«لن نترك موقوفينا لدى السلطة». تحت هذا الشعار، تحرّكت مجموعات الحراك المدني، أمس، للمطالبة بإخلاء سبيل المتظاهرين المحتجزين، مستنكرين محاكمهتم «عسكرياً» ورافضين أسلوب «الحكم الأزعر»، أمام وزارة الداخلية والبلديات وأمام قصر العدل في الجديدة، حيث أُوقف عدد من المتظاهرين هناك.
لم يختلف مشهد الاحتجاج أمام وزارة الداخلية عن بقية التحركات التي نُظمت خلال الفترة السابقة أمام الوزارة نفسها، التي باتت «رمزاً» للمطالبة بإفراج الموقوفين ولاستنكار الأسلوب الأمني التعسفي.
قرابة الساعة السابعة مساءً، قطع المتظاهرون الطريق أمام وزارة الداخلية، وبقوا على هذه الطريق حتى الساعة العاشرة، فيما ذهب قسم منهم للانضمام إلى اعتصام أهالي الموقوفين في الجديدة. استنكار المشاركين لقرار إحالة المتظاهرين المحتجزين «جماعياً» على المحكمة العسكرية كان واضحاً، إذ ثمة إجماعاً على رفض محاكمة المحتجزين أمام المحكمة العسكرية «التي لا ثقة بها»، على حد تعبير لجنة المحامين الموكلة الدفاع عن المتظاهرين. الإصرار على تحويل المشاركين والموقوفين إلى القضاء العسكري يندرج ضمن «أساليب الترهيب الذي تُمارسه السلطة»، وفق ما يقول الأمين العام لاتحاد الشباب الديمقراطي عمر ديب، لافتاً إلى أن الأولوية تعود إلى إخلاء سبيل الموقوفين.
وعلى الرغم من أن القناعة السائدة بأن الاحتجاز العشوائي والعبثي الذي حصل، أول من أمس، وما سبقه خلال التظاهرات الماضية، ليس إلا وسيلة قمع وتخويف، إلا أن ناشطي الحراك يرون أنه يُساعد في زيادة الزخم للتحركات المقبلة. يقول المحامي نزار صاغية إن أكثر التظاهرات التي شهدت حشوداً غفيرة هي تلك التي سبقتها محاولات قمع «كتظاهرة 29 آب التي كانت مهيبة»، لافتاً إلى وجوب استمرار خطاب يستهوي الشعب.
كلام صاغية يتوافق وما يقوله الناشط في حملة «بدنا نحاسب» أحمد ضاهر بشأن «دور العنف في دعم الحشد»، لافتاً إلى القمع المبالغ فيه الذي حصل والذي كان ممنهجاً. معظم المجموعات ترى أنه كان هناك قرار سياسي باستخدام العنف الممنهج إزاء المتظاهرين. من هنا كانت «رمزية» وزارة الداخلية، «المسؤولة عن ذاك العنف». يستذكر الناشطون أحداث العنف التي حصلت يوم 22 آب، وكيف أكد حينها وزير الداخلية نهاد المشنوق أن «لا علاقة له بالأوامر التي أُطلقت وقال إنه لن يرضى به، وأعلن نيته محاسبة المتورطين»، يقول ضاهر: «الا أن نتائج التحقيقات المُعلنة وما لحقها من قمع آخر، لم تكن سوى إثبات لإصرار الوزير المشنوق نفسه على انتهاج العنف سبيلاً، وبالتالي محاسبة المتورطين، تكمن، في المطالبة باستقالة المشنوق نفسه».