إجراءان متصلان اليوم اتخذتهما السلطات الفرنسية كردٍّ على اعتداء مفترض ضدّ حركةٍ معارضة إيرانية قرب باريس في حزيران/يونيو الماضي، لتزيد من توتر العلاقات بين البلدين، خصوصاً أن إيران نفت إطلاقاً علاقتها بالهجوم الذي صنّفته باريس أنه «إرهابي»، فيما خرج مصدر دبلوماسي فرنسي اليوم ليتّهم الاستخبارات الإيرانية بالتخطيط للهجوم. يمكن تلخيص الحدث، وفق الأسئلة الآتية:
ما هي الإجراءات التي اتخذتها فرنسا بحقّ إيرانيين اليوم؟
بدأت الإجراءات بتجميد السلطات المالية في البلاد أصول رجلين إيرانيين لمدة ستة أشهر، تقول فرنسا إنهما متهمان بالوقوف وراء خطة أحبطت في نهاية حزيران/يونيو للاعتداء على تجمع لـ«حركة مجاهدي خلق» الإيرانية المعارضة قرب باريس. جمّدت أيضاً أصول إدارة الأمن في وزارة الأمن والاستخبارات الإيرانية، وفق مرسوم نشر في الجريدة الرسمية.
تزامناً، جمّدت باريس أموال «مركز الزهراء في فرنسا»، كما دهمت مقرّه في بلدة غراند سانت شمال فرنسا، كما ذكر مصدر قريب من الملف لوكالة «فرانس برس»، وصنّفت باريس العملية بأنها في إطار «مكافحة الإرهاب».
وإثر العملية التي قام بها حوالى مئتي شرطي في مقر المركز ومنازل أبرز مسؤوليه، أوقف أحد عشر شخصاً، أبقي ثلاثة منهم محتجزين قيد التحقيق، وتمّت مصادرة أسلحة ومواد أخرى. وذكر مصدر ثانٍ قريب من التحقيق أن «بعض الأفراد الذين فتشت منازلهم يمتلكون أسلحة بطريقة قانونية».

من هما الرجلان المتهمان؟
أسد الله أسدي المولود في 22 كانون الأول/ديسمبر 1971 في إيران، وهو الدبلوماسي الذي كان معتمداً في فيينا وأوقف في ألمانيا للاشتباه في تورطه في قضية التخطيط المفترض لاعتداء فيلبنت. وسمح القضاء الألماني أمس بتسليمه إلى القضاء البلجيكي.
الرجل الثاني هو سعيد هاشمي مقدم، مسؤول استخبارات إيراني، تتهمه فرنسا بأنه أمر بشن الهجوم الذي تم إحباطه، وفق ما ذكر مصدر دبلوماسي فرنسي اليوم، قال إن وزارة الاستخبارات الإيرانية أمرت بالتخطيط للاعتداء.

ما هو مركز الزهراء وفق ما تقول فرنسا؟
يضم «مركز الزهراء» عدة جمعيات، بينها «الحزب ضد الصهيونية» و«الاتحاد الشيعي لفرنسا» و«فرنسا ماريان تيلي»، وكلّها جمدت أموالها لستة أشهر أيضاً اعتباراً من اليوم الثلاثاء، بحسب النص نفسه. وتشتبه السلطات الفرنسية في أن هذه الجمعيات «تشرعن الإرهاب» و«تمجّد حركات متهمة بالإرهاب»، إذ قالت شرطة باريس إن العملية التي بدأت عند الساعة السادسة «تندرج في إطار التصدي للإرهاب». وأضافت أن نشاطات المركز «تجري متابعتها بدقّة بسبب تأييد قادته الواضح لمنظمات إرهابية عديدة وحركات تروّج أفكاراً مخالفة لقيم الجمهورية».

كيف ردّت إيران؟
نفت إيران الاتهامات التي وجّهتها فرنسا إلى الدبلوماسي الإيراني بالتورط في خطة لتنفيذ اعتداء بواسطة تفجير كان يستهدف تجمعاً لحركة مجاهدي خلق الإرهابية. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية، بهرام قاسمي، في بيان صحافي: «ننفي مجدداً وبشدة هذه الاتهامات وندين اعتقال الدبلوماسي الإيراني ونطالب بإطلاق سراحه فوراً». صدر بيان الخارجية الإيرانية قبل قليل من اتهام مصدر دبلوماسي فرنسي إدارة العمليات في وزارة الاستخبارات بأنها أمرت» بالتخطيط للاعتداء. واعتبر البيان الإيراني قضية فيلبنت «مؤامرة تتطابق مع أهداف النظام الأميركي والنظام الصهيوني لتخريب العلاقات الآخذة في التحسن بين إيران وأوروبا». في الختام، دعا البيان «السلطات الفرنسية إلى التحلي بالواقعية حيال إيران ونحذر مرة أخرى من أيدي الأعداء الذين يسعون إلى تخريب العلاقات الطويلة الأمد بين إيران وفرنسا ودول أوروبية مهمة أخرى».

كيف بررت فرنسا العملية بشكل رسمي؟
تصرّ فرنسا على اتهام إيران بالتخطيط لاعتداء فيلبنت في فرنسا. أما وزراء الخارجية والداخلية والمالية الفرنسيون فقد قالوا في بيان مشترك إنه «تم إحباط محاولة اعتداء في فيلبنت في 30 حزيران/يونيو الماضي. هذا العمل البالغ الخطورة على أرضنا لا يمكن أن يبقى بلا رد». أضاف البيان الرسمي: «بعيداً عن التأثير على نتائج الإجراءات الجنائية المتخذة ضد المحرضين والمنفذين والمتورطين في مشروع الاعتداء هذا، اتخذت فرنسا تدابير وقائية هادفة ومتوازنة على شكل تبني تدابير وطنية بتجميد أصول الإيرانيين السيد أسد الله أسدي والسيد سعيد هاشمي مقدم وكذلك إدارة الأمن الداخلي في وزارة الاستخبارات الإيرانية».

ما هو الأثر الدبلوماسي للقضية؟
فيما اعتبرت إيران القضية محاولة لتخريب العلاقات بين إيران وفرنسا، إلّا أن القضية أثّرت سلباً على العلاقات الفرنسية الإيرانية. وذكرت تقارير صحافية فرنسية أن قرار باريس عدم تعيين سفير في طهران، منذ أشهر، على صلة مباشرة بها.
وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان إن «الاعتداء الذي أحبط في فيلبنت يؤكد الحاجة إلى نهج متشدد في علاقاتنا مع إيران». سجلت هذه العلاقات تدهوراً منذ ذلك الحين، في إطار زاد من تعقيده الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي مع إيران، والذي ترغب فرنسا والدول الأخرى الموقّعة في الإبقاء عليه. كان مصدر في الرئاسة الفرنسية قد قال في أيلول/سبتمبر إن فرنسا «بصدد العمل» مع إيران «لتوضيح كل ما جرى بشأن فيلبنت»، وذلك قبل أن يلتقي الرئيس إيمانويل ماكرون نظيره الايراني حسن روحاني في نيويورك على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة حيث تطرقا إلى هذا الملف.