يأتي غسان سحاب من عائلة موسيقية شجعته على التوجه الى التخصص في الموسيقى بعد انتهاء تعليمه المدرسي. لم يكن فرضاً بل دعماً، بما أنّ سحاب كان يرغب أيضاً في اتخاذ هذا الاتجاه، وكان قد بدأ منذ عمر صغير العزف على آلة القانون. بعد إعداد استغرق نحو ست سنوات، قدّم ألبومه الاول «شرقي» العام الماضي.
عندما بدأت عملية التأليف، كانت مجرّد أفكار، تحوّلت الى مقطوعات. بدءاً من عام 2012، راح يعمل على القطع الموجودة في الاسطوانة حتى انتهى منها عام 2014. وبدعم من جمعية «آفاق»، أمضى سنتين ونصف السنة تقريباً في تنفيذ الاسطوانة.
حول هذا العمل، يشرح سحاب في حديث مع «الأخبار»، أنه انطلق من البحث في التعليم في الموسيقى لإنجازه، مضيفاً: «أدركت أنّ هناك حاجة الى هذا النوع من الأعمال. ففي السوق، الموسيقى المشرقية الأصيلة غائبة، والكلّ متوجه نحو المزيج والغربي. حتى في ما يتعلق بالآلات الشرقية، لا أرى أن عزف باخ على آلة القانون مثلاً، أمر لافت ويدلّ على قوة ما. هو ليس الاتجاه الذي أريده. لذا أسسنا أنا وأريج أبو حرب في هذا الصدد جمعية اسمها «مِعزَف»، تُعنى بمقاربة بحثية للموسيقى الاصيلة للمشرق. ننظم مهرجان موسيقى أصيلة للطلاب، وأنا أشرف عليه فنياً. نريد المساهمة في تشجيع جيل جديد على تقديم هذه الموسيقى من دون أن يشعر أنه ليس من مكان لعزفها، أو أن الجمهور لن يتقبلها. هذا هو تقليدنا الموسيقي».

الموسيقيون الذي يختارون المزيج، لم يتعمقوا فعلاً في الشرقي


لا يخفي سحّب امتعاضه من بعض التجارب الحالية في مجال الموسيقى الـ «فيوجن». الانتقاد لا يشمل المضمون بقدر ما يتعلق بالتربية الموسيقية. ففي نظره، «هناك عقدة نقص أو نظرة دونية تجاه الغرب. الموسيقيون الذي يختارون المزيج، لم يتعمقوا فعلاً في الشرقي. لا يعرفون موسيقاهم الأم. من الضروري أن يدرس المرء تاريخه الموسيقي جيداً ويتمرس به. أميل الى الموسيقى التجريبية أحياناً كما قد ألجأ الى المزيج. ولكن عندما أعمل على مشروعي، أختار حتماً الموسيقى المشرقية التي تنتمي الى لغتنا الموسيقية من دون مزيج. المشكلة أنه ليست هناك معرفة فعلية بتاريخنا الموسيقى. البعض ينظر الى الآلات الغربية على أنها أجمل. وهو أمر يشعرني بالأسف لأنه غير صحيح».
يرافق سحاب (قانون) في الأمسية التي يقدمها الليلة في «الجامعة اللبنانية الاميركية» كل من عماد حشيشو (عود)، وخليل البابا (كمان)، وطوني حواط (تشيلو)، وعلي الحوت (إيقاعات). إضافة الى مقطوعات الألبوم، أعدّ الموسيقي كذلك مقطوعتين غير موجودتين في العمل. إحداهما سبق أن عزفها في حفلتين سابقتين. كما أن هناك قطعاً أخرى تنتمي الى وصلة جديدة. يشرح سحاب أنه يعمل على الوصلات، وكل منها تتعلق بمقام. «هذه هي موسيقانا التقليدية. تسهم في خلق سلطنة بين العازفين، وننقل ذلك الى الجمهور ليُطرَب. نحتاج الى بناء، لذا قد تطول هذه الوصلة لأكثر من ربع ساعة من أجل تطوير البناء. القطع الجديدة من مقام جديد، مقام الصبا، والبقية من المقامات التي سبق أن قدمتها في الاسطوانة. أضفت أيضاً قطعاً جديدة الى وصلة». هذا من دون أن ننسى الارتجالات التي ترتكز إليها بكثرة الموسيقى التقليدية. ففي العرض أنواع الارتجال الثلاثة موجودة، من تنويع أو تحليات على اللحن، الى التقاسيم والمجاوبة بين أحد العازفين وبقية الفرقة.

حفلة «شرقي وبعضٌ من الصبا»: 20:00 مساء اليوم ـــ «مسرح ايروين»، «الجامعة اللبنانية الأميركية LAU» ــــ الدخول مجاني