في الأيَام الماضية، كان موقفُ «حملةِ مقاطعةِ داعمي «إسرائيل» في لبنان»، مع هيئة ممثّلي الأسرى والمحررين، وأنصارِ مقاطعةِ الكيان الإسرائيلي حافزاً لسجالٍ ثقافيٍّ يؤكّد على أنّ مناهضة التطبيع الثقافيّ جزءٌ لا يتجزّأ من المشهد الثقافي اللبناني، بل وفي صلبِه، في مواجهةِ التيار الثقافي المهيمن والمهادن. افتتحت حملتُنا معركتَها هذه بإصدار بيانٍ نشر في جريدةِ «الأخبار» التي خصّصت ملفّاً للحديث عن مسرحيّة وجدي معوّض «وليمة عرس عند رجال الكهف». وقد أوضحَتْ حملتُنا في بيانِها السبب الحقيقي للدعوة إلى مقاطعةِ المسرحيّةِ، بل الدعوة إلى منع عرضِها استناداً إلى القانون اللبنانيّ، بالتّقدم بإخبارٍ إلى الجهات الرسميّة المعنيّة. أَتبعت الحملةُ هذا البيانَ بتوضيحاتٍ اقتضَتها بعض المواقفِ الشجاعة من قبيل موقفِ جمعيّة «السبيل»، وبمنشوراتٍ على صفحاتِها المخصّصة للتواصل الاجتماعي، ومقابلاتِها مع وسائل الإعلام اللبنانية. ولم تَألُ الحملةُ جهداً في التواصل مع الجهةِ المسؤولةِ عن تنظيمِ العرض وهي مسرح «لو مونو» والفنّانين المشاركين في المسرحيّة، بمشاركةِ نصّ بيانِها معهم. حظرَ المشرفون على صفحةِ «لو مونو» حسابَ الحملةِ من التعليق، وتفاعلَ بعضُ الفنانين المشاركين مع إرسالِ الحملةِ بيانها على أرقامهم على تطبيق «واتس آب» بمجاملات لطيفة، وكانَ همّنا التأكّد من أخذهم علماً بدعوتنا إلى مقاطعةِ هذه المسرحيّة، ولفتُ النظر إلى الجانبِ القانوني من المسألة، على أملِ اقتناعِهم بالانسحاب.ثم كانَ أن أعلَنت الجهةُ المنظّمة في 10 نيسان (أبريل) عن إلغاءَ عروض المسرحيّة، زاعمةً أنّها، وكذلك بعض الممثّلين والتقنيين، تعرّضَت لضغوط غيرِ مقبولةٍ ولتهديداتٍ جدّية. يهمّنا أن نكرّر أنّ كلّ تواصلٍ بين حملتِنا والجهةِ المنظّمة وبعضِ الممثّلين اقتصرَ على إرسالِ بيانِ الحملةِ لهم، من دون تهديدٍ أو تلميحٍ أو اتّهام. وإن كانت الجهةُ المنظّمة تقصدُ حملتنا بكلامها، فلتثبِتْ هذا بالدليل لا بمجرّد الكلام. وبأيّ حال، لا نزالُ نحتفظُ بالمحادثاتِ التي جرَتَ بيننا وبين الممثّلين ولا مانع لدينا من إبرازِها للجهاتِ المختصّة عند الضرورة.
وماذا بعد؟ بعد الإعلانِ عن إلغاءِ عروضِ المسرحيّة، تستكملُ الحملةُ سجالَها حولَ التّطبيعِ الثّقافيّ بالتّوسع في بعضِ المفاهيم، وشرحِ بعض المبادئِ التي تستندُ إليها في عملِها ودعوتِها إلى المقاطعةِ و/أو المنعِ القانوني. ومن نافِلِ القول إنّ الحملة لا تتوسّلُ غيرَ هاتين الوسيلتين: قوّة الكلمة، والقانونَ اللبنانيّ، لا قوّة المالِ، أو شبكة العلاقاتِ الزبائنيّة مع السياسيّين أو مع الأجهزة الأمنيّة كما تفعل كثير من وسائل الإعلام، ولا البلطجة.

