواشنطن رفضتا مطالبة إسرائيل بوقف الغارات الجوية بما يخالف مواقف حلفائهما الأوروبيين. وقالت إن «البيت الأبيض حمّل حماس مسؤولية الغارات الإسرائيلية»، فيما دعت بريطانيا الفصائل الفلسطينية إلى التوقف عن إطلاق الصواريخ على إسرائيل. ودعا رئيس الحكومة البريطانية غوردن براون إلى «التوقف فوراً عن شن الهجمات الصاروخية على إسرائيل لكونها تسبّب دماراً عشوائياً وتقوّض آفاق محادثات السلام التي يقودها الرئيس الفلسطيني محمود عباس».
وأشارت الصحيفة إلى أن الرد البريطاني ـــــ الأميركي يتناقض تناقضاً صارخاً مع مطالب الاتحاد الأوروبي بوقف فوري لإطلاق النار، وانتقاد فرنسا التي ترأس حالياً الاتحاد «الاستخدام المفرط للقوة من قبل إسرائيل».
وفي الشارع البريطاني، تظاهر المئات في محيط السفارة الإسرائيلية في لندن، رافعين الأعلام الفلسطينية، وهاتفين: «إسرائيل دولة إرهابية». وسبّبت التظاهرة وقف حركة السير في منطقة كينسنغتون، وسط العاصمة، حيث السفارة. وحطّم المتظاهرون الحواجز وانتشرت شرطة مكافحة الشغب لإعادة النظام، واعتقلت ثلاثة أشخاص. ووردت أنباء عن اقتحام المتظاهرين لمحيط السفارة، إلا أنه تبيّن أنها غير صحيحة.
في هذا الوقت، توالت دعوات وقف إطلاق النار، وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف «يجب وقف العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة فوراً»، مشدداً على «ضرورة إعادة إرساء تهدئة».
بدورها، وصفت تركيا العدوان بـ«الجريمة ضدّ الإنسانية». وقال رئيس حكومتها رجب طيب أردوغان إنّ الهجمات «قلة احترام» تجاه تركيا التي تتوسط بين إسرائيل وسوريا في مفاوضات السلام.
وفي الشارع، تظاهر المئات أمام السفارة الإسرائيلية في أنقرة، وحرقوا نجمة داوود من الخشب ودعوا حكومتهم إلى تعليق العلاقات مع إسرائيل.
مواقف الإدانة ودعوات وقف إطلاق النار واستنكار «استخدام القوة المفرط وبشكل غير متوازن»، صدرت أيضاً من فنزويلا والبرازيل والأرجنتين وتشيلي.
ودانت الجماعة الإسلامية في باكستان «صمت الأمم المتحدة والمسلمين»، واحتشد الآلاف في كراتشي بدعوة من أمير الجماعة قاضي حسين أحمد.
(أ ف ب، يو بي آي)