«جهاد الخازن يُسلي كثيراً يفيد قليلاً»غازي القصيبي

جهاد الخازن في مقالته «معارضة ساقطة في البحرين» قدّم حفلة شتم، لم يوفر فيها كلمة من كلمات الشتم: قيادات المعارضة البحرينية خائنة، لديها حقد دفين، كذبها أعلى من جبال هملايا، غررت بجمهورها، دجالون، خائنون، حاقدون معارضة ساقطة.
لا يمكن لأي صحافي مبتدئ أن يقبل مهنياً أن يكتب مقالة صحافية من 600 كلمة، تحوي كل هذه العبارات الشاتمة المليئة بالقدح والنيل الشخصي.

ليست المعارضة البحرينية وحدها المستهدفة بشكل شخصي من قبل جهاد الخازن، بل المعارضات كلّها التي تقف ضد أي سلطة تدرّ مالاً، فهو يعمل بنظام الوكالات التجارية، هو صحافي وكيل والدليل على ذلك، أنّ مقالاته عادة تكون مدبجة بعبارات المعرفة الشخصية، من نحو: «الملكة رانيا أعرفها في الأردن»، «أعرف الرئيس السابق جيداً [حسني مبارك]، أعرفه كما لا يعرفه الذين اتهموه بالفساد»، «لي دائماً علاقة طيبة مع الشيخ حمد بن خليفة... دافعت دائماً عن الشيخة موزا المسند، فأنا أعرفها كما لا يعرفها المنتقدون». «أعرف في البحرين الأصدقاء، الأمير الراحل الشيخ عيسى بن سلمان، الملك وولي عهده ورئيس الوزراء والشيخ خالد بن أحمد بن محمد، وزير
الخارجية».
المعرفة الشخصية عند الخازن لا تنتج معرفة من النوع الذي ينتجها الصحافيون المهنيون بشكل دراسات وتقارير وكتب تتحول إلى مراجع علمية، بل هي معرفة شخصية تنتج مزيداً من الخزائن، وتوظف هذه المعرفة في حملات العلاقات العامة. هي معرفة تسلي من يكتب عنهم ولا تفيد، تماماً كما وصفه غازي القصيبي بتأدب «جهاد الخازن يُسلي كثيراً يفيد قليلاً».
استخدم هذه المعرفة مثلاً في دفاعه عن الملك الأردني، استخدمها بشكل سوقي جعل أحد الكتاب الأردنيين يكتب: «لم أكن لأحفظ من المفردات السوقية ما يؤهلني لأن أتساوق مع مفردات الخازن حين قرر أن ينشر مقالة أهان فيها كل الأردنيين».
كانت حلفة الشتائم ضد البيان الذي وجّهته شخصيات أردنية إلى الملك عبدالله (لا خيار إلا بالتداول الديموقراطي للسلطة وإطلاق الحريات العامة والإصلاح السياسي الحقيقي)، وكان رد جهاد الخازن عليها: «إنني أرفض أن يزج اسم السيدة سوزان مبارك في الموضوع، فهي أشرف من الموقّعين أفراداً أو مجموعة».
حين يفقد الصحافي المسؤولية ومراقبة ضميره، يستسهل إطلاق الأحكام. الصحافي المسؤول يقلل الأحكام ويكثر من الأدلة، والصحافي المدفوع يكثر من أحكام القدح وعبارات الشتم وينسى الأدلة.
ملك البحرين في 17 إبريل/ نيسان 2014 يقول: «الحوار مستمر... ونحترم قيادات المجتمع والشيخ عيسى قاسم»، وجهاد الخازن يقول: «القيادات خائنة، وهي أحقد ما تكون في قيادة الوفاق حيث إن آية الله علي سلمان ومرشده عيسى قاسم يسعيان إلى إقامة نظام ولاية الفقيه في البحرين وتجويع أنصار الوفاق المغرر بهم».