بين التطبيع والعمالة والمقاطعة
تتبنّى حملتُنا ما جاءَ في القانونِ اللبناني من تعريفاتٍ وتوصيفاتٍ مثل التخابرِ مع العدوّ، والإتجارِ معه، وكلّ ما يمتّ بصلةٍ إلى العمالةِ معه، لكنّها تقترح تعريفاً للتطبيع نظراً إلى غيابِ أيّ تعريفٍ قانونيّ له في القانونِ اللبناني، بما في ذلك قانون مقاطعة «إسرائيل». وتعريفنا للتطبيع منشور في وثيقة الحملة/ السؤال رقم 15، وهو يستند إلى فكرةٍ مفادُها أنّ الكيانَ الإسرائيليّ ليسَ كياناً شرعيّاً، ولا يمكنُ اعتباره «طبيعيّاً» ولا التعامل معه «طبيعياً»، ولا التطبيع معه.
وعليه، من الساقط منطقيّاً اعتبارُ كلِّ مطبِّع عميلاً، وإن تعمّدت بعضُ الجهاتِ الخلطَ بين العمالةِ والتّطبيع بما يخدمُ مصالحَها في تمييع التطبيع وحمايةِ المطبّعين. وليس في أدبيّاتنا في حملةِ المقاطعة أيّ استسهالٍ في إطلاق صفةِ التطبيع أو المطبّعِ كيفما اتّفق، ونادرةٌ هي الحالاتُ التي لم نجد فيها بدّاً من إطلاقِ هذه الصّفة، كما في حالةِ المخرج زياد دويري، والمخرج وجدي معوض.
وغريبةٌ هي ردّة فعلِ المطبّعين والمدافعين عنهم! مثلاً إذا لم يجِدْ أحدُ الفنّانين حرجاً في إقامةِ حفلة في الكيانِ الإسرائيلي، وهذا تطبيعٌ فاضحٌ، بل يدافع عن فعلته، فلماذا يجدُ حرَجاً في وصفِ فعلته هذه بالتطبيع؟ بمعنى أنَّ الذي لا يقيمُ وزناً لفعلِ التطبيع، يعترضُ في الوقتِ عينِه على نعتِه باستخدام لفظ التطبيع؟
وربّ مُجادِلٍ بأنْ لا إجماعَ على تعريفِ التطبيع، وقد يختلفُ تعريفُ حملتِنا عن تعريفاتٍ أخرى للتطبيع. هذا صحيحٌ، ونتفهّم هذا الاختلافَ ونعرف أسبابَه. ولهذا، فلنضع رأيَ حملتِنا جانباً لبعض الوقت، ولنعتبِرْ أنّ وجدي معوّض لم يكن يوماً من الأيام لبنانيّاً، بل ولد وعاشَ في الغرب. إذا كيف يمكنُ الدعوة إلى مقاطعته؟
في عام 2005، شارك أكثرُ من 170 جسماً من اتحاداتٍ شعبيّة ونقاباتٍ وأحزابٍ ولجان ومؤسّسات أهليّةٍ فلسطينيّةٍ في إطلاقِ النداءِ التاريخيّ لمقاطعةِ «إسرائيل»، وكان هذا وراءَ نشوءِ حركة BDS العالميّة التي تدعو إلى مقاطعةِ كلّ فنانٍّ أيّاً تكن جنسيّته، ويقبلُ دعماً ماليّاً رسمياً من الكيانِ الإسرائيلي. ولهذا دعت حركةُ BDS إلى مقاطعةِ مسرحيّة وجدي معوض «الكلّ عصافير» وبعثت إليه رسالةً واضحةً شرحت فيها الأسبابَ الموجبةَ لمقاطعةِ المسرحيّة حين أُعلنَ عن عرضِها في مدينة جنيف السويسريّة.

