وكانت السفارة الأميركية في موسكو، وأجهزة اسخبارات غربية، حذّرت روسيا من احتمال تعرّض موقع عام في العاصمة الروسية لهجوم يشنّه «داعش - خراسان»، فيما ادّعت صحف غربية أن السلطات الروسية تجاهلت تلك التحذيرات. لكنّ مراقبين اعتبروا أن ما تقدّم، قد يكون أوضح إشارة إلى عزم الولايات المتحدة على إعادة تفعيل التنظيمات الجهادية الإسلامية لتحقيق أهدافها الاستراتيجية في جوار روسيا، وعلى البرّ الأوروبي. وجاء تصريح قائد القيادة المركزية الأميركية، الجنرال مايكل كوريلا، أمام الكونغرس ليعزّز الشكوك المشار إليها، إذ أبلغ النواب بأن «خطر هجمات قادمة من أفغانستان آخذ في الازدياد»، ونبّههم إلى أن «داعش بنسخته الخراسانية يحتفظ بالقدرة والإرادة لمهاجمة المصالح الغربية - بما فيها تلك الأميركية - في أقل من ستة أشهر».
أقدمت فرنسا وإيطاليا على رفع درجة التأهب الأمني خشية وقوع هجمات إرهابية
وكما كان متوقّعاً، سارع الأوروبيون إلى التناغم مع تلك التصريحات؛ فإلى مواقف الرئيس الفرنسي ووزيرة الداخلية الألمانية، أقدمت إيطاليا بدورها على رفع درجة التأهب الأمني بعد اجتماع عقده مجلس الأمن القومي للجمهورية استباقاً لاحتفالات الأسبوع المقدّس قبل أعياد الفصح. ونبّهت وزارة الداخلية مواطنيها إلى زيادة تواجد القوات الأمنية في الشوارع والأماكن العامة والتجمعات الدينية، لافتةً إلى أنها قد تنفّذ أعمال تفتيش ومراقبة، ولا سيما بالقرب من المواقع الحسّاسة. وتكرّر الأمر في صربيا، حيث قال الرئيس ألكسندر فوسيتش إن القوى الأمنية ورجال شرطة يرتدون ملابس مدنية سيراقبون الملاعب الرياضية ومراكز التسوّق في العاصمة بلغراد.
ويقول خبراء في شؤون الجماعات الجهادية، إن تنظيم «الدولة الإسلامية في ولاية خراسان» يتبع ذات الأيديولوجيا المتطرّفة التي أطلقها فرع التنظيم في سوريا والعراق. ويميل بعض الخبراء إلى ربط التنظيمَين - كما فرعهما في الصحراء الأفريقيّة أيضاً - بسياسة اتّبعها الأميركيون منذ سبعينيات القرن الماضي وتقضي بتوظيف الإسلاميين المتطرّفين ضدّ الأنظمة المعادية للولايات المتحدة، لإثارة القلاقل وتخويف الجمهور في الغرب ليتقبّل تقليصاً في هوامش التعبير السياسي المعارض للنخب الحاكمة. وتدّعي السلطات الأميركية أنها تعادي تنظيم «داعش - ولاية خراسان» الذي ظهر إلى العلن لأول مرّة في عام 2015، ويسعى إلى إقامة دولة إسلامية في قلب آسيا، فيما أعلنت عن مكافأة قدْرها 10 ملايين دولار للحصول على معلومات تؤدّي إلى القبض على زعيم التنظيم، صنع الله غفاري، (29 عاماً) المشهور بلقب «شهاب المهاجر»، والذي يُعتقد أنه يتمركز في المناطق الحدودية بين أفغانستان وباكستان.
وينشط التنظيم بشكل رئيسي في أفغانستان، حيث نفّذ عشرات الهجمات بعد انسحاب الأميركيين من هذا البلد، بما في ذلك تفجير انتحاري في مطار العاصمة كابول في عام 2021 أسفر عن مقتل 175 شخصاً على الأقل. كما استهدف الأقلية الشيعية بعدّة هجمات، واغتال عدداً من مسؤولي «طالبان». وفي عام 2022، نفّذ اعتداءً على السفارة الروسية، لكنّ حركة «طالبان»، التي تولّت مقاليد الأمور في كابول بعد خروج القوات الأميركية في عام 2021، نجحت إلى حد كبير في الحدّ من هجمات التنظيم، ما جعله أكثر اعتماداً على الشبكات السرّية في دول وسط آسيا، والمؤيدين في دول الغرب، كما بقاياه في الأجزاء المحتلة من شمال سوريا.