حالة تخبّط واضحة يعيشها حلفاء الإمارات في جنوب اليمن، تدفعهم إلى العشوائية في اتخاذ المواقف والقرارات، في وقت يرتفع أكثر فأكثر الصوت الرافض لوجود «التحالف» في المحافظات الجنوبية والشرقية، والداعي إلى رحيله منها. دعوة تجدّدت، أمس، عشية الذكرى الـ55 لـ«ثورة 14 أكتوبر»، في حين سُجّل تراجع إضافي في موقف «المجلس الانتقالي الجنوبي» المحسوب على أبو ظبي، والذي أعلن إلغاء الفعالية التي كان ينوي تنظيمها للمناسبة. وعلى رغم أن «المجلس الثوري الأعلى»، الموالي للزعيم الجنوبي حسن باعوم، أعلن، أمس، عدم مشاركته في أي من الفعاليات التي دُعي إليها؛ كونها «لا تعبر عن الإرادة الشعبية الجنوبية، وتحاول حرف مسار الغضب الشعبي المُوجّه ضد التحالف»، إلا أنه حثّ «كل من سيحضر تلك الفعاليات على تذكير مُنظّميها بالهدف السامي» الذي يلخّصه شعار «لا تحالف بعد اليوم». وكان الفصيل «الحراكي» المقرّب من الرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، دعا إلى التظاهر في ساحة العروض بمديرية خورمكسر يوم الأحد المقبل. وهو ما لم يتراجع عنه، فيما بدا لافتاً إصدار اللجنة التحضيرية التابعة لذلك الفصيل بياناً دعت فيه المشاركين إلى عدم رفع أي أعلام غير علم دولة الجنوب السابقة، أو صور عائدة لملوك أو زعماء.
في المقابل، أعلن «المجلس الانتقالي»، أمس، «عدم تنظيم فعالية مركزية في الرابع عشر من أكتوبر»، رابطاً ذلك بـ«الأوضاع المعيشية والإنسانية الصعبة التي يشهدها الجنوب ويعانيها أبناؤه في كل المحافظات». وهو ما بدا غير مفهوم بالنسبة إلى كثير من النشطاء الذين سخروا من بيان «الانتقالي»، مستغربين استفاقته فجأة إلى الأوضاع المعيشية التي لا تزال الاحتجاجات على تدهورها مستمرة منذ أسابيع. وإذ أقرّت هيئة الرئاسة في «المجلس» «تسخير أي إمكانيات متوافرة لإقامة الفعالية لدعم أنشطة المجلس الإغاثية والإنسانية»، دعت «جماهير شعب الجنوب في المحافظات إلى تلقي التوجيهات من القيادات المحلية للمجلس الانتقالي في المحافظات».
وتراوحت التفسيرات لبيان «الانتقالي» ما بين احتمالين: أولهما أن تكون الإمارات قد أوعزت إليه بالتراجع عن تنظيم فعاليته، درءاً لأي توتر مع القوى المحسوبة على «الشرعية»، وذلك بموجب تفاهم مع السعودية. وثانيهما: أن يكون «المجلس» قد استشعر فشلاً محتملاً في إقامة الفعالية، يُضاف إلى إخفاقه في حشد تأييد شعبي لدعوته الأخيرة إلى السيطرة على المرافق الإيرادية في المحافظات الجنوبية والشرقية. وأياً يكن السبب الكامن خلف قرار «الانتقالي»، فإن المؤكد أن ثمة تراجعاً كبيراً في شعبيته، التي ذهبت لمصلحة القوى والشخصيات المناهِضة لـ«التحالف»، والمطالِبة بخروجه من الجنوب. وعلى رأس تلك الشخصيات وكيل محافظة المهرة السابق علي سالم الحريزي، والشيخ أحمد بن مساعد أحد أبرز الشخصيات الاجتماعية في محافظة شبوة، الذي أصدر أمس بياناً جدّد فيه انتقاداته لسياسات «التحالف» وحكومة هادي، مخاطِباً إياهما بالقول: «ما دمتم تدّعون أنكم حررتم هذه المحافظات... فذلك يعني أن تأتوا إليها للعمل فيها، من خلال توحيد سلطات الدولة وتوابعها أولاً، وثانياً العمل على إعادة الإعمار وإنشاء المشاريع الخدمية العامة، وثالثاً القيام بفتح الموانئ والمطارات وتشجيع الاستثمارات في كل المجالات».