أكذوبة فصلِ الفن عن السياسة
هناكَ من يرى أنّ الفنّ، والثقافة، والرياضة، والأكاديميا يجبُ أن تظلّ منفصلةً عن السياسة. لسنَا هنا بصددِ انتقادِ هذا الرأي الذي نخالف، متى ما كانَ صادراً عن أشخاصٍ عاديّين، لا شأنَ لهم بالسياسة لا من قريبٍ ولا من بعيد، وليسوا في موقعِ قرارٍ أو تأثيرٍ في الميادينِ المذكورة. لكننا بالتأكيد لن نفوّتَ فرصةً للمساجلةِ بأنّ هذا الرأي هو رأيٌ في عينِ السياسةِ، بل هو تضليلٌ سياسيّ، متى كانَ صادراً عن مسؤولينَ سياسييّن، أو أشخاصٍ في موقعِ القرارِ، أو مؤثّرين في الفن، والثقافة، والرياضة، والأكاديميا. ألم يصرّح الرئيس الإسرائيلي السابق رؤوفين ريفلين بأنّ «المؤسّسات الثقافيّة تشكّل واجهةً تعرض إسرائيل عبرها صورةً ديموقراطيّة وليبراليّة ونقديّة لذاتها»؟
ولطالما استخدم الكيان الإسرئيليّ الفنّ والثقافةَ والأكاديميا لخدمةِ مشروعِه الصهيونيّ الاستيطانيّ العنصري، وتلميعِ صورته القبيحة: من حملاتِ الترويج المدفوعةِ التي يُغوي فيها بعضَ الممثّلين العالميّين، والحفلاتِ «الخيرية» لجمعيّة FIDF التي تجمعُ التبرعات للجيشِ الإسرائيلي بمشاركةِ نجوم هوليوود، وتوظيفِ «الجمال» الإسرائيلي، والفنّانين الإسرائيليين أمثال غال غادو في خدمةِ الجيش. أمّا عن الأكاديميا، فالجامعاتُ ومراكزُ الأبحاثِ وشركاتُ التكنولوجيا الإسرائيليّة موغلةٌ في تورّطها وتشابكِها مع آلةِ الحربِ الإسرائيلية.
هل يغيبُ عن ذهنِ المنادينَ بفصل الفن وغيرِه عن السياسة منعُ كثيرٍ من الدول كتباً، وعروضاً مسرحية وأفلاماً ومحاكمة بعض الكتّاب والفنّانين؟ وهنا لا نقصدُ حصراً دولَ ما يسمى عالم الجنوب، بل نقصد دولاً تضربُ نخبُنا المزيّفة المثَلَ في ديموقراطيّاتها، وحريّاتها، ومؤسّساتها، وتغضُّ النظرَ عن نفاقِها وازدواجيّة معاييرِها، وتغليب السياسي المصلحيّ فيها على أي شيءٍ آخر. وعلى أبوابِ الألعابِ الأولمبيّة التي ستقامُ في باريس بعد أشهر، نستحضرُ قرارَ اللجنة الأولمبية الدولية بمقاطعةِ روسيا، فهل قرّرت اللجنةُ الأولمبيّة هذا لأسبابٍ رياضيّة أم سياسيّة؟ ولماذا لم يفوِّت الاتحاد الأوروبي لكرة القدم فرصةً لرفعِ علمِ أوكرانيا في مناسباتٍ يفترضُ لنا أن نصدّق أنها محضُ رياضيّة؟ وماذا عن السُّعار المستمرّ بعد السابع من أكتوبر 2023؟ من عنفٍ فكريّ، وإعلاميّ، وبوليسيّ، وخنقٍ للحريات، إلى حدّ منع العلمِ الفلسطينيّ، والكوفيّة والتظاهرات، وإلغاء تكريمِ الكاتبةِ الفلسطينيّة عدنية شبلي في «معرضِ فرانكفورت للكتاب»، وحديثاً منع الطبيب الفلسطينيّ غسّان أبو ستّة، وهو عميدُ «جامعةِ غلاسكو» الاسكتلنديّة، من دخولِ ألمانيا، وإطلاقُ تهمةِ معاداةِ السّاميّة جزافاً على المثقّفين والإعلاميّين الذين يغرّدون خارج السرب. حتى مسرحيّة وجدي معوّض، التي سبقَ أن عرضَها في تل أبيب، لم تسلمْ من إلغاء عرضِها في ألمانيا بتهمةِ محتوى معادٍ للسّامية أطلقها بعض الطلبة اليهود في ألمانيا.
الخلاصة أنّ كلّ فنٍّ، وثقافةٍ، ورياضةٍ، وأكاديميا تدور بالضرورة في الفلكِ السياسي، وهي عرضةٌ لتأثيره والتّأثير فيه، هذا إذا لم تكنْ صنيعته أصلاً.
