يكثّف المعسكر الأميركي - الغربي نشْر التقارير والمعلومات حول الدور الإيراني في الحرب
وفي وقت يكثّف فيه المعسكر الأميركي - الغربي نشْر التقارير والمعلومات حول الدور الإيراني في الحرب، سواء في ما يتّصل بالمسيّرات أو بوجود مفترَض لمدرّبين إيرانيين في قاعدة عسكرية روسية في شبه جزيرة القرم، تتسارع المساعي في أروقة مجلس الأمن الدولي لفرْض مزيد من العقوبات على طهران، التي قال مسؤولون أميركيون، قبل مدّة، إن الوقت الراهن ليس مناسباً لاستئناف المفاوضات التي كانت نشطة معها، في سبيل إعادة إحياء الاتفاق النووي. وتَعتبر الولايات المتحدة والدول الغربية أن مبيعات المسيّرات الإيرانية إلى روسيا، تُمثّل انتهاكاً للقرار 2231، الصادر عام 2015 كضامن لـ«خطّة العمل المشتركة الشاملة». وبموجب هذا القرار، لم يكن يحقّ لإيران تصدير الأسلحة التقليدية حتى عام 2020. لكن بعد الانسحاب الأحادي لإدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، من الاتفاق النووي عام 2018، وبدء سياسة «الضغوط القصوى»، أعلنت الجمهورية الإسلامية، عام 2020، استناداً إلى القرار المذكور، أن فترة حظر صادرات أسلحتها قد انتهت، فيما لم يوافق مجلس الأمن الدولي على طلب الإدارة الأميركية آنذاك تمديد القيود على مبيعات السلاح الإيراني. لكنّ الدبلوماسيين الغربيين يُحاججون بأنه على الرغم من انتهاء فترة الحظر، فإن الأخير لا يزال ينسحب على المنظومات الصاروخية المتطوّرة حتى تشرين الأول 2023 على أقلّ تقدير. وفي ظلّ إعطاء تفسير موسّع لذلك النص، يذهب هؤلاء الدبلوماسيون إلى أن القيود على مبيعات السلاح الإيراني تشمل التكنولوجيات المتطوّرة، بما فيها تكنولوجيا الطائرات المسيّرة أيضاً، وهو التفسير الذي ترفضه إيران.
وتُعدّ طائرة «شاهد 136» بلا طيار، إحدّى أهمّ المسيّرات الإيرانية التي يُقال إن روسيا تَستخدمها في المعارك في أوكرانيا. وهي مسيّرة انتحارية تزن 200 كلغ، ويصل مداها إلى 2000 كيلومتر، وتبلغ سرعتها 185 كيلومتراً في الساعة، وتملك قدرة فائقة على التهرّب من الرادار. وكان اللواء يحيى رحيم صفوي، المستشار الأعلى للمرشد الإيراني، قال إن 22 دولة تقدّمت بطلب لشراء مسيّرات من بلاده. ويبدي الطرف الغربي تخوّفاً كبيراً من احتمال أن يؤدّي استخدام روسيا «الدرونز» الإيرانية، إلى إعادة تفوّق موسكو العسكري على الأرض، ولا سيّما أن نتيجة هذه الحرب يمكن أن ترسم ملامح نظام جديد على الصعيد الدولي. ونقلت صحيفة «واشنطن بوست»، قبل يومين، عن مسؤولين أمنيين أميركيين وحلفائهم قولهم إن إيران تتحضّر لإرسال المزيد من الأسلحة إلى روسيا. وبحسب هذا التقرير، فقد اتّفق البَلدان، بصورة «سرّية»، على أن تُرسل طهران، فضلاً عن المسيّرات العسكرية، أسلحة أخرى إلى موسكو، بما فيها صواريخ «أرض-أرض».
ويأتي التوتّر الإيراني - الغربي، على خلفيّة قضيّة المسيّرات الإيرانية، في وقت تسبّبت فيه الاضطرابات الأخيرة في إيران، بمزيد من التدهور في علاقات طهران مع الغرب، وتحوّلت إلى سبب لفرض عقوبات جديدة على الجمهورية الإسلامية. لكن خلافاً لِما يريده الغربيون، يرى المراقبون أن تكثيف تلك الضغوطات، سواء بسبب الموضوعات النووية أو الصاروخية أو المسيّرات أو «حقوق الإنسان»، سيدفع إيران إلى تعميق علاقاتها مع روسيا والصين، وتعزيز سياسة التحوّل شرقاً، ولا سيّما أن ثمّة قناعة لدى المسؤولين الإيرانيين بأن المخاض الحالي الذي يشهده العالم سيؤدّي إلى مزيد من التراجع في قوّة الولايات المتحدة وهيمنتها، وسيجعل لمُنافسي واشنطن يداً عليا في «النظام العالمي الجديد».