يقول أيضاً: «أعرف البحرين منذ أيام المراهقة، من دون انقطاع... أنا لست صحافياً سائحاً يراه معارضون ويقولون إنهم يريدون ديموقراطيّة ويصدقهم».
ونقول له، نعرف أنك لست صحافياً سائحاً، فأنت صحافي مستثمر في البحرين، والدليل على ذلك أن زياراتك غير المنقطعة عن البحرين لم تنتج غير هذه المقالات الشتائمية، في حين أن الصحافي المهني ينتج عن البلدان التي يزورها تحقيقات صحافية، وكتب تحليلية ودراسات رصينة، وليس لك من ذلك شيء. هنا نستحضر كتب ودراسات الصحافيين الذين واكبوا حوادث البحرين جستين غينغلر ومارك أوين جونز وتوبي
ماتيسن.
يقول إنّه يحترم مهنية الصحافي كرستوفر، لكنّه لا يقرأ ما كتبه عن مواكبته حوادث البحرين لحظة بلحظة 2011 حتى أنه حلق شعر رأسه في دوار اللؤلؤة. لقد خاطب الملك: «أيها الملك حمد... لقد أظهرت قمعاً للحركة الديمقراطية في محاولتك استعادة النظام... في فبراير وأثناء إقامتي في البحرين فتحت قواتك النار على المتظاهرين من دون سابق إنذار فيما كانوا يرددون «سلمية ... سلمية».
يخلط بين مريم الخواجة وزينب الخواجة، ويطلب من زينب أن تتوب وتتراجع، ولا يقرأ ما كتبه عنها الصحافي كرستوفر الذي يشيد هو بمهنيته ودقته: «في زيارتي الأخيرة إلى البحرين، كتبت لمحة مختصرة عن زينب الخواجة، وهي امرأة حيوية شابة تجيد اللغة الإنكليزية وقد درست لمهاتما غاندي والقس الدكتور مارتن لوثر كينغ جونيور وتحاول تطبيق أساليبهم».
كريستوف، الذي وصفته أنت بأنه موضوعي وخبير، كتب بجرأته ومسؤوليته رسائل لملك البحرين، يواجهه بالحقيقة التي يسعى لكشفها كل صحافي مهني، فمنع من دخول البحرين. وأنت تكتب عن رموز الفساد بالبحرين وتمجدهم وتقف ذليلاً في الصف، منتظراً دورك ليسمحوا لك بالسلام عليهم، قبل أن يدفعوا لك أثمان ما تكتبه عنهم من تدبيجات.
الحكومة البحرينية لم تقرّ بأي وجود أمني للدرك الأردني رغم فضيحة تسريب قائمة 499 دركياً أردنياً من قبل صحيفة «مرآة البحرين»، وقد أنّبت الحكومة وزيرة الإعلام سميرة رجب بعد تصريحها بوجود درك أردني لمهمات أمنية. والخازن يدافع عنها ويقول: «كل مَنْ يهاجم سميرة رجب يدين نفسه ولا يدينها.
هي سيدة فاضلة وطنية مثقفة»، لكنه على حين غفلة يورطها ويثبت ما تتهرب الحكومة من الاعتراف به: «أعرف أن هناك وجوداً أردنياً بعضه أمني في البحرين. ولي علاقة بالوضع من متابعتي له مع الملك عبدالله الثاني وحكومته، والملك حمد بن عيسى وحكومته».
يخرج الصحافيون من البلدان المأزومة بحصيلة تحقيقات ترفع من رصيدهم المهني، ويخرج جهاد الخازن بخزائن ترفع من رصيده البنكي.
إنك لا تجد في وطني غير أنه خزانة خليجية يمكنك أن تستثمر فيها، بل إنك لم تكتف بذلك، فرحت تستثمر معرفتك الشخصية وعلاقاتك العامة لتقريب معارفك العائلية، ليرثوا مهنتك.
* كاتب بحريني