وللمفارقة، فإنّ وجدي معوض في مقابلته قبل أيّام مع راديو «فرانس انتر» الفرنسيّ بدأَ كلامَه بأنّ المسرح يولد من رحم السياسة! فليكن إذاً مسؤولاً عن أعماله الفنية في بُعدها السياسي، وعن قرارِه الواعي بالتطبيع، عبر التعامل مع ممثلين إسرائيليين، وعرض مسرحيته في تل أبيب، وقبول رعاية ودعمٍ مادي من السفارة الإسرائيلية.
واللافتُ أن عروضَ هذه المسرحيّة جاءَت ضمن موسِم فرنسا/ إسرائيل 2018 الذي رعاه رسميّاً الجانبانِ الفرنسي والإسرائيلي، ودعا إلى مقاطعتِه أكثرُ من 80 مسرحيّاً وكاتباً ومخرجاً وفنّاناً فرنسياً بينهم آني أرنو التي حصلت عام 2022 على جائزة «نوبل» للآداب. وقد جاهرَ هؤلاءِ الشجعانُ بتضامنِهم مع فلسطين، ورفضِهم بأن يُستخدموا كواجهةٍ ثقافيّة يستفيد منها الكيان الإسرائيلي. كما وقّعَ عشراتُ الأساتذةِ الجامعييّن والباحثين والمثقّفين والصحافيّين رسالةً موجّهةً إلى رئيسِ الجمهوريّة الفرنسيّة، تطالبُ بإلغاءِ هذا الموسمِ، وخصوصاً بعد الجرائمِ الإسرائيليّة خلالَ مسيرةِ العودةِ عام 2018. كلّ هذا، ووجدي المعوض «الشّجاع»، والمهجوسِ بالأسئلة الصعبة، أصرّ على المشاركة.

في رفض الشيطنة
نقولُ بوضوحٍ، نرفضُ شيطنَة وجدي معوّض كمقدمةٍ لمقاطعتِه ومنعِ مسرحيّته، ولا نتّهمُه بالعمالة، ولدينا ما يكفي من الحججِ لنقول إنه مطبّع، وإنّه لم يكترِث لكلّ الأصواتِ التي اعترضت على تطبيعِه، وإنّه استسهلَ تمثيلَ دورِ الضحيّة، وبالتالي نعتبرُ إلغاءَ عرضِ مسرحيّته الجديدة تثميناً لجهودِنا وجهودِ غيرِنا، وفرصةً له كي يراجعَ نفسَه.
مشكلتُنا ليست بالضّرورة مع مواد أعمالِ المطبّعين، ومشكلتُنا ليست مع كلّ مواقفِ وجدي معوّض من الكيانِ الإسرائيليّ، بل مع بعض أفعالِه التي نذكّر بها: قبولُ الدعم والرعايةِ الرسميّين من «إسرائيل»، وإشراكُ ممثّلين إسرائيليّين في مسرحيّته، إذ هو بهذا يتصرّف باعتبارِ الكيانِ الإسرائيليّ كياناً طبيعيّاً وشرعيّاً، وهذا هو التطبيع. هل هو ساذجٌ إلى حدّ أن يجهلَ أنّ هذه الأفعال تسهمُ في تلميعِ صورةِ الاحتلال وكسرِ عزلته؟
لن نتوسّع في تحليلِ مواقفِ وجدي معوّض السياسيّة المباشِرة، وتجلّيها في مسرحيّاته، فلسنا نقاداً مسرحيّين، ولسنَا جهازَ رقابةٍ على مواد الأعمال الفنية، ولن نفعل كما فعلت بعضُ الجهاتِ الألمانيّة التي نجحت في إلغاءِ عرضِ مسرحيّة لهُ بسبب مزاعمَ حولَ محتواها. لكن كي لا نغمِطَ وجدي معوّض حقّه، لا نُنكِر أنّ له مواقفَ في إدانةِ حكومةِ اليمينِ المتطرّف الإسرائيلية، ورئيسَ الحكومةِ بنيامين نتنياهو، وحتى تواطؤَ الرئيس الأميركي جو بايدن. لكنّنا نلحظُ من