عانت متاجر بيع الهواتف الذكية والكمبيوترات في الأحياء «الحريدية» كثيراً في الأشهر الأخيرة
على أنّ التدقيق في النسبة المذكورة، والتي تظلّ منخفضة مقارنةً بنظيرتها لدى اليهود غير المتديّنين (93 بالمائة)، يُظهر مؤشّرات مختلفة. إذ إن «الحريديم» يميلون إلى الاتصال عبر الكمبيوتر المنزلي (42 بالمائة)، وليس عبر الهاتف المحمول (30 بالمائة). وحتّى عندما تكون لديهم إمكانية الوصول إلى الإنترنت بكلتا الطريقتَين، فإن معظمهم يفضّل الاتصال من جهاز كمبيوتر (62 بالمائة)، الأمر الذي يَثبت نقيضه تماماً لدى غير «الحريديم». كذلك، يَستخدم السواد الأعظم من «الحريديم» الشبكة العنكبوتيّة لأغراض غير معلوماتيّة أو اجتماعيّة، أي أنها غير متّصلة بالاستحصال على المعلومات والانفتاح على العالم الخارجي، بل من أجل الاطّلاع على بريد إلكتروني، أو للخدمات المصرفية الرقمية، أو خدمات الوزارات الحكومية، فيما الاستحصال على بيانات لا يشكّل أولوية بالنسبة إلى الشرائح غير «الحريدية». مع هذا، فإن ما لا يقلّ عن نصف المتديّنين يستخدمون الشبكات الاجتماعية، ولكن بأسلوب مغاير لما يعتمده الباقون، علماً أن 46 بالمائة منهم يستخدمون «الواتسآب» في مجموعات مغلَقة على «الحريديم» وقضاياهم الخاصة. أمّا الفئة العمرية ما دون 18 عاماً، فلا يتجاوز مستخدِمو الإنترنت منها 13 بالمائة، فيما يتجاوز نظراؤهم من غير «الحريديم»، 75 بالمائة.
بناءً على تلك المعطيات، يقسّم الدكتور غلعاد ملاخ، وهو أحد معدّي تقرير المعهد، «الحريديم» إلى ثلاث مجموعات: الثلث المحافظ الذي ما زال بعيداً عن الإنترنت بالمطلق، والثلث الذي يستخدم الإنترنت بشكل محدّد ومحصور بالأعمّ الأغلب بالبريد الإلكتروني فقط، والثلث الأخير الذي يتصرّف بشكل يكاد يكون مماثلاً لغيره من الإسرائيليّين. يعني ذلك أن الخلاصة التي بدأ بها المعهد تقريره، تعود لتتراجع لصالح تقدير بأن «الحريديم» ما زالوا بعيدين جدّاً عن «الخروج من الإسطبل»، وإن كانت ظاهرة امتلاكهم هواتف تثير القلق لدى قادتهم، وتُعدّ مؤشّراً يَجدر بالمراقبين متابعته لفهْم تحوّلات شريحة كبيرة ووازنة من الإسرائيليّين، تُعدّ جزءاً من المجتمع الإسرائيلي من دون أن تكون متماهية معه. والجدير ذكره، أخيراً، أن عدد «الحريديم» في إسرائيل بلغ حوالى 1.226.000، مقارنة بحوالى 750.000 عام 2009، وهي زيادة ملحوظة بلغت 13 بالمائة بعد أن كانت 10 بالمئة عام 2009، أي ثُمن مَن يسكن إسرائيل، علماً أن المرأة هي المعيل الأساسي للعائلة «الحريدية»، كونها تَعمل وتكسب المال مقابل تفرّغ الرجل لدراسة التوراة، في عائلة يصل معدّل عدد أفرادها إلى عشرة.