وفي إشارة إلى التهديد الوجودي الذي خلقته ممارسات الغرب «الاستعماري» بالنسبة إلى روسيا، أكد رئيس الكرملين، مرة جديدة، أنّ الدول الغربية لا تريد تقويض تنمية «روسيا الاتحادية» فحسب، بل تحويلها إلى «مساحة تابعة ومحتضرة وزائلة، تكون قادرة على فعل ما يحلو لها فيها»، مشيراً إلى أنّ الغرب يريد تكرار السيناريو نفسه الذي وقع في أوكرانيا ودول أخرى حول العالم، داخل روسيا، أي «جلب الفتنة إلى داخل منزلنا، وإضعافنا من الداخل»، إلا أنّهم « أساؤوا التقدير». ودعم بوتين موقفه هذا بجملة من المعطيات الداخلية، ولا سيما في ما يخص الاقتصاد الروسي، إذ أثنى على «مرونة» الأخير في مواجهة الحملة الغربية الشرسة ضدّه، قائلاً: «اقتصادنا أصبح أكثر تنوعاً وتطوراً وثباتاً. أصبحت روسيا اليوم من أكبر اقتصادات العالم؛ هي الاقتصاد الأول في أوروبا والخامس في العالم». كما تحدث عن جملة من الخطط والمشاريع الاقتصادية والاجتماعية، من ضمنها مشروع «حياة طويلة ونشطة»، الذي يهدف إلى رفع متوسط العمر في بلاده من 73 عاماً إلى 78 عاماً بحلول سنة 2030، وإلى أكثر من 80 عاماً مستقبلاً.
نفى بوتين مزاعم نية روسيا «نشر أسلحة نووية في الفضاء»
الأسلحة «ودعم» العملية الخاصة
أيضاً، تطرق بوتين إلى الأسلحة المستخدمة في الحرب مع أوكرانيا، وتلك التي سيتم الكشف عنها مستقبلاً، مشيراً إلى أنّ صواريخ «كينجال» و«تسيركون» تستخدم بشكل فعال ضدّ أهداف في إطار «العملية العسكرية الخاصة»، فيما جرى، أخيراً، اختبار صواريخ « بوريفيستنيك»، والغواصات المسيّرة «بوسيدون» التي تتمتع بـ«خصائص مميزة»، بحسب الرئيس الروسي. ولم يكتفِ بوتين بالتأكيد أنّ العمل على أسلحة جديدة مستمر، وأنه سيتم إخراجها، مع مهندسيها، إلى العلن قريباً، بل ذهب أبعد من ذلك ليؤكد أنّ القوات النووية الاستراتيجية الروسية «في حالة استعداد تام»، وأنّ على موسكو مواجهة «محاولات الدول الغربية لجرها إلى سباق تسلح - في تكرار للحيلة التي نجحت في ثمانينيات القرن الماضي مع الاتحاد السوفياتي – من خلال تخصيص الموارد بشكل عقلاني قدر الإمكان، وبناء اقتصاد فعال للقوات المسلحة». وخصص الرئيس الروسي مساحة واسعة من خطابه للإشادة بـ«الدعم» الذي أظهره المواطنون ورجال الأعمال الروس للعملية العسكرية الخاصة، «ووحدتهم» على اختلاف دياناتهم وطوائفهم دعماً للجيش الروسي، رغم حجم «التضحيات التي بُذلت حتى الآن»، لافتاً إلى أنّ «أوساط العمل قدمت مليارات الروبلات عبر المنظمات التطوعية، من أجل تحقيق النصر المشترك».
الأسلحة النووية الفضائية
وفي وقت بدأت فيه بعض وسائل الإعلام الغربية الحديث عن نية روسيا «نشر أسلحة نووية في الفضاء»، بعد الرسالة التي بعث بها مايك تيرنر، النائب الجمهوري ورئيس لجنة الاستخبارات في «النواب الأميركية»، إلى زملائه في الكونغرس، ويتحدث فيها عن «معلومات متعلقة بخطر يحيط بالأمن القومي الأميركي»، نفى بوتين هذه المزاعم، معتبراً أنّها محض حيلة أخرى «لجرّ روسيا إلى مواجهة مع الولايات المتحدة التي تعرقل بنفسها المقترحات الخاصة بنشر الأسلحة النووية في الفضاء، والتي وضعناها في 2008، من دون أن نتلقى أيّ ردّ عليها»، وللسماح لواشنطن بفرض «شروط تعود بالفائدة عليها وحدها».