جانبٍ آخر أنه لا يفوّت فرصة لـ «تلطيف» كلامه عبر إدانة بوتين، والرئيس الصيني، ولو من دون سياق، بينما لا يتفوّه بكلمةٍ حول النفاقِ الرسمي الألماني، أو الفرنسي، وازدواجيّة المعاييرِ في التعاطي مع الحربِ الروسية على أوكرانيا، والحربِ الإسرائيلية على غزّة، ولا يدينُ إرسالَ كثيرٍ من الدول الأوروبيّة أسلحةً إلى الجيشِ الإسرائيلي، في عهدِ الحكومةِ الإسرائيلية المتطرّفة عينِها التي يدينها. أي جرأةٍ هذه؟ وأي اتساقٍ في المعايير؟ كما كان لافتاً في مقالٍ لهُ في صحيفةِ «ليبراسيون» بعد السابع من أكتوبر 2023 مبالغتُه في شيطنةِ «حماس»، واعتبارُ اليهود مهدّدين، فيما يعلمُ جيّداً تفوّق آلةِ الحربِ الصهيونيّة، ووحشيّتها، واحتكار الكيان الإسرائيليّ التحدّث باسم يهودِ العالمِ، رغمَ اعتراضِ بعضِهم على جرائِمه وإدانتِهم لهُ من منطلقاتٍ عقائدّية يهوديّة، أو من منطلقاتٍ حقوقيّة وإنسانيّة وسياسيّة.
لماذا لا تكونُ مثل بعض هؤلاءِ اليهودِ الشّجعان، فتكتبَ مقالة لإدانةِ جريمةِ الإبادة الإسرائيليّة؟


وهنا نسألُ وجدي معوّض: لماذا لا تكونُ مثل بعضِ هؤلاءِ اليهودِ الشّجعان، فتكتبَ مقالةً مخصّصةً لإدانةِ جريمةِ الإبادة الإسرائيليّة؟ ولماذا لا تقاطعُ الكيانَ الإسرائيليّ، وقد فعلَ هذا إيتاي تيران قبل سنوات، وهو أحد أشهرِ الممثّلين المسرحيّين والمخرجين الإسرائيليّين؟ وكما فعلَ هذا كثيرٌ من المثقّفين والفنّانين العالميّين، ومن أبرزهم بيتر بروك الذي رفضَ إقامة مسرحيّته في مسرح «كاميري» في تل أبيب، وهو المسرحِ عينِه الذي أقمتَ مسرحيّتك فيه، وتياغو رودريغز مدير المسرحِ الوطنيّ في لشبونة الذي يؤيّد الضغطَ على الكيانِ الإسرائيليّ عن طريقِ المقاطعة، كما حصلَ في جنوب أفريقيا. ونستكملُ أسئلتنا لوجدي معوض: هل تنحصرُ مشكلتُك مع الكيانِ الإسرائيليّ في تطرّف حكومته؟ ورئيسِها؟ مثلما يمكنُ لأيّ شخصٍ أن يكونَ لديهِ مشكلة مع أي حكومةٍ تنحو منحى التطرّف، في أيّ دولة شرعيّة؟ هل تكِنّ عداء لهذا الكيان، وجيشه المجرم، ومؤسساته المتواطئة مع آلة الحرب والإبادة؟
أنت حرٌّ في مواقفِك وللناسِ الحقُّ في الاعتراض عليها بكل الوسائِل السلميّة. لا تستطيعُ أن تمنعَ مساءَلة الناسِ لك ودعوتِهم إلى مقاطعتِك، ولا أن تتجاهَل قانون بلدٍ لا زلت تحملُ جنسيّته. تريدُ أن تقدّم عروضاً في لبنان الذي يتعرّض جزءٌ منه لقصفٍ إسرائيليّ، ولا تبالي بأصواتِ المعترضين على تقديمِ مسرحيّتك في تل أبيب، وعلى تمويل جهة رسميّة إسرائيلية لمسرحيتك... هل هذه هي الجرأة؟ كلّنا طيور... فلتُحسن اختيارَ سربِك، أو فلتُغرّد حقاً خارجَ السرب!