لم تيأس القوات الموالية لـ«التحالف» من إمكانية السيطرة على منطقة كيلو 16 الواقعة شرقي مدينة الحديدة، على رغم الخسائر التي تتكبّدها يومياً منذ استؤنفت «الغزوة» إثر فشل انعقاد مشاورات جنيف، وارتدادها في كل مرة إلى الصحراء. ومع تمكّن قوات الجيش اليمني واللجان الشعبية من صدّ الهجمات المتكررة على المناطق التي تمرّ عبرها خطوط الإمداد من صنعاء إلى الحديدة، بادرت تلك القوات إلى إعادة تسخين الجبهات في المديريات الواقعة جنوبي المحافظة، حيث تمكنت من استعادة مواقع مهمة من أيدي الميليشيات المدعومة إماراتياً.وأفادت مصادر مطلعة، «الأخبار»، بأن القوات الموالية لـ«التحالف» عاودت، فجر أمس، محاولتها التقدم نحو «كيلو 16»، لكن من الجهة الغربية التي تفصلها مساحة أكبر من تلك التي تفصل الجهة الجنوبية الشرقية (التي انطلق منها هجوم أول من أمس) عن المنطقة المذكورة. وأوضحت المصادر أن مواجهات بمختلف أنواع الأسلحة الثقيلة اندلعت بين المهاجِمين والجيش واللجان من دون أن تسفر عن أي تقدم للميليشيات. ولفتت إلى أن الهجوم ترافق مع غارات جوية عنيفة لطيران «التحالف»، استُخدمت في إحداها قنبلة ارتجاجية أثارت الهلع في أوساط السكان. في المقابل، لم تفارِق إفادات المصادر العسكرية التابعة لـ«التحالف» الحديث عن استعدادات متواصلة لـ«تأمين الطريق الرابط بين صنعاء والحديدة، وقطع خطوط الإمداد، وملاحقة فلول الميليشيات الفارّة نحو المراوعة».
ترافق الهجوم المتجدد على «كيلو 16» مع غارات عنيفة لـ«التحالف»


هذه الاستعدادات تقابلها تعزيزات متواصلة للجيش واللجان، في ظل معلومات عن اعتزام القوات المشتركة إحداث تبدل جذري في المعادلة الميدانية، من شأنه أن ينتزع من الميليشيات المدعومة إماراتياً القدرة على مهاجمة طرق الإمداد، بحسب ما تؤكده المصادر المطلعة نفسها. وعلى خط موازٍ، يعمل الجيش واللجان على محاولة إلهاء المهاجِمين عبر إشغالهم بالجبهات الواقعة جنوبي محافظة الحديدة، ومن ذلك تنفيذهما أمس هجوماً «نوعياً» لسبع ساعات متواصلة على مواقع القوات الموالية لـ«التحالف» شمالي مدينة حيس وشرقيها وجنوبيها، تمكّنا على إثره من استعادة مواقع عديدة، بعدما لاذ المتمركزون فيها بالفرار، «وسقط العشرات منهم بين قتيل وجريح». وفي مديرية الدريهمي جنوب مدينة الحديدة، أفيد عن «مصرع وإصابة عدد من الغزاة والمرتزقة بتدمير ثلاث ناقلات جند عسكرية تقلّهم في منطقة غليفقة»، بحسب ما نقلت وكالة «سبأ» الرسمية التابعة لحكومة الإنقاذ عن مصدر عسكري، توازياً مع إعلان قيام سلاح الجو المسير بـ«استهداف تجمعات الغزاة والمرتزقة شمالي الخوخة بطائرة قاصف 1».
على المستوى السياسي، وفي وقت توجّه فيه مندوب المنظمة الدولية إلى اليمن، مارتن غريفيث، إلى الرياض، للقاء حكومة الرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، بعد إعلانه «تحقيق تقدم في ما يتعلق بسبل استئناف المشاورات»، كثّفت الدبلوماسية الأوروبية والأممية نشاطها في صنعاء سعياً لوقف التصعيد في الحديدة وإعادة إطلاق قطار المشاورات. وفي هذا الإطار، التقت سفيرة الاتحاد الأوروبي لدى اليمن، أنتونيا كالفو، رئيس الوفد الوطني المفاوض، الناطق باسم حركة «أنصار الله» محمد عبد السلام، وبحثت معه «تعثّر رحلة الوفد الوطني، والحلول الإنسانية والسياسية، وما يرتكبه العدوان من مجازر همجية ووحشية، إضافة إلى القيود الاقتصادية الجائرة التي تستهدف حياة كل المواطنين بلا استثناء»، بحسب ما أعلن عبد السلام.
كذلك، اجتمع رئيس لجنة الإنقاذ الدولية ديفيد ميليباند، ومنسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن ليز غراندي، برئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط. وفيما أشار ميلباند، خلال المباحثات، إلى أنه التقى عدداً من أبناء الحديدة وصيّاديها واستمع إلى شرح حول معاناتهم، واعداً بأنه سينقل ما سمعه وشاهده إلى المجتمع الدولي، حذرت غراند مجدداً من الأوضاع الراهنة في الحديدة، التي كانت منظمة «أنقذوا الأطفال» قد نبهت إلى أنها ستزيد عدد الأطفال المهددين بالمجاعة إلى 5 ملايين طفل. ودعا برنامج الغذاء العالمي، من جهته، في أعقاب استهداف مستودع له في الحديدة، إلى إبقاء «مستودعات البرنامج وشاحناته ومرافقه ومستودعاته وموظفيه بعيداً عن النزاع» (كان البرنامج قد امتنع عن تحميل «التحالف» المسؤولية عن استهداف أحد مخازنه، وهو ما أثار استهجان سلطات صنعاء). دعوات ومواقف وتحركات يفترض أن تشكّل تياراً ضاغطاً على التحالف الإماراتي - السعودي، إلا أنه في ظلّ تعنت الرياض وأبو ظبي، والغطاء الأميركي الممنوح لهما، تظلّ هذه المحاولات في إطار تقطيع الوقت ليس إلّا.