Strong>البوارج الإسرائيلية تقصي سفينة التضامن بالضربة الثالثةبقيت سفينة الكرامة التي كانت محمّلة بالمساعدات الطبية والإنسانية لغزة تقاوم حتى الضربة الثالثة. بعدها، قال القبطان البريطاني للناشطة الايرلندية منسقة الرحلة إلى هناك إن ضربة رابعة من البوارج الإسرائيلية سوف تغرق السفينة. عندها فقط، قفل 12 ناشطاً من بلدان عربية وأوروبية وأميركية عائدين إلى لبنان، إلى صور، إلى شاطئ المقاومة الذي كان يعدّ لها استقبالاً حافلاً

صور ـ آمال خليل
لم يكن صباح صور أمس عادياً. فمنذ شيوع خبر وصول سفينة الكرامة إلى ميناء المدينة شُغل مجلس بلديتها وفعالياتها وسكانها وصيّادوها بالتحضير لاستقبالها. رصيف المرفأ التجاري شهد للمرة الأولى تقاطراً لحشود إعلامية ورسمية وشعبية زاحمت السيارات والآليات المستوردة، وانتظرت أكثر من أربع ساعات حتى يحمل الأفق السفينة التي اعتدت عليها البوارج الإسرائيلية في المياه الدولية قبالة فلسطين المحتلة. الكل بانتظار أشخاص يجهلونهم وظنوهم بادئ الأمر ناشطين أجانب تحدوا العدوان وقرّروا كسره بالإبحار إلى غزة فيما لا يزال مصير رحلة سفينة التضامن اللبنانية التي كانت مقررة في الثالث من كانون الثاني المقبل لكسر الحصار مجهولاً. ولدى ورود نبأ دخول السفينة إلى المياه الإقليمية، أبحرت خافرة تابعة لسلاح البحرية في الجيش اللبناني لاستقبالها عند الحدود البحرية اللبنانية قبالة الناقورة، إضافةً إلى اثنَي عشر زورق صيد تنادى إلى متنها مجموعة من الصيادين والشبان والشخصيات الذين أبحروا بطريقة عفوية لملاقاة «الكرامة» ومواكبتها إلى ميناء صور.
بعد الانتظار الطويل، يكشف الأفق زورقاً سياحياً أبيض يرفع علم فلسطين. الزورق مهشم جزئياً في جانبه الأيسر وفي مؤخّرته، ويحمل ستة عشر ناشطاً هم عناصر حركة «غزة الحرة»، الذين تجمعوا في قبرص من اليونان والولايات المتحدة الأميركية وإيرلندا والعراق وتونس وقبرص، إضافةً إلى فريق إعلامي من قناة الجزيرة رافقهم لتغطية الرحلة، على رأسه الزميل الأسير المحرّر من غوانتانامو سامي الحاج.
ما هي إلا دقائق حتى أحاطت الحشود بالزورق الذي غطّي سريعاً بأعلام بعض الأحزاب اللبنانية والفلسطينية وبلافتة صفراء كتب عليها «أهلاً بسفينة الكرامة إلى حيث المقاومة». الناس والإعلاميون والرسميون وفي مقدمتهم النواب علي خريس وعبد المجيد صالح وحسن فضل الله غصّ بهم رصيف المرفأ، ما أخّر لساعتين نزول الناشطين من الزورق، ونيل تصاريح دخول من الأمن العام إلى الأراضي اللبنانية، فيما امتلأت أجندتهم سريعاً بالمقابلات الإعلامية والمؤتمرات الصحافية وحفلات التكريم، التي بدأها رئيس بلدية صور عبد المحسن الحسيني بحفل غداء على شرفهم أقامه في صور.
وفي حديث «للأخبار» قالت الناشطة الإيرلندية كويفا باترلي منسقة أنشطة حركة غزة الحرة والرحلة خصوصاً: «انطلقنا من ميناء لارنكا عند الثامنة من ليل الاثنين باتجاه ميناء غزة في رحلة جرى تنسيقها مسبّقاً مع وزارة الصحة في الحكومة المقالة، وحملنا معنا حوالى أربعة أطنان ونصف طنّ من الأدوية التي طلبتها الوزارة. وكان من بيننا أربعة أطباء واختصاصيان نفسيان. وقبيل الساعة الخامسة من فجر الثلاثاء رأينا حوالى أربع بوارج حربية إسرائيلية تتقدم باتجاهنا في المياه الدولية وبدأت بمحاصرتنا موجّهة الأضواء باتجاهنا، في الوقت الذي حلّق فيه الطيران الحربي فوقنا. ما اضطر ربان السفينة البريطاني إلى التوقف، وخصوصاً بعد توقف الرادار عن العمل بسبب التشويش الإسرائيلي. ومن دون إنذار قامت بعد ربع ساعة بارجة بضرب المركب مرتين. وخلال تنفيذ الضربة الثالثة بدأ الجنود الإسرائيليون عبر مكبرات الصوت بأمرنا بالعودة إلى لارنكا والتهديد بإغراق المركب الذي يقوم حسب ما قالوا، بعمل إرهابي». وأوضحت باترلي أنهم اضطروا إلى اتخاذ قرار العودة «بعد تسرب المياه إلى داخل المركب بسبب الضربات ومحاصرة البوارج له وتأكيد الربان لخطر غرق السفينة إذا تعرضت لضربة رابعة». وتقول باترلي «اقترحت عليهم حينها العودة إلى لبنان لأن المركب المهشم لا يقوى على الإبحار لمسافة طويلة، والوقود المتوافر لا يكفي، إضافةً إلى أن الحكومة اللبنانية سترحب بدخولنا». وتولت الناشطة التي أقامت لفترات طويلة في الضاحية الجنوبية وفي قرى الجنوب بعد العدوان التنسيقَ مع بعض الجهات لترتيب دخولهم إلى أقرب ميناء لناحية فلسطين المحتلة.
ماذا عن الزورق والخطوة المقبلة؟. لم تتخذ المجموعة قراراً بشأن الزورق الذي تملكه الحركة، الذي لا يزال راسياً في مرفأ صور بحراسة الأجهزة الأمنية اللبنانية «بانتظار ترتيب أمورنا وتحديد خطواتنا المقبلة التي تتقدمها محاولة جديدة للإبحار إلى غزة في الأسبوعين المقبلين عبر مركب آخر إن استدعت الحاجة وعبر ميناء رفح أو العريش إذا لم نتمكن من الوصول إلى ميناء غزة» يقول نيكولاس، وهو أحد أعضاء الحركة وطبيب يوناني.
وكانت مديرية التوجيه قد أعلنت في بيان لها وصول المركب إلى صور «بمؤازرة دورية من القوات البحرية في الجيش اللبناني، وكان قد تعرض لأضرار جسيمة من جراء صدمه بطريقة متعمّدة من جانب زورق حربي إسرائيلي معاد. وقد قدّمت المعونة إلى عناصر المركب على أن يصار إلى إصلاحه لاحقاً».