سجلت إسرائيل رقماً جديداً لمصابي فيروس «كورونا» المستجد بلغ نحو عشرة آلاف حالة أمس، كما كشف نائب وزير الصحة، يوآف كيش، في مقابلة مع موقع «واينت» الذي أوضح أنه وفقاً للمعطيات «9.2٪ من أصل 92709 فحوص تبيّنت إصابتهم بكورونا». تأتي هذه الأرقام في وقت يرقد فيه داخل المستشفيات الإسرائيلية حالياً 1113 مريضاً بحال الخطر، و308 منهم جرى توصيلهم أمس بأجهزة التنفس الاصطناعي، قبل أن تُسجل 21 حالة وفاة. وبلغ العدد الإجمالي لحالات الوفاة 4142 منذ بدء تفشي الفيروس قبل عام، واللافت أن 798 وفاة سُجّلت منذ بداية الشهر الجاري فقط، أي ما معدله 42 حالة يومياً. وفي حال استمرار الوتيرة الحالية، سيُسجل 1300 وفاة نهاية الشهر.على صعيد اللقاحات، قال وزير الصحة، يولي أدلشتاين، إنها تخطت حاجز 200 ألف جرعة تطعيم يومياً، وإنها «الوتيرة المطلوبة لتحقيق اختراق»، مضيفاً إن 550 ألف إسرائيلي تلقوا الجرعة الثانية من اللقاح مقابل 227 ألفاً تلقوا الجرعة الأولى. مع ذلك، قررت الحكومة تمديد الإغلاق الثالث عشرة أيام إضافية حتى نهاية الشهر بكل ما يتضمنه من إجراءات مشددة كان يُفترض أن تتوقف أمس. كما تقرر إلزام المسافرين بإظهار فحص سلبي قبل 72 ساعة من السفر. وصحيح أن الإصابات من إجمالي عدد الفحوصات انخفضت بنسبة 1.05، لكن لا مؤشرات على تحسّن المعطيات مع اقتراب الحالات اليومية من حاجز عشرة آلاف، وشكوى المستشفيات من ازدحام الغرف وانشغال الأسرّة لديها.
وسط هذا المشهد الذي لا يحمل انفراجة قريبة، يتابع الحريديم (المتدينون اليهود من طائفة الحسيديم) رفضهم الانصياع لتعليمات الإغلاق. فبينما يستمر الطلبة الإسرائيليون في الدراسة عن بُعد، قرر آلاف الطلاب الحريديم أمس الدراسة في المعاهد والمدراس الدينية بحضورهم شخصياً. وقد شوهد آلاف الطلاب والطالبات في طريقهم إلى المدارس في «بني براك»، كبرى مستعمرات الحريديم في فلسطين المحتلة. والتقطت كاميرات الإعلام صور الفتيات الحريديات أثناء وصولهن إلى الورشات التدريبية في «الجناح الأوروشلمي» كأنه لا يوجد إغلاق. ورداً على سؤال وجّهه «واينت» إلى إحدى الأمهات التي رافقت ابنتها إلى المدرسة الدينية، ردت بالقول: «ننفذ أوامر الحاخامات. عندنا لا نطرح الأسئلة. ما يقوله الكبار ينفذه الصغار، وهذا ما نفعله»، قبل أن يتدخل أحد المُدرسين موجهاً كلامه إلى المراسل: «فليُمحَ ذكرك وتحترق بنار جهنم أيها الكافر!» كحال «بني براك»، كانت الأحياء الحريدية في القدس المحتلة حيث أصيب شرطي بحجر في رأسه ألقاه الحريديم تجاه دورية توجهت إلى حي «عزرات توراه» في أعقاب تلقّيها بلاغات عن مخالفات للإغلاق. في بيان الشرطة، جرى تفريق عرس حريدي شارك فيه أمس العشرات ممن كانوا في قلب قاعة مغلقة، بعد يوم واحد من اقتحام عناصر الوحدات الخاصة للشرطة «المدرسة الدينية داراغ» في «بني براك»، حيث أقام 300 حريدي عرساً لأحفاد «الأدموريم» (الزعماء الروحيين للطائفة الحسيدية)، وجلسوا هناك بشكل متراص، فيما التقطت عدسة الكاميرا عدداً منهم وهم لا يضعون الكمامات. ومنذ تفشي الجائحة، يستمر حسيديو غور في مخالفة تعليمات الإغلاق متجاهلين القرارات الحكوميّة، وظلوا يرتادون الكُنس والمعاهد الدينية ويقيمون الصلوات والأعراس والمآتم.
يتابع الحريديم المتديّنون رفضهم الانصياع لتعليمات الإغلاق


في المقابل، ادعت معطيات نشرتها «شعبة العمليات» في شرطة الاحتلال أخيراً أن عدد المخالفات بين فلسطينيّي الـ 48 ثلاثة أضعاف المخالفات التي حررتها في المجتمع الحريدي، مضيفة: «منذ بداية الإغلاق المشدد، حُرر 26 مخالفة لكل عشرة آلاف نسمة في المجتمع الحريدي، و59 لكل عشرة آلاف لدى اليهود غير الحريديم، و80 لكل عشرة آلاف في المجتمع العربي». أمّا السبب، فعزاه رئيس الشعبة، أمنون إلكلعي، إلى «طبيعة المخالفات»، مدعياً أن الشرطة تركّز في المجتمع الحريدي على «تفريق التجمهرات»، في حين أن «المخالفة الأكثر انتشاراً في العربي هي عدم وضع كمامات»، وبين اليهود غير الحريديم «الابتعاد عن البيت لأكثر من كيلومتر».
المثير في الأمر أنه كانت هناك حالات عدة لم تمنع فيها الشرطة إقامة الأعراس، ومع ذلك ادعى إلكلعي أنه «ليس صحيحاً أن شرطته لا تطبق القانون في الأحياء الحريدية»، وهي تصريحات تناقض ما قاله المسؤول عن مكافحة «كورونا» في المجتمع الحريدي في وزارة الصحة، روني نوما، وفيه أن «التعليمات في جهاز التعليم الحريدي لا تُطبق بسبب اعتبارات سياسية»، وأن امتناع هذا الجهاز عن الانصياع للتعليمات من أسباب انتشار الفيروس. وذكر نوما أن «جميع المدن الحريدية حمراء»، والسبب «قوة الأحزاب الحريدية، وكون إسرائيل حالياً على عتبات انتخابات كنيست جديدة»، في إشارة إلى أن هذه «القوة السياسية» تُستخدم للمساومة في المعركة الانتخابية، مقابل «تطنيش» الشرطة المخالفات الحريدية.
أمام هذه المعطيات، تحدثت مصادر في «الصحة» عن عدد كبير من الحريديم توجّهوا إلى الوزارة، مطالبين بتطبيق القانون بشأن مكافحة «كورونا». وفي تقرير نشرته صحيفة «يديعوت أحرونوت»، وُصفت هذه المطالبات بالتدخل بأنها «طوفان من التّوَجهات»، مشيرة إلى أن أشخاصاً من الحريديم يخشون رفض الانصياع لحاخاماتهم لأن ذلك سيُحسب «وشاية أو معارضة لقراراتهم»، ما سيترتّب عليه «أثر سلبي في هؤلاء، سواء داخل المجتمع الحريدي أو عائلاتهم». كما لفت التقرير إلى تشجيع الحاخامات الحريديم والقيادة السياسية لهم على «خرق التعليمات»، وهو ما دفع «كثيرين من الحريديم إلى التوجه إلى السلطات».