حملت الجولة الأخيرة من الوساطة العُمانية مؤشّرات فارقة عن كلّ ما سبقها في سياق السعي إلى تثبيت الهدنة السارية في اليمن؛ إذ تخلّلتها رسائل شديدة اللهجة تولّى قائد «حركة أنصار الله» بنفسه إيصالها إلى المعنيّين، كما تَرافقت مع وضْع القِوى العسكرية المعنيّة في إطار الجهوزية الكاملة، مع تعمّد إشهار بعض التحرّكات في سياق تلك الجهوزية. وإذا أضيفت إلى ما تَقدّم زيارات مهدي المشاط إلى جبهات القتال، والحشود الشعبية المنتظَر خروجها اليوم تحت شعار «الحصار حرب»، تكون صنعاء قد أكملت قوس الرسائل التي تحمل عنواناً واحداً: إمّا إيجاد حلّ حقيقي وجدّي للملفّات الإنسانية، وإمّا عودة إلى الحرب، لن تكون هذه المرّة وفقاً للقواعد السابقة. بحسب المعلومات الآتية من صنعاء، فإن الرياض تبدي بالفعل مرونة كبيرة خلال المفاوضات، وهي لا تتطلّع إلى أكثر من ضمانات أمنية مستقبلية بعدم المساس بها بعدما أيقنت بأن «حُلم» جعْل اليمن تحت وصايتها بات من الماضي. وإذ لم تمانع «أنصار الله»، وفقاً للمصادر، مناقشة الضمانات المطلوبة بما يسهّل على السعودية اتّخاذ قرار الخروج من اليمن، فإن العصا الرئيسة الآن العالقة في عجلة الهدنة، إنّما هي أميركية بالأساس، في ظلّ تطلّع إدارة جو بايدن إلى إبقاء «الستاتيكو» الحالي قائماً، وهو ما سيكون على محمد بن سلمان إيجاد علاج له